منتدى العمق

الشباب وثقافة الشارع في المجتمع المغربي

تمهيد:

يعيش المغرب اليوم عدد من الظواهر الاجتماعية بمختلف أنواعها سواء كانت إيجابية أو سلبية إلا أن الكثير من الظواهر الاجتماعية الدخيلة التي لم يكن المجتمع يعرفها ولا هي من رحم ثقافته ولا بنيته الفكرية أو المرجعية التي يتبناها فإلى جانب ظواهر البطال والفقر والهشاشة التي تعاني منها شريحة كبيرة من الناس وكذلك وجود بعض الأزمات التي تحاول الدولة أن تعمل على تقليصها والحد منها كظاهرة الإرهاب، والمتاجرة في المخدرات والعنف المدرسي والجامعي نجدها اليوم تعيش على إيقاع انتشار ظواهر اجتماعية أخرى زادت من تفاقم حدة المشاكل والأزمات التي يعاني منها المغرب والتي تتمثل في انتشار ظاهرة التشرميل وكذلك أطفال الشوارع، وممارسة الجنس والشذوذ الجنسي إذ نجد كل هذه المظاهر لها أثر في وجود ظاهرة تتعلق بثقافة الشارع وأثرها على الشباب، إذ يمكن لكل الظواهر التي ذكرناها أن تشكل ثقافة اجتماعية يجسدها الشارع في أبهى حللها مما يؤدي إلى اقتداء الكثير من الشباب بها وانتهاز الفرصة لتفريغ مكبوتاتهم، وتصريف جميع شهواتهم وشحنهم المقموعة.

في ظل كل هذه الظواهر المنتشرة في الشارع نجدها أنها تتخذ نمط ثقافي أثبت وجوده في الساحة الاجتماعية وبالخصوص الشوارع اليت هي فضاء عام يمكن لجميع الشرائح أن تتواجد غيه بما فيها الشباب، ولعل التركيز على فئة الشباب في هذا البحث إنما لأنهم الفئة الأكثر تضررا بنمط الثقافة الموجودة في الشارع هذا من جهة، ولأنهم يشكلون العمود الفقري الذي إذا ضاع شل الجسد الاجتماعي وآل إلى السقوط والإنهيار لذا كان عنوان البحث هو محاول تقديم دراسة لظاهر تأثير ثقافة الشارع على الشباب، وقد علت على دراسة هذا البحث من خلال اعتمادي على التقسيم الاتي:

الفصل الأول: ثقافة الشارع بين الرفض والقبول
الفصل الثاني: مظاهر ثقافة الشارع في سلوك الشباب
الفصل الثالث :أطفال الشوارع مظهر من مظاهر الانحراف
الفصل الرابع :أثارانحراف الشباب في تغير القيم الاجتماعي

ثقافة الشارع بين الرفض والقبول:

كما تقدم في المباحث السابقة أن الفترة المعاصرة تشهد مظاهرا جديدا من المظاهر الاجتماعية المتمثلة في شباب الشوارع أو أطفال الشوارع هذه الفئة التي تحمل قيم ومبادئ ثقافية مأخوذة من تلك المظاهر الاجتماعية المحدودة في فئة معينة تختلف عن الثقافة الجماهرية التي يفرضها المجتمع والدولة من خلال المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، في حين تبقى ثقافة الشارع ثقافة فريدة من نوعها تؤثر وبشكل فعال دون رقابة في كثير من الشاب لدينا بدأت تظهر عليهم أنماط ثقافية غريبة بالنسبة للأسرة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية على اختلافها.
ذلك وقد أعدت مجموعة من الدراسات حول ثقافة الشارع والشباب من بينها دراسة “كوهن” و “باتريكا” وهي دراسة أجريت على سبع دول متفرقة تم انتقائها لتمثل العالم، استهدفت دراسة أوضاع شباب الشوارع خاصة في المدن، ثبت أن لجوء الشباب إلى الشارع أصبحت تمثل ظاهرة في المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء إلى أنها تختلف في دوافعها وأسبابها وتداعيتها من مجتمع لآخر وفقا للخصوصية الاجتماعية والثقافية والقيمية لكل مجتمع.
يقول (بركو مزوز): “لقد أفرزت لنا الساحة الاجتماعية ظاهرة اجتماعية خطيرة جراء التغير الاجتماعي والاقتصادي وحتى الثقافي جعل الكثير من المختصين يدقون ناقوس الخطر لوبائيتها وخطورة تواجدها على الساحة الاجتماعية ويتعلق الأمر بظاهرة أطفال يجوبون الشوارع ويختارونه مكان للعيش والاسترزاق هائمين على وجوههم باحثين عن لقمة العيش وعن مأوى يحميهم برد الشتاء وحرارة الصيف.
وحال جيل الشباب في المجتمعات العربية تعرض لجملة من العوامل الرئيسية التي بدأت تشكل عائق له وخطرا على المجتمع في نفس الوقت ويعتبر الغزو الثقافي أهم هذه العوامل حيث جعل الشباب يقف بين معطيات التراث العربي الإسلامي وبين الثقافة الأوروبية الغربية وقد أثرت هذه الظروف في الشباب حيث أخذوا يجمعون بين التيارين العربي والأوروبي، ومثل هذا الجمع قد عرضهم لكثير من المشكلات والتحديات.
إذا كان وجه العلاقة بين الشباب وثقافة الشارع هو حالة صدامية فما هي مظاهر هذه الثقافة على سلوك الشباب؟ وما موقف المجتمع من هذه المظاهر هل هو موقف الرفض أم أنه قبل بها؟ وكيف يمكن قبولها وقد تشكل خطر على المجتمع؟ أم أنها فرضت نفسها بنفسها بين الرفض والقبول.
إنما الجواب على هذه الأسئلة هو ما نحاول الحديث عنه في مطالب هذا المبحث حيث سأتحدث في المطلب الأول عن مظاهر ثقافة الشارع وأثرها في سلوك الشباب بينما المطلب الثاني سأخصصه لوقف المجتمع لهذه الثقافة بين الرفض والقبول.
كما تقدم فإن مدلول ثقافة الشارع يطلق في الغالب على تلك الثقافة التي يتلقاها الناشئ الاجتماعي خارج مؤسسات التنشئة الاجتماعية كون لهذه الأخيرة دور مهم في توجيه مجموع القيم والمبادئ المتفق عليها اجتماعيا في إطار منظم ومسؤول تشرف عليه جميع الجهات التي تقوم بتعليم الأطفال وإكسابهم الهوية الثقافية التي تعبر عن انتمائهم، لكن لأن الإنسان معرض وبشكل دائم للالتقاء مع أفراد لا يمثلون إحدى مؤسسات التنشئة الاجتماعية ذلك يعني أخذ مجموعة من أفكار وقيم وتقليد مجموعة من الرفقاء الذين يشكلون جماعة تربطهم العاب يقومون بها أو مكان يلجأ إليه للقيام ببعض الأعمال التي قد يرفضها المجتمع كالإقبال على الإدمان وتناول المخدرات حيث تكون القيم هذه لا تعبر عن هوية المجتمع الحقيقية وغنما عدة ممثلات آتية من الخارج هي من منحت الشخص القيم والمبادئ لها دلالة إنحرافية في الوسط الاجتماعي وهي ما تسمى بثقافة الشارع، تعتبر جماعة الرفاق أو ما يطلق عليه اسم “الشلة” عبارة عن جماعة صغيرة تتوفر فيها العلاقات الاجتماعية الوثيقة بين أعضائها وتتكون من أشخاص ينتمون إلى مراكز اجتماعية واحدة ويتفقون فيما بينهم على استبعاد أفراد آخرين من الجماعة.
تعتبر هذه الفئة أكثر تعبيرا على نمط ثقافي خاص بثقافة الشارع كون هؤلاء لا تربطهم مؤسسة اجتماعية معينة كيفما كان لونها وإنما تربطهم علاقة الانتماء إلى الحي أو الجيرة أو علاقة دراسة، هذا النوع من التجمع يعتبر مؤثر خارجي له من الأهمية في هذه الجماعة لأنها تمتاز بالقوة والتماسك سيكون الحدث من قادم أوامرها وأصلها.
قد تكون لهذه الجماعة دور مهم في حماية الفرد وتحفيزه على العمل الجماعي كما تمكنه من ربط أواصر جيدة مبنية على التضامن والتعاون بين أفراد جماعة الرفاق أو الأصحاب.
لكن الخطورة تكمن في طبيعة الثقافة التي يحملها هؤلاء الشباب فكثيرا ما نجد تحيزات في مجموعة من الأحياء الشعبية تجمعهم علاقات مشبوهة تهدد أمن المجتمع ما يجعل مثل هذه الظواهر مرفوضة اجتماعيا كونها تشكل خطر يهدد الاستقرار، فمشاهدتنا لظاهرة التشرميل كاتحاد من فئة أبناء الحي هو نتيجة ثقافة دخيلة عن القيم الأصلية للمجتمع كما أن هناك جماعات أخرى رابطها هو القيم بعملية النهب والسرقة وشرب الكحول وتجارة المخدرات وهي اسباب جديرة برفض مثل هذه الثقافة بالمجتمع المغربي.
ويلاحظ آثار جماعة الرفاق غالبا في كونها تقوم بتهيئة جو ملائم للحدث بتوفير المجال الذي يشعر بنوع من الحرية والانطلاق، خاصة إذا كان جو البيت والمدرسة مشحونون بضغوط انفعالية تحرم الطفل من التمتع بحرية التعبير عن رغباته بممارسة كل ما حرم منه ليشعر بالمتعة باللغة بالانضمام لهذه الجماعة. هذا مع أن الحدث بحاجة ماسة إلى اللعب وإقامة علاقات اجتماعية مع أقرانه لكي يمضي معهم أوقات فراغه خاصة إذا لم يجد في المنزل الحتم أن يعمل من في الشارع مسرحا لنشاطه التلاقي، فالشارع به الكثير من الاغراءات الدافعة إلى تبني السلوك المنحرف.
وغالبا ما يبدأ الجنوح عند فشل الحدث وتحقيق طموحاته او عند صعوبة تكيفه مع الجماعة وإحساسه بالإهمال من قبل الأهل من جهة والمجتمع الذي يعيش فيه من جهة ثانية فيلجأ حينئذ إلى أصدقائه في الحي فيهتم بآرائهم ويقلدهم في سلوكهم المنبوذ من قبل أفراد المجتمع فهو يتبعهم في كثير من نواحي نشاطهم.
إن التخلص من الضغوطات التي يقوم بها الآباء والأسرة بصفة عامة تكون هي السبب الأول وراء كل سلوك انحرافي ناتج عن ثقافة الشارع لأن الطفل أثناء تعرضه للإهانة والضغط والتهميش قد يلجأ لتفريغ ضغوطاته إلى أنماط غير اعتيادية للمبادئ العامة للأحداث ما يكسبهم هوية جديدة وأحيانا يدفعهم للتشرد والخروج من سيطرة الأسرة والمجتمع لتظهر لنا ظاهرة أطفال الشوارع كظاهرة تأثرت بثقافة الشارع. إن قسوة الآباء أحيانا مما يدفع بالأبناء للتسكع في الطرقات ومن هنا تتحول جماعة الأصدقاء العادية إلى عصابات تمارس نشاطها كنوع من الهواية لسد نوع من الفراغ، فيقومون بالسرقة والاعتداء وغير ذلك من أنواع السلوك المعادي للمجتمع، وما هذه إلا بداية صعبة نحو جنوح الأحداث.
هذا لا يعني وضع الطفل داخل حدود وحواجز الأسرة واعتبار أن كل ما يكتسبه من الشارع يؤدي إلى الانحراف بل “إن معظم الأطفال لديهم بعض الصلات بالشارع في إطار اللعب والتواصل الاجتماعي والترفيه والاستهلاك ولكنهم لا يعتمدون على الفضاءات العامة من أجل نمائهم، فلا يهم صلات أقوى والمدرسة والأقارن في المجتمع المحلي، ذلك أن الصلة بالشارع تشكل نهجا شموليا يستوعب أن الأطفال يكبرون وينمون في سلسلة من البيئات المترابطة بسلم أن الشارع قد يشكل نقطة مرجعية حاسمة بالنسبة لبعض الأطفال حتى عندما لا يعيشون فيه فعليا، ويمكن أن تصبح الصلة بالشارع حيوية لدوام النشاط اليومي للطفل واختياره لاستراتيجيات التأقلم وتطوير هويته، ويقصد بطفل ذي صلة بالشارع طفل يشكل الشارع بالنسبة له مرجعية محورية لها دور مهم في حياته اليومية وهويته.
بالإضافة إلى ما ذكرناه فهناك عدة أسباب أخرى هي من جعلت الأطفال معرصون لثقافة الشارع من خلال البؤس والوضع المزري الذي يعيشه بعض الأطفال كالفقر الاقتصادي والتفكك الأسري أو التخلي عن الأطفال وهما عاملان حاسمان لانتشار هوة أطفال الشوارع، فالفقر قد يكون سببا مهما يدفع الأطفال إلى العيش في الشارع غير أن الغاية العظمى من الأطفال الذين يعانون من الفقر الاقتصادي لا ينتهي بهم الأمر إلى هذه النتيجة بينما صنف كثير ن أسر الأطفال الذين يعيشون في الشوارع كأسر تعاني من الضعف أو العنف او عدم الاستقرار فقلم يوجد بينهم أبناء وأطفال المتخلى عنهم، وتشمل العوامل الأخرى المؤدية بالأطفال إلى الشارع، والأخذ من مشارب ثقافته فبروز نقص المناعة البشرية المكتسب الإيدز “والممارسات الصارة من قبيل الزواج المبكر والقصري، كوارث الطبيعة والحروب، والتشرد الداخلي، ويمكن فهم هذه العوامل إلى جانب حالة المعاناة من العنف والإيذاء والإهمال في البيت ضمن إطار من عوامل التفاوت الكبير في الداخل وصعف السياق الاجتماعي والاقتصادي ونقص الرعاية الاجتماعية الذي يؤدي مجتمعنا إلى حرمان الأطفال من الكثير من حقوقهم.
وتشمل ثقافة الشارع الجذابة التي تحمل في طياتها نوع من الحرية على مستوى المكان والاستقلال المالي والمغامرة وسحر المدينة وصداقات المنتوجات في الشارع أو العصابات، وقد تتطور هذه العوامل عبر الزمن إلى صلة وظيفية بالشارع تجعل إلى جانب الوهم الاجتماعي والأفكار المسبقة من الصعب على الطفل إيجاد خيارات ترغبه في ترك الشارع، ولدى كل طفل قصة فريدة من عوامل الدفع والجذب التي أدت به إلى الارتباط بالشارع بإصرار وبطرق مختلفة، في بعض الأحيان إن جل ما ذكر يقع بين تنبؤات الرفض والقبول، فالشارع كثقافة لتربية الأطفال يبدوا أمرا صعبا ومرفوضا نظرا للأخطار التي تهجج المجتمع من بعض المظاهر الانحرافية التي تجعل مسار التنمية والتخلف في الدول التي تشهد هذه المظاهر مانعا من موانع التقدم والتطور من المقابل نجد هناك إقبال تحت الضغط وليس بشكل إداري أحيانا كون الفئات التي تخرج إلى الشارع كان دافعها هو التخلي عنهم والتعرض للإهمال ليكون عامل التربية المنسوب إلى مؤسسة الشارع التي كان من هب ودب يمكن أن يتكفل برعاية الأحداث والشباب وتكون الثقافة التي يفرضها صاحب الرعاية الاجتماعية في الشارع باعتبار أن الفرد الذي قدم المساعدة قدوة حسنة للشخص المتخلي عنه دون معرفة منه أن نوعية الثقافة قد تكون غير إيجابية، ورفضه اجتماعيا، كما أن مجال الحرية الواسع الذي يوفره الشارع والذي تغيب فيه الرقابة الأسرية ورقابة مؤسسة التنشئة الاجتماعية تعطي للشخص فسحة للقيام ببعض الأعمال التي كان مصرا على فعله كونها غريزية في الإنسان ولكنها غير مقبولة اجتماعيا ما يجعل ظاهرة أطفال الشوارع ظاهرة مقبولة بالنسبة لبعضهم لأن الشارع وثقافته كانت جذابة ومرفوضة لأن القيم هي التي في الشارع غالبا لا تعبر عن قيم إيجابية يقبلها المجتمع.
وليس من المستغرب أن تشكل مدن العالم النامي الذي يغديه تدفقات مستمرة ومتواصلة من الهجرة الريفية إلى المدن، أرضية حاضنة للمشكلات المستعصية التي تتراوح من الأمراض إلى سوء التغذية إلى انعدام التكيف الاجتماعي إلى الاجرام والاستغلال الجنسي وأنواع الاستغلاليات الأخرى، ويعد الأطفال الضحايا الأشد بؤسا في هذا الوع والذي ينتهي الأمر بهم إلى العمل والمعيشة في الشوارع فهم يبيعون الحلوى والزهور وغيرها من المواد ويلمعون الأحذية ويمسحون زجاج نوافذ السيارات ويتسولون ويسرقون ويلتحفون الشوارع ويجمعون المخلفات التي يمكن تدويرها ويبتدعون ألف الطرق للحصول على المال.
إن المظاهر التي تحدث عنها الفقر أعلاه هي النمط المثالي لثقافة الشارع التي يحاول الكثير من الأبناء العمل على تقليصها كلها، ضاقت بهم الأرض وحرموا من العيش الكريم لأن السعي وراء المال يجعله في بحث دائم عن طرق مختلفة للحصول عليه من خلال ما يرونه من مظاهر حياة أفراد يعيشون وضعيات اجتماعية أضحى يعيشها الناظر إليهم والباحث عن حلول يتقد أن الشارع هو الحل في الوقت الذي يكون الطفل أو الشاب في هذه المرحلة مرتبط بالكتاب وحامل مشعل العلم وسائر على درب المعرفة، نجده للأسف يتصارع مع الكبار على لقمة العيش بل أكثر من ذلك فهو قد يتاجر في الممنوعات لأحد رجال العصابات أو دور الدعارة أو مؤسسات تقوم باحتراف مهنة التسول.
والمؤسف أن هذه الظاهرة أكثر ما تتواجد فيه هو الأحياء الشعبية والهامشية، وذلك يشير إلى طبيعة الأسباب التي تم ذكرها وهو أمر يطغى في المدن الكبرى، حيث التفاوت الطبقي وغياب التساوي في توزيع الثروة إذا كان هذا حال ثقافة الشارع وهذه مجمل مظاهرها فغن ذلك لا يخلو من وجود مخاطر ظاهرة نتيجة انتشار هذا النوع من الثقافة والذي لعبت فيه الوسيلة الإعلامية دورا مهما، لذا توجب علينا دراسة مظاهر ثقافة الشارع على سلوك الشباب والآثار الاجتماعية المترتبة عنه.

مظاهر ثقافة الشارع في سلوك الشباب:
تعتبر الأحياء الهامشية أكثر الأماكن خطرا في بث خارج إطار مؤسسة التنشئة الاجتماعية كون هذه الأحياء كما تقدم يختبأ فيها إلى جانب السكان المهاجرين الذين ليس لهم مأوى ولا سكن لائق، مجموعة ن المجرمين الذين خرجوا من السجن أو الفارين من مناطق ارتكبوا فيها جرم فجعلوا مثل هذه الأحياء مسكنا لهم كما يختبأ بعض رجال العصابات ومهربين المخدرات البسطاء وجود هؤلاء وبالك العقلية التي يفكرون بها لمواجهة الحياة يدفعهم ذلك إلى توظيف مجموعة من الشباب لمساعدتهم في بيع مخدر كما يعلمونهم أساليب السرقة والنصب والاحتيال مستغلين الوضع البئيس الذين يعيشون شباب تلك المناطق مصادر دراسة (جون بارون) وهي دراسة حول المناطق التي يكثر فيها الجنوح بالقياس إلى الأحياء الأخرى من المجتمع وعلاقة ذلك بعدد وقدرة مؤسسات وهيئات رعاية الشباب ونوع العلاقات السائدة والمهن المتنوعة ونوع مدى الكفاءة والمهارة فيها ومكان دراسة المنطقة الواقعة جنوب ميناء (ليفربول) المتصلة بمراكز الأعمال والتجارة وتوصل في دراسته هذه إلى أن ثقافة الطبقة الدنيا وسط مولد لجنوح الأحداث.
وطبعا لوجهة النظر هذه فإن معاناة الأحياء الهامشية من مختلف أشكال الاضطراب سببها أن هذه الأحياء تستقطب اساسا سوء الناس سلوكا وأقلهم وجل وأكثرهم تبيانا وتنازعا في شؤون الحياة كما أنها تخفي في ثناياها هؤلاء الذين يفضلون الاختفاء حتى لا تراهم العيون الباحثة عن الجريمة.
وباختصار فهي تلتقط العناصر غير الكتفية التي لم تستطيع أن تغرس اجتماعيا ومهنيا أو التي تعاني من اضطرابات في الشخصية، تجعل هذا الانغراس غير ممكن، أو لأنها لم تجد مكانا في المجتمع العادي تتوجه تلقائيا إلى محيط غير متكيف يشجع على ظهور الاضطراب الشخصي والسلوكي.
وحسب بعض الدراسات التي أجريت في مدينة الغيوم بمصر أكدت على أن خطورة الأحياء الهامشية والفقيرة تكون أكثر من غيرها لأنها تمثل بيئة خصبة لإنتاج العديد من الظواهر السلبية حيث يتبنى سكان تلك المناطق ثقافة الفقر وما يرتبط بها من عادات وسلوكيات وممارسات سلبيا خاصة لما يتراجع دور الأسرة ولا تكون لها القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية لأفرادها وغياب المؤسسات المساندة للأسرة في القيام بهذا الدور، هذه العوامل تعتبر مجتمعتا مؤول عن شعور الشباب بالوصمة وافتقاد القدرة على تغير الواقع بالطرق التي أقرها المجتمع، خاصة مع تزايد الفجوة بين التعليم والتوظيف، وتزايد معدلات البطالة حيث يلجأ الشباب إلى الاستقلالية المبكرة عن الأسرة والاعتماد على الذات في إشباع الحاجات الضرورية بالانخراط في الشارع وما يترتب عليه منن عدم مواصلة التغير وضعف الروابط مع أسرة المنشأ والزيادة المضطربة بالارتباط بالشارع ويعمل هذا النوع من الشباب في الأعمال والأنشطة التقليدية والهامشية التي لا تحتاج إلى مهارات أو خبرات خاصة سعيا وراء إشباع الحاجة اليومية ويصبح الشارع بمثابة نمط حياة لهم حيث ترتبط أعملهم وسلوكياتهم وممارساتهم لثقافة الشارع المثقف عليها بعيدا عن الرقابة الأسرية وتدريجيا يكون هذا القطاع من الشباب ثقافة فرعية تلقائية بعدية عن أدنى إشراف أسري أو مؤسسة.
إن الحالة التي يعيشها الشباب في الأحياء الهامشية جاري بها أن تولد نزعة تؤدي إلى حصول نفور من تلك الوضعية وهو أمر طبيعي أن يحصل كون بعض المدن المغربية تتجلى فيها تلك الفوارق الطبقية التي تجعل الفرد القاطن في مدن الصفيح والذي يلتحف الكرطون فراشا له و (القزدير) غطاء له، طبيعي أن يزعجه ذلك ويخلق له اضطرابات ونوع من القلق والتوتر كلما رأى تلك الأحياء الراقية المطلة على إقامته أن يبحث على أكثر من وسيلة لتجاوز تلك الوضعية التي يشعر فيها أنه لا يرقى لدرجة الإنسان، وإنما قد يصف مسكنه بأنه شبيه بحظيرة الحيوانات هذه الرؤية تحمل معاناة وبؤس شديد وحقد دفين اتجاه المسؤولين وأغنياء ما يجعل سلوكهم يتجاوز تلك القيم التي تلقوها عند أسرهم لأن جاذبية الشارع من جهة وسط الذين يعيشونه من جهة ثانية تكون لها الأحقية في بث ثقافة تختلف كليا عن الثقافة الاجتماعية السائدة.
إن هذه الصورة أكثر تعبيرا لتلك المظاهر الاجتماعية التي يعيشها الشباب الخاضعين لثقافة الشارع لأن جل الانحرافات لا نجدها في صفوف الأغنياء كمظاهر شكلية بينما تظهر بقوة في الفقراء من خلال ملابسهم وطريقة كلامهم وكذا سلوكهم من خلال تداولهم كلمات (زنقوية) وفوقهم في ممرات الأزقة حيث يقومون بتوثيق كل مار إما بالشرفة أو التلفظ بكلمات دنيئة أو التحرش بالفتيات المارين بجانبهم.
إن جل هذه المظاهر هو السبب في إكساب الشاب سلوكاتانحرافية كونه يجد من خلال أشخاص الأزقة نوع من الثقافة التي يشعر فيها بالمتعة لأنها المكان الخصب للإقبال على الانجراف.

دور ثقافة الشارع في انحراف الشباب وأثرها على المجتمع:
من المجحف أن نقول بصفة العموم أن كل ثقافة التي يتلقاها الحدث أو الطفل تكون سلبية وتؤدي إلى الانحراف، بل هناك أدوار إيجابية تمثلها الجماعة والشارع لأن الإنسان اجتماعي بطبعه لأن الشارع يغدوا مكانا لالتقاء كثير من الشباب، حيث يعد في نظرهم فضاء هاما لزيادة الخبرة والتفاعل الأفضل واكتشاف ما تجد به الحياة من خبرات وتجارب ومعارف.
تبدوا هذه الصورة في نظرنا جيدة لأن المجتمع في فترة سابقة كان يربي على مجموعة من المبادئ والقيم الاجتماعية التي تعبر عن هوية المجتمع ومرجعيته لكن العصر الحالي يمضي عكس هذه الحقيقة لتواجد بعض المؤسسات التي تعمل بعمل مؤسسات التنشئة الاجتماعية لكنها ليست بنفس الأفكار والحمولة المرجعية التي تعبر عن هوية المجتمع بل هي مؤسسة تخدم مصالح وأجندة خارجية تعبر عن هوية شمولية تفرضها الهيمنة الأمريكية نتيجة الغزو الثقافي والسيطرة على مفهوم العولمة.
إن العولمة كمفهوم تعبر عن هوية ثقافية دخيلة يمكن نسبها إلى ثقافة الشارع كونها لا صلة لها بقيم المجتمع لأن وسائل الإعلام أضحت أكبر مؤثر في حياة الأفراد وهي تحمل صور وشاهد وكلمات ومنشورات كلها تعبر عن نمط حياة ثقافي مستنبط من صميم ثقافة الشارع لأنه في الآونة الأخيرة.
اتخذ أصحاب العصابات وفئات الشباب التي تمثل ظاهرة التشرميل المواقع الاجتماعية فضاء لتسريب النمط الثقافي الخاص به وبهذا أصبحت مواقع الاتصال إلى جانب ما تقدمه من معلومات جديدة فهي تقدم ثقافة رديئة نابعة من ثقافة الشارع وبهذا فهي تلعب دور الوسيط في تلقين هذا النمط من الثقافة في البداية كما تمنح لأصحابها بحق الترويج لها.
ذلك أن وسائل الإعلام تقوم بدور بالغ الأهمية في نقل وثبيت أو تغيير القيم حيث يبدأ الفرد الاتصال بوسائل الإعلام من طفولته المبكرة وتمتد إلى شيخوخته، فهو بذلك يعبر أصدق تعبير عن مفهوم التربية المستمرة مدى الحياة وطرق تحسين المعرفة عن طريق المشاهدة والمخالطة والقراءة إن قنوات الغزو الثقافي هذه “تحاول النشر وترسيخ القيم السلبية بين أوساط الشباب كالطائفية والطبقية والأنانية وحب الذات وفقدان الثقة بالنفس والاتكالية والعنصرية والاقليمية والتصرع والكذب والرياء والتعالي والغرور وغير ذلك كما تحاول جهة الغزو الثقافي التأثير في سلوك الشباب وممارساتهم اليومية والتفصيلية كجعل سلوك الشباب لا يتم بالاستقامة ودفع الشباب إلى اقليد كل ما هو غربي وأجنبي وحملهم على التمسك بالممارسات الضارة والهدامة كالميوعة والتبرج وتجهل الدين والإساء للإسلام والكسل والخمول والخمر والميسر.
جل هذه الآثار لا يمكن فصلها عن ثقافة الشارع لأن وسائل الإعلام ما هي إلا وسيط لترويج هذا النمط لا يعني ذلك التقليل من شأنها لأنها هي تلك المدرسة التي تفتقر إلى الجدران ولا تخضع إلى أي رقابة ولا تحدها حدود وليس لها موقع جغرافي معين فهي فضاءات بلا مكان، هذا النمط ينطبق تماما على ثقافة الشارع فهي ليست مكان كالمنزل أو المدرسة وليس لها رقابة ولا تربطها حدود فالتشابه قائم بينهما والانحراف نتيجة لهما معا.
فطريقة الملابس اليوم في صفوف الذكور والإناث ليست هي ثقافة الماضي في الملابس لأن منطق الاقتداء بالشارع والتأثر بالثقافة الغربية المنتشرة في الشوارع عن طريق وسائل الاتصال هي نفس الثقافة التي نراها اليوم ففي الزمن الماضي لم تكن لنرى فتيات مدمنات على الخمر أو المخدرات، كما لم نكن نرى إيحاءات جنسية سواء من الذكر أو الأنثى لكن ينظر إلى الشارع اليوم في الحانات وضفاف الشواطئ والملاهي الليلية يجد نفسه أنه في حاجة إلى إمتاع نفسه علما أن ما يقوم به أو ما شاهده فعل انحرافي يشكل خطر على المجتمع.
لأن العولمة ساهمت في إشاعة الذوق الغربي في الاستهلاك وفي ممارسة السلوك الاجتماعي مع الآخرين ونشرا للثقافة الغربية اللادينية وفرض الرأي خلاف الموضات الاجتماعية الفجة ما يؤدي إلى حرمان الشعوب المتخلفة من اللحاق بركب التقدم، نظرا لتفشي الأمية والتقليد الأعمى ما يجعل دور نامية تبقى نامية ومتخلفة.
كما يساهم هذا النوع من الثقافة إلى إشاعة ما يسمى أدب الجنس وثقافة العنف التي من شأنها تنشئة أجيال كاملة تؤمن بالعنف كأسلوب للحياة وكظاهر عادية وطبيعية وما يترتب عن ذلك انتشار الجريمة والرذيلة والعنف في المجتمعات الاسلامية وقتل أوقات الشباب بتضييعها في توافه الأمور وبما يعود عليه بالضرر البالغ في دينه وأخلاقه وسلوكه وحركاته في الحياة.

أطفال الشوارع مظهر من مظاهر الانحراف:
خلصت البحوث في التسعينات من القرن الماضي إلى أن فئة أطفال الشوارع لا تعكس بدقة ظروف هؤلاء الأطفال أو تجاربهم.
كما اتفق بصفة عامة على أن مصطلح (طفل الشارع) ينطوي على دلالة سلبية رغم أن المصطلح يمكن استعماله للإزدراء، فإن بعض أطفال الشوارع أن الأمر يتعلق بفئة مركبة اجتماعيا لا تشكل في الواقع مجموعة سكانية متجانسة ما يصعب استعمال المصطلح لإجراء البحوث ورسم السياسات وتصميم مبادرات التدخل.
يؤكد النص أعلاه أن ظاهرة أطفال الشوارع هي ظاهرة ذات بعد سلبي لأنها حالة اجتماعية مزرية تكونت بسبب الإهمال والتهميش أحيانا من الأسرة والمجتمع فهذه الفئة تتميز باسم خاص منسوب إلى الشارع الشيء الذي يعني أن هناك تباين بين هذه الفئة والأطفال الذين تتم تربيتهم داخل حضن أسرة، كون طبيعة الثقافة ونمط حياة أطفال الشوارع مستنبطة من الشارع نفسه هذا الأخير الذي تنعدم في الرقابة والتربية الاجتماعية والدينية بالإضافة إلى حالة التشرد التي يعيشها هؤلاء الأطفال وإدمانهم على بعض المواد المخدرة((لركول + سيليسيون)) هذه الأشياء قد تؤدي إلى انحرافات سلوكية كما أنها مظهر من مظاهر تغير القيم الاجتماعية السائدة في المغرب، ويتجلى إنحراف أطفال الشوارع أثناء تعرضهم وبشكل خاص الأشكال الخطيرة من استغلال البالغين سواء كانوا من المدمنين أم العناصر الفاسدة من الشرطة كما أن إعاقة عملية الإدماج الاجتماعي لأطفال الشوارع تعتبر من الأشكال الخطيرة والجادة لكون هذه الفئة تشكل خطر على المجتمع من وجهة نظر البالغين وبعضهم من المحتمل أن ينشأوا ليصبحوا من الأفراد الجانحين الذين يميلون لانتهاك القانون وتعد عملية تعرضهم للوصول بالعار وبالمعاناة التي يواجهونها من رجال الشرطة أو القانون مشكلة سوف تخلق حلقة مفرغة من نكران الذات لدى هؤلاء الأطفال.
وتظهر كذلك بعض الانحرافات في صفوف أطفال الشوارع بسبب عدم مستويات معينة من العيش تؤدي إلى تجريدهم من الصفات الإنسانية التي تنعكس على الأطفال كعملهم في البغاء أو دخولهم معترك العمل سواء في الشوارع أو في المعامل والمصانع والبيوت.
“وإطلاق صفة التمرد هي وصمة عار لأنها دليل على مظاهر سلوكية منحرفة لا تمثل قيم اجتماعية للمجتمع الشيء الذي يدفع الكثير من التشريعات التي تجرم فعل تحريض الأطفال والأحداث على التسول وتدين المسؤولين عن رعاية الطفل إذا ما أهملوا وجباتهم تجاهه مما تدفعه إذا ما وجدته في حالات معينة أساسها تواجده في الشارع.
يتضح من خلال ما تقدم أن أطفال الشوارع عبارة عن مظهر انحرافي يتم استغلاله واستغلال وضعيته لتنفيذ بعض المظاهر الاجتماعية السيئة كالتسول والسرقة وبيع المخدرات لأن هذه الأنماط من السلوكات هي نتيجة ثقافة مستوردة من رحيم الشارع، لذا كانت النظرة إليهم نظرة انتقاص من طرف المجتمع لأن الأفعال التي يقومون بها لا أخلاقية لا تمثل القيم الاجتماعية السائدة، من هذا المنطلق يكون لثقافة الشارع دور في تهديم القيم الناتجة عن بعض مظاهر الانحراف التي أضحت منتشرة بشكل كبير.
آثار انحراف الشباب في تغير القيم الاجتماعية
بالنظر إلى الواقع الحالي الذي نعيشه نجد أن صعوبة ترك الأطفال دون مراقبة لسلوكاتهم وأفعالهم بشكل مستمر لأن الشارع لا يعد ذلك المجال الأمين الذي يجمع بين أفراده والتقاء الجيران فيما بينهم والتضامن والتعاون في القيام ببعض الأعمال التي تدل على حسن الجوار والعلاقات الطيبة لأن الشارع اليوم ظل خطرا بتواجد بعض الأشكال التي تمثل المجتمع في بعده القيمي والأخلاقي كمظاهر التحرش في رؤوس الأزقة على البنات ومظاهر الشذوذ الجنسي وخروج بعض القاصرات إلى الشارع لامتهان الدعارة، بالإضافة إلى جرائم السرقة والعنف بين الشباب عن طريق تشكيل عصابات يجمعها الإدمان والتعصب لفرقة كروية أو نادي رياضي معين حيث كل هذه المظاهر والأشكال هي نتيجة ثقافة رسمها الشارع.
فقد أصبحت ظاهرة العنف عند الشباب في الفضاءات العامة حقيقة فرضت نفسها على الساحة الاجتماعية والتي تتنفس وتتعارض مع المعايير والقيم العريقة المبنية على التسامح والاحترام والتآزر والتضامن الاجتماعي وغيرها من معايير القيم التي تدعم الانسجام والتماسك والسلم الاجتماعي.
إن القيم الاجتماعية التي تغيرت في المجتمع لم تكن فقط بفعل أطفال الشوارع كما أنها ليست نتيجة الاهمال الأسري فقط وإنما تغيب القيم الاجتماعية أيضا حينما يواجه تصورات من يحيطون بهم والمعاملة التي يلقونها كنتيجة، لذلك دون أن يأخذ أن غالبية هؤلاء الأطفال عانو أصلا من الانتهاكات المتعددة لحقوقهم قبل الفترة التي قضوها في الشارع سواء في البيت أو مراكز الرعاية بما في ذلك مؤسسات دور الأيتام ومراكز الاحتجاز ومراكز إعادة التأهيل ومؤسسات قضاء الأحداث.
وحتى لا نسقط في تكرار ما ذكر فإن جل المظاهر الانحرافية من السرقة والتسول وممارسة بغاء الشذوذ الجنسي وظاهرة الترميل وغيرها من السلوكات الانحرافية التي سبق ذكرها هي مظاهر ناتجة عن تغير القيم الاجتماعية في المجتمع المغربي، لأن حمل السلاح والسرقة وغياب التكافل الاجتماعي والتعاون والتفكك الاسري الناتج عن غياب الأخلاق والإدمان والمتسبب في تشرد الأطفال وجعلهم فريسة عصابات المخدرات وخدمات مراكز الدعارة وتعرض الفتيات للإبتزاز وتشغيل القاصرات في البيوت والحانات من الأسباب والمظاهر البئيسة التي تخالف روح القيم الاجتماعية والدينية التي تعمل مؤسسات التنشئة الاجتماعية على تلقينها لتوجيه سلوك الطفل والاهتمام به بدل ضياعه وضياع قيمه التي لا محال في المستقبل إلى ضياع قيمه وبعد ذلك ضياع المجتمع.

خاتمة:
إن ما يمكن أن نختتم به في هذا البحث الذي قدمنه أن ثقافة الشارع في الفترة المعاصرة تشكل خطورة على بنية الشباب باعتبار الشارع اليوم أضحى موطن لكل من هب ودب إذ لا فرق بين إنسان واعي وغير واعي في الشارع حيث الكل يدندن بما أراد دون أن تكون هناك حواجز أو رقابة لمنع بعض الاختلالات والظواهر التي أضحت تهجج بنية المجتمع ككل، والشباب كفئة تشكل العمود الأساس للمجتمع ورأس المال البشري الذي يعول عليه، إذ يفترض ان تكون فئة الشباب هي اللبنة الأساسية للتقدم والنهوض نجدها اليوم تعاني أشد المعاناة من خلال ما تواجهه من انزلاقات وانحرافات تسبب الشارع وثقافته في إحداثها مما أحدث خللا وفوضى في ذهنية الشاب الذي لم يعرف التمييز بين القيم والمبادئ والأعراف التي يجب أن يلتزم بها أو الثقافة التي تفرض عليه أن يكون تعامله مع باقي الشباب بالمثل وأن يتقلد مظاهرهم، وأن يمتثل لنفس وطريقة تفكيرهم حتى يكون قادرا على مواجهة جميع الصعوبات والتحديات، إذ نجد هذه المواجهة ما هي إلا حقيقة زائفة يوهم الشاب نفسه بها إذ هو غير مدرك أن الحفاظ على المبادئ وعدم الانحراف وما يحقق له المستقبل لأنه كلما اقبل على الإدمان أو ممارسة بعض المظاهر الانحرافية إلا وأضحى حياته في الهامش دون أن تكون له فائدة اجتماعية ولا شخصية حيث يكون انحرافه وصمة عار على جبينه وعلى المجتمع الذي يراه على أنه عنصر سالب غير منتج لا يساهم في شيء.

لائحة المصادر والمراجع:
– أحمد فروق محمد صالح: تصور مقترح بدور الخدمة الاجتماعية في مواجهة ظاهرة شباب الشارع. دراسة مطبقة على مناطق فقيرة لمدينة الغيوم القاهرة مصر 2003. ص: 3.
– أحمد فروق محمد صالح: تصور مقترح لدور الخدمة الاجتماعية في مواجهة ظاهرة شباب الشوارع، دراسة مطبقة على المناطق الفقيرة بمدينة الفنون 2003. ص: 5-6.
– العولمة استعمار وتهميش للقافة الأم الانفتاح او الاستفادة من التقنيات، عدد من الباحثين يناقشون طرح الجزيرة: جوهر الرضيان، صحيفة الجزيرة السعودية، الثلاثاء 2 رمضان 1421هـ. العدد 10288.
– تقرير مفوضة الأمم المتحدة الحامية لحقوق الإنسان بشأن حماية وتعزيز حقوق الطفل 2012. Jamary 11. ص: 6.
– ذ. بركو مزوز: القيم عند أطفال الشوارع، مجلة التواصل في لعلوم الإنسانية الاجتماعية إعادة 36. ص: 84.
– زبيدة بن عويشة: العنف عن الشباب في الفضاءات العامة، دراسة سوسيولوجية على عينة من شباب جزائر العاصمة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ص: 1.
– محمد فؤاد مجازي: الأسرة والتصنيع، مكتبة وهبة القاهرة 1975. ص: 27.
– مصطفى حجازي: الأحداث الجانحون، ص: 96.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *