اقتصاد

التجارة الإلكترونية بالمغرب.. تطور إيجابي أم خطر على تجار القرب؟

التجارة الالكترونية

عرف المغرب في السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في التعاطي للتجارة الالكترونية، وتزايد عدد الباحثين عن لقمة العيش عن طريق البيع والشراء باستخدام وسائل المواصلات الحديثة، مما دفع بتزايد عدد المغاربة الذين يفضلون اقتناء بضائع من الانترنيت دون الحاجة إلى البحث في الأسواق.

هذا التطور في الممارسة التجارية الذي فرضه التطور التكنولوجي وانتشار استعمال الشبكة العنكبوتية، يراه البعض خطرا كبيرا على تنافسية تجار القرب والتجار الصغار، فيما يراه آخرون فرصة واعدة للتجار وللشباب الباحثين عن فرص عمل على حد سواء.

جريدة “العمق” المغربي رصد خلال تغطيتها لفعاليات المنتدى المغربي للتجارة المنعقد بمراكش، بمشاركة ما يزيد عن 1400 تاجر وممثل للهيئات والغرف المهنية، اختلاف الآراء حول تنامي التجارة الالكترونية بالمغرب.

في طور النمو

في حديثه عن الموضوع بأشغال المنتدى المذكور، أكد وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي مولاي حفيظ العلمي، أن التجارة الالكترونية في المغرب شهدت تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة.

وأفد الوزير أن هذه التجارة  تطورت في سنة 2018 لوحدها بنسبة بلغت 50.3 في المائة، وأن نسبة المغاربة الذي اشتروا عبر الانترنيت خلال سنة 2017 بلغت حوالي 12.5 في المائة.

غير أن هذا التطور في حجم التجارة الالكترونية بالمغرب لم يصل بعد إلى المستوى المطلوب، وفق ما تراه رئيسة فدرالية التكنولوجيات والاتصال والأوفشورينغ سلوى كركري بلقزيز، التي أوضحت أن هذه التجارة لا تمثل سوى 0.2% في المائة من حجم التجارة في المغرب، في حين أن المعدل في الدول بمستوى المغرب هو 10 في المائة.

وأضافت المتحدثة أن دراسة أجرتها فدراليتها سابقا أثبتت أن غالبية المزاولين لهذا النوع من العمل هم الشباب المتراوحة أعمارهم بين 23 و35 سنة.

خطر على تجار القرب

الوزير الوصي على قطاع الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي مولاي حفيظ العلمي صنف التجارة الالكترونية في خانة المخاطر والعراقيل التي تواجه من أسماهم بالتجار التقليديين، وتجار القرب، وأوضح أنه المقصود بالأساس هو “مول الحانوت”.

واعتبر العلمي أن عدد من الشباب أصبح يفضل شراء مجموعة من البضائع خصوص المعدات الالكترونية الصغيرة عن طريق الانترنيت من خارج المغرب.

وأضاف أن الذي شجع على ذلك بشكل كبير هو السماح للمغاربة باستثمار المال في الانترنيت عن طريق العملة الصعبة، بعدما تم السماح بسقف 10 آلاف درهم لكل مواطن في السنة.

وصنف الوزير التجارة الالكترونية في نفس الخانة مع الأسواق الكبرى والباعة المتجولين، معتبرا أن هذا الثلاثي يشكل خطرا كبيرا على تنافسية تاجر القرب و”مول الحانوت”، ودعا إلى ضرورة التفكير في آليات لحماية هؤلاء التجار وتعزيز قدرتهم التنافسية والحفاظ عليهم باعتبارهم موروثا مغربيا وصماما للسلم الاجتماعي، نظرا للخدمات “الكبيرة” التي يقدمها “مول الحانوت” للمواطن المغربي.

فرصة للشباب والتجار

وترى كركري بلقزيز أن تنامي التجارة الالكترونية يعد فرصة مهمة للشباب الباحث عن فرص شغل، وللتجار الصغير والمتوسط على حد سواء، داعية إلى دعم التجار في ولوج عالم الإنترنيت وتكوينهم على ترويج بضائعهم عن طريق الشبكة العنكبوتية، كما شددت على أنها فرصة هامة للمقاول الذاتي.

وسجلت رئيسة فدرالية التكنولوجيات والاتصال والأوفشورينغ قدرة التجارة الالكترونية على خلق مناصب شغل مهمة، مستدلة برأيها على التعاطي كبير لهذا النوع من الأعمال من طرف الشباب على وجه الخصوص.

وأضافت أن التجارة الالكترونية من شأنها كذلك تعزيز تنافسية التجار الصغار بدورهم، إذا تم تكوينهم في هذا الجانب وتوفير منصات الالكترونية بأثمنة مناسبة من أجل الترويج لبضائعهم، مشددة على أن ذلك من شأنه أن يفتح المجال للتجار الصغار للوصول إلى زبناء جدد، وكذا لترويج بضائعهم ضمن دائرة أوسع من محلات عملهم.

بدوره، دافع رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب صلاح الدين مزوار عن التجارة الالكترونية، واعتبر أن لا يمكن تصنيف التجارة تقليدية وعصرية، بل إن الأمر يتعلق بتطور أنماط البيع، كما شدد على أنه لا يوجد أي تعارض بين التجارة الالكترونية وتجارة القرب.

وقال مزوار في هذا الصدد “لا يوجد تجارة عصرية وتجارة تقليدية، وهذه تسميات خاطئة، بل هناك أنماط تجارية مختلفة تتطور مع تطور المستهلك”، وأضاف أن أنماط البيع الجديدة لا يمكن أبدا إيقافها أو الحد منها لأنها تطور طبيعي منبثق من تطور المجتمع وتطور حاجيات المستهلك وطرق تعامله.

توصيات للنهوض بالقطاع

رئيس الجامعة المغربية لغرف التجارة والصناعة والخدمات بالمغرب عمر مورو، دعا إلى ضرورة تكوين التاجر المغربي مشددا على أنه في حاجة ماسة إلى المعلومة التكنولوجية.

وأفاد مورو أن الجامعة المغربية لغرف التجارة والصناعة والخدمات بالمغرب، معتكفة على إخراج مشروع مدرسة التاجر التي تهدف إلى تكوين التجار في شتى المجالات التي تساعدهم على النهوض بأعمالهم التجارية، وكما تعمل على إخراج مشروع شباك الخدمات إلى حيز الوجود.

بدوره، اعتبر رئيس النقابة الوطنية للتجار والمهنيين نبيل نوري أن التجارة الالكترونية أصبحت أمرا ضروريا لا مفر منه، غير أنه دعا إلى ضرورة دراسة طرق مسايرتها، وكما شدد على ضرورة تقنينها.

رئيسة فدرالية التكنولوجيات والاتصال والأوفشورينغ سلوى كركري بلقزيز، أبرزت في هذا الصدد استعداد فدراليتها لمواكبة الغرف التجارة في جميع الجهات من أجل تصميم بوابة الكترونية تضم جميع التجار المنخرطين بالمغرب تمكنهم من عرض منتوجاتهم، وشددت على أن هذه البوابة يجب أن تكون بمساهمة من القطاع الخاص والقطاع العام.

وطالب سلوى كركري بلقزيز بتخفيض ثمن الارتباط بالإنترنيت من أجل تشجيع عدد أكبر من المواطنين بما فيهم التجار بولوج الشبكة العنكبوتية بشكل أوسع، مما سيسمح بتطوير أداء التجار على مستوى الإنترنيت وتزايد إقبال الزبناء، كما شدد على أهمية تكوين أطر غرف التجارة على مستوى الجهات في هذا المجال من أجل تنزيل التكوين إلى تجار القرب.

ودعت كركري بلقزيز كذلك إلى حذف الضريبة على القيمة المضافة لفائدة كل من يؤدي عن طريق البطاقة البنكية، معتبرة أن ذلك سيساعد على دعم حركية التجارة الالكترونية التي هي المعول عليها للنهوض بقطاع التجارة بالمغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *