مجتمع

متضررو “نزع الملكية” بتطوان يحذرون من تمرير تعويضات “مجحفة” .. ولجنة تتجه لمقاضاة العثماني (صور)

حذر متضررو “نزع الملكية” ضمن مشروع تهيئة سهل وادي مرتيل بمدينة تطوان، من تمرير تعويضات “مجحفة” في حقهم، منبهين إلى “تعمد بعض الجهات إخفاء المعلومة حتى لا يتسنى لعدد كبير من الملاكين حضور جلسات المحكمة الإدارية، وذلك بغرض تمرير الأحكام وفق التعويضات الصادرة عن لجنة التقييم المحلية التي تضم مختلف مؤسسات الدولة بالمدينة”.

وشهدت المحكمة الإدارية بالرباط، يوم الثلاثاء المنصرم، احتجاجات عارمة من طرف ملاك الأراضي التي يقع ضمنها مشروع وادي مرتيل، في ظل مخاوف من إصدار “أحكام غيابية” بخصوص متضررين لم يتوصلوا باستدعاءات الحضور أو يتواجدون خارج أرض الوطن، وذلك في أول جلسة في هذا الملف، وهو ما جعل رئيس المحكمة يتدخل لإعادة الأمور إلى نصابها.

وكان متضررو نزع الملكية بتطوان، قد قدموا أول عريضة لرئاسة الحكومة في ظل الدستور الجديد، طالبوا من خلالها بمراجعة كيفية تنزيل مشروع تهيئة ضفتي واد مرتيل، وقعها أزيد من 5000 شخص من المتضررين، حيث أوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي في وقت سابق، أنه تم البث في العريضة وإحالتها على رئيس الحكومة، قبل أن يكشف أن العريضة “تعتريها نقائص مسطرية”، وهو ما نفاه القائمون عليها.

تأجيل الملف

واستغرب المئات من المتضررين طريقة عرض ملفاتهم أمام المحكمة الإدارية بالرباط لإصدار قرارات بخصوص قيمة التعويضات عن أراضيهم، محذرين من إصدار أحكاما “غيابية مجحفة وظالمة”، وذلك بعدما وضعت سلطات مدينة تطوان دعوى بالمحكمة المذكورة لاستصدار قرار بنزع الحيازة لما يزيد عن 1200 قطعة أرضية، مشيرين إلى أن “جل التعويضات لا تتجاوز 50 درهما للمتر الواحد”.

مصدر حضر الجلسة، أوضح لجريدة “العمق” أن المتضررين انتقلوا بأعداد كبيرة من تطوان إلى الرباط لحضور الجلسة الأولى، رغم عدم توصل عدد كبير منهم بالاستدعاءات وعدم تنصيب محامين في ملفات كثيرة، مشيرا إلى قرار المحكمة وطريقة عرض الملف أثار غضبهم، ما دفعهم إلى الاحتجاج داخل المحكمة.

وكشف المصدر أن المحتجين طالبوا رئيس المحكمة بالتدخل من أجل العدول عن إصدار أحكام غيابية، والعمل على تأجيلها حتى يتسنى لأصحابها توكيل محام للترافع على قضيتهم، لافتا إلى أنه “وبعد سجال دام لأكثر من نصف ساعة، تدخل رئيس المحكمة للتحاور مع المحتجين، حيث استجابت المحكمة لطلبهم وقررت تأجيل الجلسة إلى يوم 5 مارس الجاري”.

وأشار المتحدث أن المحكمة الإدارية كانت قد أرسلت مجموعة من الاستدعاءات للمعنيين بالأمر للحضور في التاريخ المذكور سلفا، “لكن هذه الاستدعاءات شابتها خروقات عديدة أثناء عملية توزيعها على أصحابها من الملاكين وذوي الحقوق، حيث أن عددا كبيرا منهم لم يتوصل بالاستدعاءات ومن ثم عدم إخبارهم بما يجري”، وفق تعبيره.

إلى ذلك علمت جريدة “العمق” من مصدر متابع لهذا الملف، أن اللجنة التي أعدت عريضة حول هذا الموضوع، تستعد لمقاضاة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بسبب “تجاهل العريضة والمماطلة في الاستجابة لمطالبهم”، مشيرا إلى أن اللجنة تتجه لخوض احتجاجات بتطوان والرباط في أشكال تصعيدية بعد استنفاد كافة الوسائل القانونية، وفق تعبيره.

“اختلالات”

كمال الغازي، أحد متضرري نزع الملكية بالمشروع المذكور، وعضو بجمعية “الدفاع عن حق الملكية” بمدينة تطوان، قال إن المتضررين عاشوا حالة غضب عارم أثناء الجلسة الأولى للمحكمة الإدارية، “كونهم لم يُمنحوا مهلة قضائية للتعقيب على القرارات أو إيداع مذكرات تخص النزع”، وفق تعبيره.

واعتبر الغازي في تصريح لجريدة “العمق” أن لجنة التقييم التي عملت على تقييم قيمة الأراضي منزوعة الملكية، “تضرب بعرض الحائط خطابات الملك التي حث فيها على احترام حقوق الملكية وتقييمها مع ما يطابق المعايير الجارية”، محذرا من “استغلال تلك الأراضي لأغراض تجارية أو تفويتها من أجل مضاربات عقارية”.

وتابع قوله: “منذ صدور قرار بالتخلي عن القطع الأرضية اللازمة لتهيئة سهل وادي مرتيل بالجريدة الرسمية عدد 6554 بتاريخ 23 مارس 2017، والملاك المعنيون بهذا القرار يتوجسون خيفة على ضياع حقوقهم، ويطرقون جميع الأبواب لإنصافهم وضمان حقوقهم”، لافتا إلى أن التعويضات المقترحة من لدن الأملاك المخزنية، تقل في بعضها عن 20 درهما للمتر المربع، وهي قطعا ليست بالسعر المعمول بها حاليا، حسب قوله.

ونبه المتحدث إلى أن “كل المؤشرات على أن الشركة المكلفة بالمشروع، ستُحِّول الأراضي المنزوعة من أصحابها إلى أغراض تجارية، أو ستفوتها من أجل المضاربات العقارية، الأمر الذي من شأنها أن يخلق مآسي للأسر المستضعفة التي كانت تلك الأرض المنزوعة منهم هي موردها الوحيد”، معلنا ثقته في القضاء من أجل “إنصاف المتضررين وتعويضهم بمبالغ معقولة وفق الدليل المرجعي الجاري به العمل لدى مصالح وزارة المالية”.

وأردف الغزاي بالقول: “لا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون، لكن للأسف تنزيل هذا النزع يعرف اختلالات كبيرة، مثل المساحات التي تم تعويمها في مجرى الواد، والتي ستقتطع مساحات من مجموع أراضي الملاك، وهذه ليست أخطاء إدارية في الحقيقة، إضافة إلى أثمنة التعويض التي لا تراعي الأسعار المعمول بها، فهناك ملاك دفعو أثمنة مضاعفة في العقار الذي يتم نزعه منهم اليوم”.

رفض “التشاركية”

وكان متضررو نزع الملكية قد أعلنوا عن رفضهم القاطع لمقترح “التشاركية” في ظل شروط اعتبروها “مجحفة”، مشيرين إلى أن هذا المقترح هو “محاولة أخرى من المحاولات الرامية الى انتزاع العقارات الواقعة على ضفتي الوادي باستعمال ترسانة قانونية لا تراعي أبسط حقوق الملاكين والمستغلين والمنتفعين منها”.

وأوضحت جمعية “الدفاع عن حق الملكية” التي أسسها متضررو نزع الملكية في المشروع المذكور، أن صيغة “التشاركية” التي اقترحتها الشركة المكلفة بمشروع تهيئة سهل وادي مرتيل، تنص على “شروط تعجيزية وغير قابلة للتطبيق، على اعتبار أن هذه التشاركية تقتضي التنازل عن التعويضات التي من المفترض أن يتقاضاها مالكو العقارات المزمع نزع ملكيتها إثر تمرير طريق أو إنشاء مؤسسة عمومية أو منطقة خضراء”.

واعتبرت الهيئة ذاتها، أنه “لا وجود لأي منفعة عامة حتى تتم عملية نزع الملكية، إذ أن التشاركية المزعومة تحمل أصحاب العقارات ضريبة المنفعة العامة مقابل مشاركة الشركة، بل وتمويلها في نشاطها التجاري المحض والذي لا يمت للمصلحة العامة بأية صلة”، لافتة إلى أن المتضررين قاموا بزيارات للشركة المعنية وكذا مركز الاستثمار ومندوبية أملاك الدولة.

وطالبت الجمعية في بلاغ سابق لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، بـ”التسوية العاجلة لتنزيل مقترح نزع الملكية في صيغة جديدة تحرص على عدم المساس بحق الملاك وتمكينهم من حقوقهم المنصوص عليها في روح الدستور، لأننا نؤمن بدولة الحق والقانون”، مستنكرة بشدة “منطق التهميش والإقصاء الذي انتهجته الحكومة في التعامل مع ملف تهيئة ضفتي واد مرتيل”.

وندد المتضررون بما وصفوه “الأسلوب اللامسؤول من الجهات الوصية على الجانب الحقوقي والتي عرضت مصالح الملاك إلى أضرار جمة ومختلفة”، مستنكرين “حجب المعلومات التي تخص كامل مشروع نزع الملكية بضفتي واد مرتيل في ظل غياب المخاطب الرسمي باسم الحكومة”، خاصة في ظل إعلان المنطقة كلها محمية استراتيجية، وفق تعبيرهم.

الملف يصل البرلمان

وسبق لهذا الموضوع أن نوقش داخل قبة البرلمان، بعدما وجه البرلماني عن فيدرالية أحزاب اليسار الديمقراطي عمر بلافريج، سؤالا إلى وزير الداخلية، مشيرا إلى أن الدولة قامت بنزع ملكية 16000 هكتار من المجال الحضري لمدينة تطوان والنواحي، جلها للخواض، في إطار مشروع تهيئة ضفتي وادي مرتيل، لافتا إلى أن شركة “ستافوم” المحدثة لهذا الغرض، “قامت باعتداءات مادية خطيرة خارج القانون”.

وتساءل البرلماني مع الوزير بالقول: “لماذا لم يتم نشر تصميم التهيئة مع قرار التخلي النهائي في الجريدة الرسمية ليوم 23 مارس 2017، لتتضح المصلحة العامة القصوى؟”، مضيفا: “لماذا لم يقتصر نزع الملكية على ضفاف وادي مرتيل فقط مع إشراك الملاك في هذا المشروع الذي تضمنته أول عريضة في المغرب قدمت لرئيس الحكومة منذ دتسور 2011”.

جدير بالذكر أن مشروع تهيئة وادي مارتيل الذي يشمل 1600 هكتار من الأراضي بغلاف مالي قدره 880 مليون درهم، أعطى الملك محمد السادس انطلاقة أشغاله يوم 20 أكتوبر 2015، وذلك بإشراف شركة “تهيئة وادي مرتيل” على ثلاث مراحل، تهم تهيئة قناة شبه منحرفة طولها 18,44 كلم، وإنجاز منشآت فنية تتيح الربط بين ضفتي الوادي، وبناء منشأة لتصريف مياه الأمطار، حيث يهم الشطر الأول من المشروع مقطع تمودا-بوعنان بمساحة 5,3 كلم، بينما سيهم الشطر الثاني مقطع بوعنان-الطريق المتوسطية بمساحة 2,96 كلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *