اقتصاد، مجتمع، ملف

الأكياس البلاستيكية.. كثر طلبها وزاد ثمنها فهل فشل حظرها؟

قام المغرب بحظر استعمال وتداول الأكياس البلاستيكة “الميكا” ورغم المجهودات المبذولة يلاحظ المستهلك ومعه المجتمع المدني المختص في قضايا الدفاع عن حقوق المستهلك أن استعمالها رجع بقوة بحيث كثر عليها الطلب ورافق ذلك ارتفعا بسعرها عند المتاجرين فيها.

“الميكا”.. تقاوم

ولم تفض القوانين ودورية رئيس النيابة العامة محمد عبد النباوي الداعية إلى تكثيف الجهود لتفعيل أحكام القانون المتعلق بمنع صنع الأكياس من مادة البلاستيك واستيرادها وتصديرها وتسويقها، من القضاء على “الميكا”.

وقد سجلت الدورية ذاتها بطء في إنجاز الأبحاث وتهيئ الملفات وإحالتها على المحكمة، علاوة على تسجيل ارتفاع حالات العود لدى مجموعة من المخالفين، وهو ما دفع عبد النباوي إلى دعوة النيابة العامة إلى الإسراع بإنجاز الأبحاث المتعلقة بالمخالفات.

ولم تحل الحلول البديلة دون انتشار تداول الأكياس البلاستيكية. وهي البدائل التي تسعى لتوفيرها، حسب وزارة الصناعة، 57 مقاولة تصل قدرتها السنوية إلى مليار كيس منسوج، و1,8 مليار كيس غير منسوج، و8 ملايير من أكياس ورقية، وألف طن من منتوجات التعبئة.

ولم يؤدي الدعم المالي المقدم من طرف صندوق مواكبة الشركات المصنعة للأكياس البلاستيكية، في كبح انتشار الأكياس البلاستيكية والتي صرفت منه إلى حدود يناير المنصرم 75 مليون درهم لدعم المصنعين الذي حولوا نشاطها لإنتاج أكياس صديقة للبيئة.

عهد الميكا

ولم تسفر عمليات الحجز والإتلاف عن إنهاء “عهد الميكا”. فمنذ دخول قانون منع الأكياس البلاستيكية حيز التنفيذ يوليوز 2016 حتى مارس المنصرم تم حجز حوالي 1259 طنا على مستوى التصنيع، و120 طنا على مستوى المعابر الحدودية.

وحتى الزجر، لم يوقف انتشار “الميكا”، إذا بلغ مؤخرا مجموع المخالفات المرتبطة بالسوق 4389 مخالفة، علاوة على صدور أزيد من 757 حكماً قضائياً مع مبلغ غرامات قُدر بأزيد من 5 ملايين درهم، وإحالة 66 قضية على الوكيل العام للملك تتعلق بمخالفات بالمجال الصناعي.

وكشف وزير الصناعة، حفيظ العلمي أن المغاربة يستهلكون سنويا 26 مليار كيس بلاستيكي، بمعدل 800 كيس لكل مغربي سنويا، فيما أظهر مسح لجمعية “زيرو ميكا” أن 65 بالمائة صرحوا باستخدامهم للأكياس البلاستيكية، فيما طلب 80 بالمائة من المواطنين “الميكا” من الباعة.

الإخفاقات المسجلة في محاولات إنهاء “الميكا”، دفع الحكومة بعد أزيد من ثلاث سنوات من اعتماد القانون القاضي بمنع صنع الأكياس إلى المصادقة على تغيير وتتميم هذا القانون لسد الثغرات التي تحول دون القضاء النهائي على “الميكا” من الأسواق.

عودة بقوة

وقال رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك بوعزة خراطي إن “ما لوحظ في السوق المغربي بعد حظر استعمال الأكياس البلاستيكة هو أن ثمنها ارتفع وأصبحت متواجدة بكثرة في المدارات القروية وبعض المدارات الحضرية”.

وأرجع خراطي في تصريح لجريدة “العمق”، أسباب عدم التمكن من القضاء على تداول الأكياس البلاستيكية إلى عدم تنزيل الحكومة للقرار بكيفية تدريجية، علاوة على ضعف الحملات الإعلامية المتعلقة بالتوعية والتحسيس.

وأوضح رئيس الجامعة المعنية بحقوق المستهلك أن وعي المواطن المغربي بمضار استعمال الأكياس البلاستيكية من شأنه التخلي عن استعمال الأكياس البلاستيكية، وهو ما سيؤدي تلقائيا إلى اندثار استعمالها.

وشدد خراطي على ضرورة القيام بحملات توعوية شاملة من لدن الإعلام والمصالح الحكومية وجمعيات حماية المستهلك قصد بيان الأضرار الصحية والايكولوجية لاستعمال الأكياس البلاستيكية للمواطنين في جميع التراب الوطني.

الرشوة والتغاضي

أكد الكاتب العام للجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك وديع مديح أن الأكياس البلاستيكية رجعت إلى السوق كما كانت عليه قبل قرار الحظر مع قليل من الفارق، داعيا من سماهم بـ”منظري” القانون المتعلق بمنع صنع الأكياس إلى إيجاد حلول بديلة تناسب المستهلكين.

وعزا مديح في تصريح لجريدة “العمق”، عودة استعمال “الميكا” إلى عدة عوامل منها ضعف المراقبة، وعدم تغطيتها لكل التراب الوطني، إضافة إلى تقصير المراقبين، والتغاضي عن تطبيق القانون بسبب الرشوة والزبونية، موضحا أن ذلك هو ما لاحظته الحركة الاستهلاكية.

ورأى رئيس جمعية المستهلكين المتحدين أن دور السلطات في المعاينة والمنع يبقى غير مجد، مرجعا ذلك إلى حاجة سلطات المراقبة للفعالية والتواجد في السوق والتعامل بصرامة، موضحا أنه يصعب إيجاد بديل لمنافسة الأكياس البلاستيك التي تعطى مجانا.

ورأى مديح أن عادات المستهلك المغربي الحالية تجعل من الصعب إيجاد بديل، موضحا أن المجتمع المدني المعني بحماية حقوق المستهلك يجد صعوبة خلال حث المواطنين على استعمال بديل عن الأكياس البلاستيكية، داعيا إلى التفكير في بديل واقعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *