منتدى العمق

جدلية الأشخاص المسنين ومراكز الاستقبال

يعرف المغرب كما باقي بلدان العالم تطور مهم في الهرم السكاني ،فعلى المستوى العالمي سيشهد تقريبا نسبة سكان العالم الذين تخطوا 60 سنة بين عام 2015 وعام 2050 الانتقال من 12% إلى 22% ،وبحلول عام 2020 سيتجاوز عدد البالغين من العمر 60 سنة فأكثر عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات.

أما على الصعيد الوطني فقد تراجعت نسبة الأطفال دون سن 15 سنة وتزايدت نسبة الشيخوخة بفعل تراجع معدل الخصوبة ،بحيث انخفضت نسبة الشباب البالغين أقل من 15 سنة من 31% سنة 2004 إلى ما يقارب 28% سنة 2014 ،مع ارتفاع نسبة الأشخاص البالغين من العمر 60 سنة أو أكثر حاليا ،لكون النسبة انتقلت من 8.1% سنة 2004 إلى 9.6% سنة 2014 ،مما يفسر سرعة وثيرة الشيخوخة أكثر من ذي قبل.
ولا شك ان التحولات القيمية أفضت إلى بروز دار العجزة أو دار المسنين أو دار التقاعد أو حتى مراكز استقبال الأشخاص المسنين كما يحلوا للبعض تسميتها ،والحال أنها حديثة العهد ودخيلة على المجتمع المغربي المخالف عن أغلب باقي المجتمعات بالتضامن والتلاحم قبل حدوث تغيرات جذرية في سيرورة الأسر ،لانتقالها من أسر ممتدة تشمل مختلف أعضاء العائلة دون صرف النظر عن الأب والأم والأبناء نجد كذلك الجد والجدة والأعمام أحيانا إلى أسر نواة تبغي الاستقلالية عن باقي الأسرة فلا يزيد أعضائها عن الزوج والزوجة والأبناء وذلك لاعتبارات جمة تتداخل. وبالتالي التخلي عن هذه الفئة لفائدة مراكز الرعاية أو الشارع أحيانا ،مما طرح تحديات تستدعي الحكامة والتدبير الملائم لمسايرة تنامي هذه الظاهرة في ظل تزايد أعداد المسنين.

وتتعدد أسباب لجوء المسنين لدور العجزة حسب وضعية كل حالة ،بالرغم أن هناك ثلاث مستويات تحتويها :المستوى الأول: °°ضحايا الانشقاق الأسري°° ،والذي يهم جميع الحالات التي استغنت عنها الأسرة بأي شكل من الأشكال لصالح مراكز الايواء. المستوى الثاني: °°المسنون المقيمين في الشوارع°° ويتعلق الأمور بفئة المسنين الذي هم يمكثون في الشارع وتم انتشالهم للاستقرار بمراكز الايواء. المستوى الثالث: °°الراغبين في الالتحاق بدور العجزة°° لظروف خاصة ،يتعلق الحال بالمسنين الذين يرغبون بشكل اختياري في اللجوء لدور الايواء نتيجة للإهمال أو الوحدة إلى غير ذلك من الأسباب الشائكة تجعل الأشخاص في حاجة ماسة لمن يؤويهم ،ونخص بالذكر أن الالتحاق بالمراكز لا يتم بشكل عشوائي بل هناك شروط من اللازم توفرها في الشخص لاستقباله كشخص له حق الاستفادة من تلك الخدمة.

والتوجه العالمي في هذا المجال يسير نحو منحى واضح المسعى ،المتعلق بإعطاء الأولوية لبقاء المسن داخل الاطار الأسري إن أمكن الأمر ،عوضا عن تشييد دور الايواء باعتبارها معطى ثانوي لا غنى عنه في حالة وجود فئة كبيرة بلا عائل في ظل العجز والأمراض المزمنة والكثير من الاشكالات الأخرى التي تتعلق بهذه الفئة ،والعسير أن معظم المسنين يتعرضون لسوء المعاملة من طرف الأهل أو في الشارع أو حتى في بعض دور الاستقبال التي تفتقر للمقومات الأساسية لاستقبالهم ،ناهيك عن الإهمال الذي يعد أقسى أنوع الاساءة وينغص عيشهم.

وكل هذه التحولات الطارئة والمخاوف المستقبلية جعلت قضية المسنين تحدي يرجى تأهيله ،بالرغم أنه مرهون بمدى نوعية المجهودات المنتظر تقديمها من طرف الفاعلين ،ورفع التمثلات الاجتماعية المشوهة عن المسنين وخلق تكوينات ملائمة ،ومنفتحة عن التطورات المجتمعية والمستجدات العلمية العالمية في هذا الصدد في إطار تأهيل يد عاملة مناسبة ،ومربط الفرس يكمن في مدى استعداد الدولة لهذا التحدي بعيدا عن الخطابات الشاكية والمشفقة والمقاربات الاحسانية.

المراجع :
Organisation mondial de la santé. (2018). vieillissement et santé.

وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية. (أكتوبر 2015). مجهودات المملكة المغربية في مجال رعاية الأشخاص المسنين،تقرير وطني.ص.7.
Conseil Economique, Social et Environnemental. (2015). Les personnes âgées au Maroc.p.7-10.

صالح اوبلخير
طالب باحث في علم النفس حول المسنين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • طالب سابق
    منذ 5 سنوات

    كلية الحقوق بسطات بؤرة الفساد منذ زمن

  • غير معروف
    منذ 5 سنوات

    جميل ، بالتوفيق

  • غير معروف
    منذ 5 سنوات

    بالتوفيق