وجهة نظر

سؤال القيم الإنسانية والشرخ الواضح بين رموز اليسار المغربي وثلة من قواعده

في تدوينة للأستاذ المؤرخ المعطي منجب المناضل الحقوقي اعتبر فيها محمد مرسي “أول رئيس منتخب لمصر يسقط شهيدا للبطش الفاشستي” وحيى شجاعة الرئيس و”وقوفه بكل صلابة وكرامة ضد الفاشستيين” كما اعتبر بـ “عمقه الإنساني”.

وصرحت الأستاذة خديجة الرياضي، الفائزة بجائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، لجريدة العمق المغربي أن محمد مرسي “تعرض لظلم كبير، بدءا باعتقاله ومحاكمته الصورية” واعتبرت أن “ظروف وفاته تتطلب تحقيقا بسبب الإهمال الذي تعرض له والتعذيب النفسي الذي مورس عليه خلال اعتقاله”، متمنية أن “ترقد روحه في سلام”.

أما الدكتور علي بوطوالة فاعتبر وفاة “الدكتور مرسي نتيجة الحبس الانفرادي ومنع العلاج عن إنسان كان يعاني من أمراض مزمنة خطيرة”. ومباشرة انتقل إلى تحذير “الديمقراطيين والتقدميين المدافعين عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية، من أن يلجؤوا إلى الكيل بمكيالين في هذه الواقعة أو فيما يشابهها”، والمهم بالنسبة للدكتور بوطوالة هو “أن لا تضيع البوصلة”. ودعا بكل وضوح إلى “التمسك بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وإدانة كل ما يتعارض مع حقوق الإنسان وكرامته”، مؤكدا “وخاصة حقه في الحياة”.

لعل هذه المقتطفات من تصريحات هؤلاء الرموز والقيادات كافية للتذكير بتشبث اليسار المغربي بالمبادئ الكونية والقيم الإنسانية، والتي على ضوئها أسست منظمات وهيئات حقوقية دولية ومحلية تحمل رسالة الدفاع عن حقوق الإنسان كيفما كان لونه وسنه ونوعه وموقعه الاجتماعي، وأيا ما كان دينه أو معتقده أو إيديولوجيته.

لكن حدث وفاة الرئيس المصري، المنتخب بطريقة ديمقراية، الدكتور محمد مرسي-أقول رحمه الله- كشف أمورا تقشعر منها الأنفس البشرية، حيث تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي تدوينات تحسب على أعضاء من اليسار المغربي بالخصوص. فمنهم من وصف الرجل ب”المقبور”، ومنهم من عبر عن تلذذه على الطريقة التي توفي بها، ومنهم من صرح أنه لو أرجع إليه الأمر لقام بقتله بأبشع صورة مما قام بها نظام الانقلاب، ومنهم من عمم تمني الموت لكل الإسلاميين مع نعتهم بأقبح النعوت،…

هذا، ناهيك عن تناقل رسائل ملفقة، والتي لو كانت فيها ذرة من الحقيقة لما انهمرت على وفاته دموع من خبر أسرار الدول من موقع رئاسة تونس الثورة، وخبر مرارة النضال والسجون ضاربا المثال في التشبث بالمبادئ السامية مناضلا حقوقيا ورئيسا ومثقفا..الرجل الإنسان منصف المرزوقي.

كتبت هذا المقال لا لأجادل أو أناقش أصحاب مشروع فكري أو وجهة نظر سياسية أو اجتماعية، فمغربنا في حاجة إلى جميع أبنائه، بل إن اختلافهم في الرأي أو تقييم المرحلة أو حتى في المرجعية يعتبر قيمة مضافة للتغيير قبل البناء وكذا عند البناء. ولا أحتاج إلى التذكير بأن فضاء حرية التعبير مطلب لجميع الأفراد والهيئات، إنما من غير تجريح أو نبش في الأعراض لما لهذا السلوك من عواقب وخيمة على لمِّ الشمل وإعادة الأمل لشعبنا الذي أعياه خطاب الانقسام فقدمه أكلة سائغة بين أسنان الاستبداد المفترس. لذا فغاية مقالي هذا تنحصر في تشخيص ظاهرة تُنبئُ بشرخ على مستوى تفعيل المبادئ والقيم الإنسانية – أتمنى أن يتم تداركه- شرخٍ بين النخبة اليسارية المغربية وقواعدِها في موضوع من الأهمية بمكان، موضوع يعتبر اللبنة الأساس لكل بناء: إنه الحق في الحرية والحق في الكرامة والحق في الحياة لكل إنسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *