وجهة نظر

“روايات في الرف”

كثيرا ما أتساءل مع نفسي لماذا كل الأشياء عندنا مؤجلة وفي قاعة الإنتظار ؟ كم رواية مرمية في الرف؟ والحال أني أنتظر الوقت الذي يأتي أو لا يأتي لسبر أغوارها، كذلك مجلات وكتب ضللت الطريق إليها في زحمة الوقت .

هذه الحالة أجدها تمتد لأشياء أخرى في حياتنا اليومية حتى أصبحت سلوكا معتادا، كم من ملابس وعطور وأحذية نشتري وتبقى في الرفوف دون ان نستعملها؟ كم من الأواني الفاخرة في المطبخ نقتنيها بأثمنة باهضة وننتظر يوما للعمر ربما للتباهي بها أمام الضيوف في عرس أو مناسبة عابرة قلما يجود بها هذا الزمن البئيس؟ لماذا يغلق صالون المنزل المجهز طوال السنة ؟

تذكرت أحد الكتاب المشهورين حين قال يوما في لقاء تلفزي، الكتاب الذي يقرأه يتخلص منه فورا لأنه لا يتوفر على مكتبة، والتي يعتبر وجودها في المنزل أحد مسببات الكسل.

قد يبدو هذا التفسير أقرب الى الصواب رغم أن هذه السلوكات تحتاج منا إلى نقاش آخر ربما له صلة بغياب الخزانة بمنازلنا وبفعل القراءة عموما، وله تفسير آخر مرتبط بهذا الوافد الجديد على حياتنا، هذا العالم نسميه أزرقا أو أصفرا أو أحمرا ، يسرق كل اوقاتنا دون وعي منا.

أصبحنا في في حالة استعباد اختياري وطوعي لهواتفنا وحواسيبنا كي نتيه ونضيع في هذا العالم الافتراضي، الذي لم يترك لنا وقتا للتنفس، ولا زمنا للخلوة مع الذان لمحادثثها ومحاسباتها إذا اقتضى الحال.

مرارا، يراودني هذا السؤال المحير: كيف سيكون حالنا لو اسقطت فجأة كل هذه التكنولوجيا وهدمنا كل هذه العوالم الإفتراضية، وعدنا للأيام الخوالي التي كنا نجتمع جميعا في البيت ننتظر نشرة الاخبار اليتيمة أو فيلما نشاهده ونحكي عنه الليالي الطوال؟.

أجل، كانت لأوقاتنا قيمة، ولعلاقتنا الإنسانية متعة ولذة، كانت للفضاء العام سلطة، لكن هيهات، شتان بين البارحة واليوم.

لايسعني وسط هذا التيه إلا أن أردد مقولة تنطق بلسان الحال، حالنا جميعا وسط هذه الأزمنة السائلة ” إن اليوم الذي لا نشرب فيه الشاي ولا نقرأ فيه كتابا أو جريدة يوما ضائعا “….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *