وجهة نظر

الخدمة فيها وفيها ..

سال الكثير من المداد حول قضية تبرع سيدة من جهة سطات من أجل بناء مدارس، الخبر كان كالنار في الهشيم، بحيث لاقت استحسان العديد من المغاربة الذين رأوا في المبادرة تجسيدا للمواطنة الحقة، في وقت نرى فيه العديد من مسؤولينا، سامحهم الله، يحصنون مكاسب غير مشروعة ويجمعون بين معاشات وامتيازات بداعي “خدام الدولة”، وكأن المغاربة الاخرين ليسوا خداما.

هل فعلا نحن في وطن نحترم فيه بعضنا البعض؟ ام اننا نرى في انفسنا فرقا تتسابق متى سنحت لها الفرصة لملء الأرصدة  وجمع الثروة تحت مفاهيم عقيمة تكرس التمييز، وإن فعلا سلمنا بأن هناك ثقافة للتبرع و الهبة ألا يمكن أن يتقدم هؤلاء الخدام الذين اغتنوا على ظهر الوطن و تجسيد “تمغربيت” كنظرية و ممارسة كما يقول ماركس، و الخروج “بالعلالي” و ضخ أموالهم في تنمية وطن يعاني بسبب معاشاتهم التي أثقلت و أغرقت الدولة في المديونية و التسول و انتظار الصدقة من صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و البنك الافريقي الذي أغدق علينا مؤخرا من أمواله “الله ارحم ليه الوالدين”.

إن نخبنا تعاني من سكيزوفرينية سياسية لا يستطيعون منها فكاكا، فكل ما يهم هو “تسمين” الأرصدة ولا شيء غيره، فعندما نسمع بمثل هذه المبادرات نحس بأن هناك مغاربة حقيقيين ومغاربة “نتاع بلعاني” مهمتهم هي بيع الكلام و العجل معا، و نحن نعاين مدى “قسوحية” وجوههم الصلدة التي لا يعلوها الخجل و هم يأكلون أموال سحت بدون ان “يعرقوا” فيها، فهم خدام دولة حسب فهمهم، لأن كل واحد “وفهمتو” و كأن المغاربة الاخرين “عطاشة” من الدرجة الثانية.

ولا يعلم “خدام الدولة” هؤلاء أن كل مغربي هو خادم للوطن من جهته وما يمليه عليه عمله وضميره، لو أن خدام الدولة هؤلاء تبرعوا من “لحصيصة” التي لديهم وتشبعوا قليلا بثقافة التبرع لما وصلنا الي ما وصلنا إليه، فالحجم الذي أولي للسيدة المتبرعة عرى لنا عن مدى ثقافة الإنتهازية والوصولية التي يتميز بها مسؤولينا.

علينا أن نعرف بأن من أراد أن يكون خادما بحق وحارسا للوطن ورافعا للتنمية أن يخرج من جيبه مالا ليرمم به هذا الوطن الذي ضاق ذرعا بمفاهيم “بيزنطية” كرست الفوارق والنظرة النرجسية لكل من هو أقل وأدنى مرتبة وكأننا لسنا أبناء “تسعة أشهر”.

وحتى لا نسقط في المقولة السائدة “الوطن للأغنياء والمواطنة للفقراء”، فمن أراد ان يخدم الوطن لا ينتظر أن تجود عليه الدولة بمعاشات وامتيازات تعمق الفوارق، كلنا خدام لكن البعض يستهويه أن يطلق على نفسه خادم دولة وهؤلاء غالبا هم من يرون ان الخدمة “فيها وفيها” …..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *