سياسة، مجتمع

الـAMDH تتهم الجماعة والقضاء والدولة بتسهيل طريق الفساد بمراكش

أرجعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة، مسؤولية “تنامي الانتهاكات في تدبير المال العام والملك العمومي” بمدينة مراكش، إلى كل من المسؤولين الجماعيين وجهاز القضاء ومؤسسات الدولة، مطالبة بوضع حد لـ”الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والاجتماعية، وبإعادة الأموال المنهوبة والمهدورة وتوظيفها لفائدة الساكنة”.

وشددت الجمعية الحقوقية على أن محاربة الفساد والتصدي لهدر المال العام والملك العمومي، يتطلب “إرادة سياسية مرتكزة على الشفافية في الصفقات والمراقبة أثناء التنفيذ، والنزاهة في تدبير الشأن العام ومحاسبة ومحاكمة المتورطين”.

واعتبرت الجمعية في بيان لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن توقيف مدير الوكالة الحضرية وإحالته على قاضي التحقيق المكلف بالجرائم المالية، أعاد عددا من قضايا جرائم الأموال والفساد بمدينة مراكش إلى الواجهة.

وأرجعت سبب “تنامي مظاهر الفساد بشكل مقصود” في مجال العقار والبناء إلى افتقاد مدينة مراكش لتصميم التهيئة، وهو ما يقوي من السلطة التقديرية للإدارات المشرفة على المجال، ويسمح بـ”خدمة لوبيات العقار والتلاعب في تحديد المجال الحضري وتفويت ملك الدولة الخاص”.

وأضافت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة، أن مراكش “تعرف منح ترخيصات للبناء مخالفة للقانون، كتجاوز الطوابق المسموح بها في بعض المناطق المخصصة مثلا للفيلات، واحترام المسافة القانونية بين الرصيف والعمارات، وكذا عدم احترام المسافة القانونية بين السور التاريخي لمراكش وبعض البنايات”.

كما نبهة إلى أن مراكش تعرف “تواطؤا في تغيير معالم واجهات العمارات وتحويل منازل الى محلات تجارية”، إضافة إلى “منح رخص السكن للعديد من الإقامات رغم وجود عيوب وغش في البناء خاصة المشاريع المخصصة لما يسمى السكن الاجتماعي”.

واعتبرت أن بين ما يشجع على تنامي مظاهر الفساد المتعلقة بمجال العقار في مراكش “التلكؤ في البث في الملف المعروف بفضيحة “كازينو السعدي”، والذي يتابع فيه منذ سنوات رئيس مجلس المنارة جليز الأسبق، والعديد من المستشارين الجماعيين والمقاولين، الملف المعروف باختلاس وحرمان البلدية من 45 مليار سنتيم حسب قاضي التحقيق”.

وسجلت الجمعية في بيانها “غياب أي تحقيق في تعثر برنامج حاضرة متجددة ،خاصة تفويت أرض في ملكية الدولة للخواص كانت مخصصة لبناء ثانوية تأهيلية بسيدي يوسف بن علي في إطار البرنامج، تم تفويتها لأحد المسؤولين ليتم التراجع عليها، بعد انفضاح الأمر دون اتخاذ أي إجراء قانوني”.

كما وقفت على “غياب أية معطيات أو إفادات بخصوص محضر الاستماع للجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، المنجز من طرف الضابطة القضائية المختصة في الجرائم المالية، بخصوص عدم إنجاز إعادة هيكلة دوار بوسحاب بجماعة سعادة بمراكش، وتعثر برنامج تم التوقيع عليه من طرف العديد من المسؤولين يستهدف إعادة هيكلة 27 دوار عند انتهاء سنة 2015″، مفيدة أنه “خصص لدوار بوسحاب وحده مبلغ يتجاوز مليار و200 مليون سنتيم”.

بيان الجمعية الحقوقية أورد أنه تم “تفويت العديد من أراضي ملك الدولة للخواص بمنطقة تاركة مراكش بطرق ملتوية ولا تحترم القانون بدعوى قرارات صادرة عن لجنة الاستثناءات”، وأردف أن “الخطير هو السطو على تصرف الغير وتشريد الأسر وتدمير المنازل بدعوى شراء بقعة تابعة للأملاك المخزنية، في حين أن المشترى لا يتعدى ثلث البقعة ونعرض مثال البقعتين 22 و 23 بتاركة الزداغية”، وذلك “دون أن تتدخل السلطات رغم مراسلتها من طرف الجمعية”.

رئيس المجلس الجماعي لمدينة مراكش محمد العربي بلقايد لم يسلم بدوره من الاتهام بتحمل مسؤولية تنامي الفساد في المدينة التي يشرف على تسييرها، حيث قال بيان الجمعية إنه “حاول بيع العقار المتواجد بباب دكالة والذي كان مخصصا سابقا لسوق الجملة للخضر والفواكه”، وذلك “دون تحيين لدفتر التحملات، ولا العودة إلى المجلس لمناقشة المسألة”.

وواصلت تحميلها المجلس الجماعي الذي قالت عنه “أن الفساد أصبح جزءا منه” مسؤولية “الفساد في مجال العقار”، ووقفت على قضية “ترحيل تجار السوق المركزي بجليز”، مشددة على أنه أصبح من “أغلى المناطق بمراكش ويضم مركز تجاري فخم في ملكية شركة “كاري ادن”، في الوقت الذي تستمر فيه معاناة التجار منذ 15 سنة ويسود الإبهام والغموض حول طريقة تفويت العقار البلدي للشركة”.

كما سجلت “تراكم الفضائح المتعلقة بسوء تدبير وتسيير سوق الجملة للخضر والفواكه بمراكش”، قبل أن تتوقف على “التباطؤ في البحث والتحقيق في الاختلالات التي شابت تمرير الصفقات التفاوضية إبان انعقاد مؤتمر الدول الأطراف حول التحولات “كوب22″، الذي احتضنته مراكش في 2016”.

في السياق ذاته، اعتبرت الجمعية من بين مظاهر الفساد المالي والعقاري بمراكش، “قضية حصول الخازن العام للمملكة، على عقار الدولة في مراكش بـ300 درهم، لفائدة أبنائه الثلاثة القاصرين، حيث تم انجاز المشروع وباع الشقق وحصل على الإبراء، دون أن ينفذ دفتر التحملات الذي ينص على غير ما أنجز”، على حد تعبيرها.

وأضافت في القضية ذاتها أنه “رغم تفجر القضية فقد رفض وزير المالية مناقشتها داخل مجلس المستشارين، كما أن المجلس الأعلى للحسابات ابتعد عن الملف جريا على عادته بعدم التقصي في الملفات التي يشتبه فيها وجود موظفين ساميين”.

وأشار بيان الجمعية إلى ما وصفه بـ”الخدمات المتدنية المرتبطة بقطاعات بالتدبير المفوض كالنقل الحضري، وما يواكبه من فشل ذريع وغياب المردودية لما يسمى الحافلات الكهربائية، رغم امتصاص المشروع لمالية ضخمة”، وكذا “قطاع تجميع النفايات الصلبة حيث يظهر العجز الجلي في هذه الخدمة خاصة على مستوى مقاطعة المنارة، علما أن صفقات هذا القطاع تمتص ميزانية هامة ويلاحظ تلاعب في تنفيذ دفتر التحملات وضعف الخدمة دون تغريم الشركات”.

وتابع أنه من بين مظاهر الفساد بالمدينة الحمراء “الغموض الذي يلف كيفية تدبير كراء أماكن وقوف السيارات والدراجات، والأثمنة المحددة، إلى درجة أن كل الأماكن من الأزقة وشوارع أصبحت مؤدى عنها”.

واعتبرت الجمعية الحقوقية أن تعثر وفشل برنامج مراكش الحاضرة المتجددة الذي رصدت له ميزانية 6.3 مليار درهم، يبقى “العنوان الأبرز لإفلاس تدبير الشأن المحلي، والذي تتحمل مسؤوليته العديد من الوزارات إضافة إلى العديد من المؤسسات والمنتخبين”.

وأوضحت أنه “رغم الزيارات المكوكية لأوراش البرنامج فان مدة إنجازه تم تجاوزها بسنة ونصف، وأن بعض المنجزات لا تحترم المعايير التقنية والفنية المعمول بها، والبعض الآخر لازال في بداية الأشغال وأخرى تنجز بتكلفة مبالغ فيها رغم تواضع الأشغال”.

وشددت على أنها “لم تلمس الجدية والاهتمام الكافي بمحاربة الفساد والاغتناء غير المشروع، رغم مناشداتها ومراسلاتها حول محاربة الفساد وإعمال الشفافية والنزاهة في تدبير الصفقات، واعتماد المراقبة القبلية والبعدية لصرف الاعتمادات المخصصة للبرامج والأوراش المنجزة لفائدة الدولة أو المجالس المنتخبة، وكذا رغم مطالبتها باعتماد آليات التقصي والتحقيق والسهر على تنفيذ القانون واحترام مقومات الشفافية والنزاهة والحرق على حسن صرف وتدبير المال العام وحمال الملك العمومي”.

وأدان فرع المنارة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان في البيان ذاته، “استمرار مظاهر الفساد والرشوة وغياب الشفافية والنزاهة في تدبير وتسيير المرفق العمومي”، كما أكد على ضرورة “تعميق البحث والتقصي والتحري في قضية مدير الوكالة الحضرية بمراكش”، وكذا “تعميق البحث والتحقيق في كل القرارات الصادرة عن لجنة الاستثناءات والشباك الوحيد للاستثمار”.

وطالبت الهيئة الحقوقية بـ”الإسراع في عرض الملفات المتعلقة بنهب وتبذير المال العام أو الملك العمومي على القضاء، وتفادي التباطؤ المعمول به مما يجعل الملفات تدخل دائرة النسيان، أو تصفيات سياسية باعتماد التستر والعفو المتبادل بين السياسيين ضدا على تنفيذ القانون والوفاء بالالتزامات الدولية”.

واستنكرت الجمعية “عدم تنصيب المجلس كطرف مدني في القضايا التي تهمه مما يجعله حاميا ومكرسا للفساد الذي أصبح جزاء منه”، على حد تعبيرها، مطالبة في الوقت ذاته “السلطات القضائية بالبث في الملفات المعروضة عليها في آجال معقولة في احترام تام لسلطة القانون وحرصا على المال العام  والملك العمومي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *