سياسة، مجتمع، ملف

هل يدخل المغرب القائمة السوداء لمنظمة العمل بسبب قانون الإضراب؟

مع توالي مراسلات اتحادات نقابية عالمية وعربية وإقليمية للحكومة المغربية قصد سحب مشروع القانون التنظيمي المتعلق بممارسة الحق في الإضراب، وإرجاعه إلى طاولة الحوار الاجتماعي، بات السؤال اليوم هو هل يجر “قانون الإضراب” المغرب إلى “القائمة السوداء” لمنظمة العمل الدولية؟ ثم ألا يشكل تدخل كل تلك الاتحادات والهيئات لدى الحكومة لسحب “قانون الإضراب” تدويلا للقضية؟

القيادي بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل عبد المجيد بوعزة لم يستبعد إدراج المغرب بـ”القائمة السوداء” لمنظمة العمل الدولية، قائلا إن “التقارير التي أرسلناها إلى منظمة العمل الدولية تفيد بأن هناك هجوما ممنهجا على الحريات النقابية، ومتابعة المسؤولين النقابيين، وطرد العمال بمجرد تشكيل مكتب نقابي داخل أية مقاولة دولية أو وطنية، علاوة على متابعة المسؤولين النقابين داخل المحاكم”.

“القائمة السوداء”

لكن عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في تصريح لموقع “العمق”، يعلق إقدام منظمة العمل الدولية بوضع المغرب ضمن “القائمة السوداء” على شرط تحرك لجنة الخبراء داخل المنظمة، للتقصي والبحث في التقارير المرفوعة إليها، كاشفا عن عمل اللجنة النقابية التابعة للاتحاد الدولي للعمل ولجنة الخبراء بمنظمة العمل الدولية على دراسة كل التقارير بإمعان.

وأضاف الناشط النقابي أن منظمة العمل الدولية مازالت تعتبر المغرب إلى جانب دول كتونس وبعض الدول العربية متوفرة على الحد الأدنى للعمل النقابي، مشددا على احترامهم لتقدير المنظمة، منبها إلى وجود بنود بمشروع القانون التنظيمي المتعلق بممارسة الحق في الإضراب تعرقل ممارسة هذا الحق، مشددا على أن الحق سابق على المنع خلال عملية التقنين والتشريع.

ورأى بوعزة أن مشروع القانون التنظيمي ليس قانونا تنظيما للإضراب بقدر ما هو قانون لمنع الإضراب بالمغرب، موضحا أنه تنشطه عقلية سياسية لا تؤمن بالحوار الاجتماعي سواء في الحكومة السابقة والحالية، معتبرا المشروع متنافيا مع الاتفاقيات الدولية بما فيها الموقعة من طرف المغرب، ومع دستور 2011، ومع مقتضيات مدونة الشغل، والعراف والتقاليد المنظمة للعمل النقابي.

تدويل “الإضراب”

أستاذ القانون الاجتماعي بكلية الحقوق المحمدية محمد طارق، يرى صعوبة تدخل منظمة العمل الدولي لتصنيف المغرب في قائمتها السوداء بسبب وضعه لمشروع “قانون الإضراب” في مسطرة التشريع، لكنه أكد أن التصنيف يأتي بعد إيفاد لجنة الخبراء لزيارة البلد المعني بالأمر، وإعدادها لتقارير معمقة حول الموضوع، تبني عليها منظمة العمل الدولية المصادقة على إدراج اسم دولة في “القائمة السوداء”.

واقترح الأستاذ الجامعي، في تصريح لجريدة “العمق”، على المركزيات النقابية اللجوء إلى مراسلة منظمة العمل الدولية قصد إرسال لجنة الخبراء إلى المغرب للاشتغال على هذا الموضوع، كخطوة للضغط على الحكومة، موضحا أن مراسلات الاتحادات الدولية للمغرب يعني أن موضوع “قانون الإضراب” لم يبق شأنا مغربيا فقط، بل أصبح شأنا عماليا دوليا.

ضغط عالمي

واعتبر الأكاديمي مواقف الاتحادات الدولية والعربية بمثابة “تكتل عمالي للضغط على القرار السياسي، مضيفا أن كل مواقف الاتحادات الدولية والعربية جاءت منطق التكتل النقابي الدولي باعتبار المنظمات النقابية المغربية عضوة بالصفة في تكتلات نقابية دولية مثل الاتحاد الدولي للنقابات القادر على الضغط والتأثير في القرارات السياسية للحكومات بشكل عام وللحكومة المغربية بشكل خاص.

وأوضح طارق أن المراسلات النقابية العالمية تزيد الضغط على الحكومة، باعتبارها تطالب بمبدأ أساسي هو أن يصبح “قانون الإضراب” مخرجا من مخرجات الحوار الاجتماعي، مذكرا بأن مواقف الاتحاد الدولي للنقابات، واتحاد النقابات في الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد العربي للنقابات تنصب على موضوع واحد هو سحب مشروع القانون التنظيمي المتعلق بممارسة الحق في الإضراب.

تضامن نقابي

وكان كل من الاتحاد الدولي للنقابات، والاتحاد الدولي للصناعات، واتحاد العمل الأمريكي، والاتحاد العربي للنقابات، قد راسلوا حكومة سعد الدين العثماني، مطالبين إياها بسحب مشروع القانون التنظيمي للإضراب، وإرجاعه لطاولة الحوار الاجتماعي، قصد إزالة المقتضيات المتناقضة مع الاتفاقيات الدولية، والمقيدة للحق في الإضراب.

وترفض النقابات الأكثر تمثيلية “قانون الإضراب”، متمثلة في الاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والكنفدرالية الديمقراطية للشغل. كما عارضته بقية النقابات متمثلة في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، والمنظمة الديمقراطية للشغل، إلى جانب القطاع النقابي للعدل والإحسان، والنقابة الوطنية للتعليم العالي.

نقاش مجتمعي

وترفض الحكومة سحب “قانون الإضراب”، بمبرر أنه أصبح ملكا للمؤسسة التشريعية، مشددة على أنها لن تذهب للمؤسسة التشريعية من أجل التصويت عليه إلا بعد استنفاذ مراحل التشاور مع الشركاء الاجتماعيين. أما رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب “الباطرونا” صلاح الدين مزوار، فقد طالب بفتح نقاش مجتمعي حول المشروع، داعيا لإعطاء المشروع فرصة اتخاذ مساره التشريعي.

وبعد قول وزير الشغل والإدماج المهني محمد يتيم إن “الحكومة اتخذت قرارا بعدم سحب القانون التنظيمي المتعلق بالحق في الإضراب، لأنه أصبح ملكا للمؤسسة التشريعية”، أكد أستاذ القانون الاجتماعي بكلية الحقوق المحمدية محمد طارق وجود إمكانية سحبه رغم وجوده في مسطرة التشريع، مذكرا بسحب مدونة الشغل من البرلمان سابقا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *