مجتمع

الملك: أنا أمير المؤمنين لجميع الأديان.. وليس الدين من يجمع الإرهابيين (فيديو وصور)

قال الملك محمد السادس، إنه “بصفتي ملك المغرب، وأمير المؤمنين، فإنني مؤتمن على ضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية، وأنا بذلك أمير جميع المؤمنين، على اختلاف دياناتهم”، مشيرا إلى أنه “بهذه الصفة، لا يمكنني الحديث عن أرض الإسلام، وكأنه لا وجود هنا لغير المسلمين، فأنا الضامن لحرية ممارسة الديانات السماوية”.

وشدد الملك في خطاب ألقاه اليوم السبت، أمام عشرات الآلاف من مختلف الديانات بباحة مسجد حسان بالرباط، ضمن مراسم الاستقبال الرسمي الذي خصصه للبابا فرانسيس، على أنه “المؤتمن على حماية اليهود المغاربة، والمسيحيين القادمين من الدول الأخرى، الذين يعيشون في المغرب”، وفق تعبيره.

ولدى وصول موكبيهما لباحة مسجد حسان، تقدم الملك محمد السادس الذي كان مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن، والأمير مولاي رشيد، والبابا فرانسيس، لتحية العلم على نغمات النشيدين الوطنيين للبلدين، بينما كانت المدفعية تطلق 21 طلقة ترحيبا بمقدم رئيس الكنيسة الكاثوليكية.

حدث استثنائي

ووصف الملك زيارة البابا إلى المغرب بأنه حدث استثنائي لسببين رئيسيين، أولهما أن زيارة قداسة البابا فرنسيس هي الأولى للمغرب، وثانيهما أن “زيارة الحبر الأعظم، تذكرني بزيارة البابا يوحنا بوليس الثاني، التي كانت زيارة تاريخية للمغرب”، لافتا إلى أن هذه الزيارة تندرج في إطار العلاقات العريقة بين المغرب والفاتكان.

وبخصوص توقيت ومكان الزيارة، أوضح الملك أنه حرص على أن يعبر التوقيت والزمان عن “الرمزية العميقة والحمولة التاريخية والرهان الحضاري لهذا الحدث”، مضيفا: “فالموقع التاريخي الذي يحتضن لقاءنا اليوم، يجمع بين معاني الانفتاح والعبور والتلاقح الثقافي، ويشكل في حد ذاته رمزا للتوازن والانسجام”.

وتابع قوله: “فقد أقيم بشكل مقصود، في ملتقى نهر أبي رقراق والمحيط الأطلسي، وعلى محور واحد، يمتد من مسجد الكتبية بمراكش، والخيرالدة باشبيلية، ليكون صلة وصل روحية ومعمارية وثقافية، بين افريقيا وأوروبا”.

وأشار الملك إلى أنه أراد أن تتزامن زيارة البابا للمغرب مع شهر رجب، “الذي شهد إحدى أكثر الحلقات رمزية من تاريخ الإسلام والمسيحية، عندما غادر المسلمون مكة، بأمر من النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولجؤوا فرارا من الاضطهاد، إلى النجاشي، ملك الحبشة المسيحي”.

واعتبر أن تلك الواقعة التاريخية للمسلمين مع النجاشي، “تشكل أول استقبال وأول تعارف متبادل بين الديانتين الإسلامية والمسيحية، مردفا بالقول: “وها نحن اليوم، نخلد معا هذا الاعتراف المتبادل، من أجل المستقبل والأجيال القادمة”.

التلاحم

الملك محمد السادس لفت إلى أن زيارة البابا إلى المغرب، تأتي “في سياق يواجه فيه المجتمع الدولي، كما جميع المؤمنين، تحديات كثيرة، وهي تحديات من نوع جديد، تستمد خطورتها من خيانة الرسالة الإلهية وتحريفها واستغلالها، وذلك من خلال الانسياق وراء سياسة رفض الآخر، فضلا عن أطروحات دنيئة أخرى”.

وأضاف: “وفي عالم يبحث عن مرجعياته وثوابته، فقد حرصت المملكة المغربية على الجهر والتشبث الدائم بروابط الأخوة، التي تجمع أبناء إبراهيم عليه السلام، كركيزة أساسية للحضارة المغربية، الغنية بتعدد وتنوع مكوناتها، ويشكل التلاحم الذي يجمع بين المغاربة، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم، نموذجا ساطعا في هذا المجال”.

وذكر في هذا الصدد، أن “التلاحم هو واقع يومي في المغرب، وهو ما يتجلى في المساجد والكنائس والبيع، التي ما فتئت تجاور بعضها البعض في مدن المملكة”، مشددا على أنه “في بحث متواصل عما يرضي الله، في ما وراء الصمت، أو الكلمات، أو المعتقدات وما توفره من سكينة، وذلك لتظل دياناتنا جسورا متميزة ونيرة، ولكي تظل تعاليم الإسلام ورسالته منارة خالدة”.

ويرى الملك أن الحوار بين الديانات السماوية يبقى غير كاف في واقعنا اليوم، قائلا: “ففي الوقت الذي تشهد فيه أنماط العيش تحولات كبرى، في كل مكان، وبخصوص كل المجالات، فإنه ينبغي للحوار بين الأديان أن يتطور ويتجدد كذلك، لقد استغرق الحوار القائم على “التسامح” وقتا ليس بيسير، دون أن يحقق أهدافه”.

وكشف المتحدث أن “الديانات السماوية الثلاث لم توجد للتسامح في ما بينها، لا إجباريا كقدر محتوم، ولا اختياريا من باب المجاملة، بل وجدت للانفتاح على بعضها البعض، وللتعارف في ما بينها، في سعي دائم للخير المتبادل؛ قال تعالى: “يا أيها الناس، إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم”، صدق الله العظيم”.

التطرف والإرهاب

وأكد على أن التطرف، سواء كان دينيا أو غير ذلك، مصدره انعدام التعارف المتبادل، والجهل بالآخر، بل الجهل، وكفى، مشيرا إلى أن التعارف المتبادل يعني رفض التطرف، بكل أشكاله؛ وهو السبيل لرفع تحديات هذا العصر المضطرب، مستشهدا بقول الله تعالى: “لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم في ما آتاكم، فاستبقوا الخيرات”.

ولمواجهة التطرف بكل أشكاله، يضيف الملك، “فإن الحل لن يكون عسكريا ولا ماليا؛ بل الحل يكمن في شيء واحد، هو التربية، فدفاعي عن قضية التربية، إنما هو إدانة للجهل، ذلك أن ما يهدد حضاراتنا هي المقاربات الثنائية، وانعدام التعارف المتبادل، ولم يكن يوما الدين”.

ودعا الملك بصفته أمير المؤمنين، إلى إيلاء الدين مجددا المكانة التي يستحقها في مجال التربية، مضيفا: “لا يمكنني وأنا أخاطب هؤلاء الشباب، ألا أحذرهم من مخاطر التطرف أو السقوط في نزوعات العنف”، فليس الدين هو ما يجمع بين الإرهابيين، بل يجمعهم الجهل بالدين، ولقد حان الوقت لرفض استغلال الدين كمطية للجهلة، وللجهل وعدم التسامح، لتبرير حماقاتهم”.

وأردف قائلا: “الدين نور ومعرفة وحكمة، والدين بطبيعته يدعو إلى السلام، ويحث على استثمار الطاقات في معارك أكثر نبلا، بدل هدرها في سباق التسلح، وأشكال أخرى من التسابق الأعمى، ولهذا الغرض، أحدثنا مؤسسة محمد السادس للعلماء. وفي نفس السياق، استجبنا لطلبات العديد من البلدان الإفريقية والأوروبية، باستقبال شبابها في معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات”.

يُشار إلى أن الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، وقع مع البابا فرانسيس، اليوم السبت بقاعة العرش بالقصر الملكي بالرباط، على “نداء القدس”، الذي يروم المحافظة والنهوض بالطابع الخاص للقدس كمدينة متعددة الأديان، والبعد الروحي والهوية الفريدة للمدينة المقدسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • الحسن لشهاب
    منذ سنة واحدة

    جاء في المقال: قال محمد السادس ملك المغرب، أنا بذلك أمير جميع المؤمنين، على اختلاف دياناتهم”، مشيرا إلى أنه “بهذه الصفة، لا يمكنني الحديث عن أرض الإسلام، وكأنه لا وجود هنا لغير المسلمين، فأنا الضامن لحرية ممارسة الديانات السماوية” ، اعتراف واضح و صريح بوجود مؤمنين من غير المسلمين،و لما لا بوجود ربوبيين مؤمنين غير متدينين ، و هذا هو النضج العقلي ، لكن لماذا ترك امير المؤمنين الحكومة البورجوازية الخنوشية المعفنة ،تسيئ الى كرامة المؤمنين المغاربة؟