مجتمع

المعاش الاستثنائي لبنكيران يقسم المغاربة بين مؤيد ومعارض

أثار إقرار رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران، باستفادته من معاش استثنائي من طرف الملك محمد السادس، جدلا واسعا بين السياسيين والإعلاميين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بين من اعتبره “حقا مشروعا لرئيس حكومة زاهد في المناصب والثروة”، وبين ما ألقى باللائمة عليه “بعد أن اقتطعت حكومته من رواتب عشرات الآلاف من الأساتذة بدافع الإصلاح”.

جاء ذلك بعدما كشف الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، خلال بث مباشر للقاء مع أعضاء من شبيبة حزبه، الإثنين المنصرم، أنه مرَّ مؤخرا بضائقة مالية، علم بها عدد من قادة حزبه، ليصل الخبر في النهاية إلى الملك الذي تدخل في القضية، لافتا إلى أن قرار المعاش الاستثنائي الذي يستفيد منه جاء بقرار من الملك الذي أرسل مستشاره فؤاد علي الهمة لإخبار ابن كيران بالقرار.

وتباينت ردود أفعال النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بين من هاجم ابن كيران بسبب قيمة المعاش الاستثنائي الذي رجح البعض أنه يبلغ 9 ملايين سنتيم، فيما قال آخرون إنه يصل إلى 7 ملايين، دون أن يكشف بنكيران عن قيمة معاشه، معتبرين “استفادة زعيم المصباح السابق من هذا المبلغ الضخم، يعاكس ما كان يقوله ويدافع عنه حين كان رئيسا للحكومة، ويضرب في صميم المبادئ التي كان يدعوا لها”.

غير أن نشطاء آخرين، شددوا على أن المعاش الاستثنائي يبقى قرارا خاصة للملك هو الذي يحدد المستفيدين منه، مشيرين إلى أنه من غير اللائق وغير أخلاقي رفض قرار ملكي من طرف شخصية سياسية لها وزنها في البلد من قبيل ابن كيران، كما هو الحال مع الوزير الأول السابق عبد الرحمان اليوسفي الذي منحه الملك بدوره معاشا استثنائيا، خاصة وأن ابن كيران أكد أنه لم يكن يرضى طلب معاش وأنه كان يفكر في العمل، قبل تدخل الملك.

“معاش ضخم”

المحلل السياسي عمر الشرقاوي، قال: “يحاسبوننا على انتقاد حصول رئيس الحكومة على معاش استثنائي، فكيف لنا ألا ننتقد سياسي اقتطع من أجور الموظفين المضربين بحجة الأجر مقابل العمل، ورفع اقتطاع تقاعد الموظفين لينالوا عائدات أقل خلال أرذل العمر، ورفض الزيادة في الأجور بحجة الضائقة المالية، ورفع يد الدولة عن دعم المازوط بدرهمين لليتر وأهدى المواطنين لشركات المحروقات تفعل بنا ما تشاء”.

وأضاف الشرقاوي في تدوينة له، إن ابن كيران “رفض نقل موظفين من سلم 9 إلى 10، ورفض تطبيق مرسوم توظيف محضر يوليوز وقعه وزير إول بحجة الانتهاء من التوظيف المباشر، ومنع الجمع بين استفادة الأرملة من تعويض دعم اليتيم بـ350 درهم وبرنامج تسير بـ120 درهم، وسمح للسياسيين بجمع ثلاث تعويضات بالملايين، مالكم كيف تحكمون؟”.

الكاتب والباحث يحيى اليحياوي، شدد على أنه لا اعتراض ولا تعليق لديه بخصوص المعاش الاستثنائي لابن كيران لأنه “تقدير من جلالة الملك”، مستدركا بالقول: “لكن دعوني أتساءل: الرجل قضى ردحا من الزمن برلمانيا، ثم رئيسا للحكومة، ولديه مدارس خاصة ونصيب من رأسمال مطبعة، و”ساكن بلاش” فضلا عن ذلك، أي كانت لديه مصادر دخل متعددة ومعتبرة، ومع ذلك لم يدخر قرشا واحدا يعيل به عائلته، كيف لرجل عجز عن ادخار ما يسد به رمق أبنائه أن يدخر ليطعم 35 مليونا من البشر، كيف كان يدبر مالية البلد؟ كيف كان يؤشر على أوامر الصرف؟ نحمد الله أنه ذهب”.

الناشط عبد الصمد بنعباد اعتبر أن “النكتة في تقاعد بنكيران، هي أن البيجيدي عندو 3 مليار باش يبني مقر جديد، وماعندوش باش “يستر” أمين عام عندو أفضال على أحسن واحد فيهم”، مردفا بالقول: “9 مليون ـ إذا صحت ـ بزاااااف الفقيه.. يمكنك العيش بـ 4 معززا مكرما.. والبقية أرجعها، وإن منعك الأدب، تصدق بها عن الملك وعن أصحاب المال الأصليين، والله أعلم”، فيما كتب عبد الرحيم الفح: “بنكيران بعد معاش استثنائي 9 ملايين شهريا يقول عن وضعه المادي إنه دون البغل وفوق الحمار، فما هو الوضع المادي للجياع في جبال الأطلس”.

الصحافي محمد أحداد، علق على الموضوع بالقول: “الملك أعطى ابن كيران معاشا استثنائيا فيه تسعة ملايين، الله يربحو، لكن والدي أيضا يجب أن يحصل على معاش استثنائي أو على ضعفه على الأقل، لأن ابن كيران لديه مدرسة خاصة وفيلا صغيرة بحي الليمون وسط العاصمة وتقاعد وزاري يسد بها تكاليف الحياة..وكان رئيسا للحكومة وعاش حياة الرفاهية في حدها الأدنى، بصحتو أيضا”.

وأضاف: “ماذا عن والدي، عمل 15 سنة في ميناء الحسيمة في شركات التبريد حتى تسرب البرد إلى مسامه واشتغل صباغا يرمم المراكب مع العشرات من أبناء المدينة ثم يشتغل الآن حارس عين، وليس في سجل تصريحه في صندوق التقاعد سوى 3 سنوات، وللصدف أني قبل أيام فقط كنت أسأل عن سجله، لقد وجدت أنه سيستفيد من معاش ينهي كفاحه في الحياة مقداره: 0 درهم، نعم 0 درهم، ثم في الأخير يقول لنا بعض البواجدة إننا نزايد عليهم ويبررون ثم يبررون ما لا يبرر، ويقولون: لم لا تتحدثون عن أخنوش، لقد تحدثنا عن أخنوش وغير أخنوش لكن سنتحدث عنكم أيضا”.

بدوره، أشار سامي أبو زيان، إلى أن الزيارات التنظيمية لابن  كيران بمنزله، والوفود التي يستقبلها بصفته أمين عام سابق للحزب، وما يحتاج ذلك من مصاريف مالية مهمة، ونظرا لوضعيته الاجتماعية التي تأزمت مؤخرا، كل هذا كان كفيلا لتخصص له الأمانة العامة مبلغا ماليا ليعيش به، ويكون سباقا للمبادرة الملكية، ويسد الباب حول تقاعده الاستثنائي المثيل للجدل”.

“رجل استثنائي”

بالمقابل، خرجت سمية ابن كيران، نجلة رئيس الحكومة السابق، للدفاع عن والدها، معتبرة أن الملك محمد السادس “كان أرفق بوالدها من إخوته، والذي ما فتئ يكرمه بطيب القول وحسن الوصل”، مشيرة إلى أن ابن كيران قرر أن لا يرد هدية الملك، مضيفة أن “من أطلق مبلغ 9 ملايين وصدقه هو أفاك كاذب، لأنه حسب علمي البسيط، وإن كنت غير ملمة بالتفاصيل، فليس هو كذلك، بل أقل، ولم يمض على مدة تقريره أكثر من 3 أشهر”.

وأوضحت في تدوينة لها، أن والدها “لم يطلب يوما معاشا أو تقاعدا أو راتبا، بل زهد في منصبه البرلماني وفي تقاعده الإداري وفي فرص عديدة، وظل لأشهر يعيش ويعيل بيته العامر بفضل الله ببركة من رزق أمي أكرمها الله”، لافتة إلى أنه “لو أراد ملء بيته مالا من قبل رئاسة الحكومة وخلالها وحتى بعدها بالفرص اللامحدودة التي قدمت له ولكن لم تكن تلك يوما غايته.

وتابعت قولها: “عبد الإله ابن كيران فالوقت لي جميع الوزراء داروا ديورهم وتيجمعوا الريال وخوه من الأجرة والتنقلات والامتيازات وزيد وزيد، لا يملك لحد الآن شقة واحدة وقمة فرحه إكرام الناس ومساعدة من أقبل إليه بما استطاع لذلك سبيلا”، مشيرة إلى أنه “ظل يتحمل تبعات رئاسة الحكومة حتى بعد تخليه عنها (هادي بوحدها كافية)، فبيته لا يخلوا من زوار و طالبي حاجة و هذا يتطلب مدخول مادي غير عادي لن تكفيه فيه موارده الخاصة”.

من جانبه، قال الناشط بالبيجيدي حسن حمورو، إن “المثير في موضوع معاش الزعيم الوطني بنكيران، ليس هو استفادته من معاش استثنائي، وإنما هو كيف لرجل حياته كلها سياسة وتصدُّر للشأن العام، أمضى قرابة 20 سنة في مناصب سياسية تتيح بطرق معروفة معلنة وأخرى معروفة غير معلنة، تحصيل الثروة ومراكمتها نقدا وعينا، يجد نفسه في وضعية تتطلب البحث عن عمل”.

وقال في تدوينة له، إن “المغاربة يتابعون سياسييهم ويعرفون من خلال خبرتهم أن بنكيران سياسي استثنائي، وأن استفادته من معاش استثنائي يؤكد استثنائيته في التعامل مع المناصب السياسية ومع المال العام، هذا دون أن يعرفوا الكثير من تفاصيل ما ينفقه بيمناه مما لا تعلمه شماله”، مشيرا إلى أنه يعرف “العشرات استثمروا في السياسة قبل أقل من عشر سنوات، كمنتخبين محليين، بلا كفاءة تذكر، واليوم أصبحوا من الأثرياء”.

وأضاف أنه إذا كانت من إيجابية لخروج بنكيران معلنا استفادته من معاش استثنائي، “فهي أن الجميع داخل حزب العدالة والتنمية وخارجه، تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن جلالة الملك ليس غاضبا عليه، وأن بنكيران لم يكن صداميا مع الملك، بالصورة التي روجها الكثيرون خلال معركة الولاية الثالثة”.

الناشط محمد دانون، اعتبر أن “ما يغيض أعداء بنكيران وخصومه أنهم باعوا مبادئهم ومواقفهم بأقل من معاشه الاستثنائي الذي لم يطلبه أصلا ودونما تنازل عن مواقفه”، فيما كتب محمد بالدوان: “أقسم أن 99 في المائة من الذين يزايدون باستفادة بنكيران من معاش استثنائي، لو قدر لهم ترأس الحكومة لأكلوا للمغاربة الأخضر واليابس، ويزيدو ياخدو معاش استثنائي سمين جدا جدا جدا عن معاش بنكيران”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *