وجهة نظر

الفشل أهو فشل أم ماذا؟

لماذا فشل المغرب في كل مبادرات التنمية البشرية فيما بعد تجربة حكومة رئيسها الوطني الكبير الاستاذ عبد الله ابراهيم والذي اسقطته قوى الامبريالية والتكالب الداخلي وكان ذلك سنة 1959 _ 1960 ويعتبر ماحققته هذه الحكومة الوطنية خلال سنة فقط نقطة ضوء لامعة في تاريخ المغرب بعد الاستقلال ?.

ان الجواب على هذا التساؤل جارح ومؤلم ويمكن تقسيمه الى ثلاث محطات تاريخية اثرت بشكل كبير على التنمية في البلاد.

اولا : مرحلة مابعد وفاة محمد الخامس

ثانيا: مرحلة المصالحة في نهاية حكم الحسن الثاني.

ثالثا : مرحلة حكم محمد السادس.

ان المرحلة الاولى هي الاكثر سوادا من كل المراحل ،حيث اجتمعت العديد من العوامل الخارجية والداخلية ماجعلتها مرحلة الحديد والنار من اجل حب الاستبداد ،خلالها وقبل سنة تم اسقاط الحكومة الوطنية لرئيسها عبد الله ابراهيم وماحققته من انجازات كانت ستجعل المغرب دولة مستقلة ومتقدمة ونموذجية ،بعدها بسنة توفي محمد الخامس في ظروف غامضة وبسبب يطرح اكثر من تساؤل ?! وبعده بسنة بدأت المحاكمات والاغتيالات وكان ذلك سنة 1962 وبدأ الاستبداد السياسي الاعمى لحكم ديكتاتوري مطلق لثلاث عقود من الزمن شهد خلالها المغرب افضع المجازر التي عرفتها الانسانية ولازالت ذاكرة الاماكن التي شهدت هذه المجازر شاهدة على ماوقع.

المرحلة الثانية خلالها وصل المغرب الى تدهور سياسي واقتصادي واحتقان اجتماعي منقطع النظير ،حيث الفقر والقمع والتخلف والامية والجهل والاحتجاجات والعطالة ،وما اسطلح عليه بالسكتة القلبية ، وارتفاع الدين الخارجي الى مستويات رهن البلد بكامله و ان بيعه لن يستوفى هذا الدين ،خلال هذه المرحلة واخيرا اقتنع نظام الحكم المستبد ،ان بقائه واستمراره رهين ببدأ سياسة جديدة تؤسس لمرحلة مختلفة عن المرحلة السابقة ليس من اجل مصلحة البلد ومواطنيه ولكن من اجل بقائه .

بعد مد وجزر جاءت حكومة التناوب سنة 1998 وعن مضض بعد تنازل الحكم الجائر عن بعض من استبداده الممنهج لانقاد روحه الوهنة وليس جسده المتهالك ، وفعلا حقق مبتغاه .

بعد هذه المرحلة والتي لانريد ان نبعثر كثيرا في صفحاتها الدامية و في ذكريات مؤلمة في ارشيفها المظلم ،جاءت مرحلة الامل والنهوض والنسيان ،ولكن ماذا بعد?.

في بدايتها وخصوصا سنة 1999 بعد انتقال الحكم من شخص الى اخر كانت هناك اشارات توحي ببدأ مرحلة جديد خطاب 1999 مفهوم جديد للحكم وللسلطة مفهوم جديد للمؤسسات ،المهم آمالا عريضة و انتظارات ضخمة لفك حمولة سياسية واقتصادية واجتماعية متضخمة كجبل الثلج ،كل المؤشرات بداية كانت ايجابية خصوصا مع حكومة ائتلاف وطني وارادة سياسية من نظام مستبد لتغيير الاوضاع.

غير ان المتتبع الاقتصادي الحذق كان يدري جيدا ان السياسة الاقتصادية المتبعة هي تنفيذ لاملاءات الدول المقترضة والدائنة في شخص ممثلها صندوق النقد الدولي وان سياسة الخوصصة على كل المستويات التي باشرها المغرب لدليل صارخ على الخضوع لكل الاملاءات والتي كانت مخلفاتها خطيرة على القدرة الشرائية للمواطنين وعلى الاقتصاد الوطني برمته.

جاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي اطلقها النظام السياسي وجند جنوده لخدمتها لعقدين من الزمن ،ليفاجئنا في الاخير عن فشلها ،فماذا حدث وماذا وقع لكي تفشل مبادرة اقتصادية ?وهل فعلا كانت تستحق ان تكون مبادرة اقتصادية ? وهل مشروعها في الاساس كان مبني على معطيات علمية واقتصادية لانجاحه? وهل وضعت الاعتمادات المالية اللازمة لتحقيقه? وهل وضعت خارطة طريق بينة مسالكها لتنفيذها ? وهل حددت المؤسسات المعنية باجرئتها ? .

ان المتتبع للشان الاقتصادي والسياسي وفي اجابة صريحة للا سئلة الحارقة المطروحة لن يجد الجواب العلمي الاقتصادي الشافي لها ،وبالتالي لايمكن له تقيبم مالايستحق التقييم بمعطيات موضوعية وشافية وشفافة.

ان الارتجالية خاتم رصيع ولامع ولايصدأ لنظام سياسي حربائي يستطيع ان يغير لونه حسب المعطيات البيئية و السوسيواقتصادية بامتياز ، اذ يعتمد دغدغة المشاعر والتاثير النفسي والانفعالي باغناء القاموس الاجتماعي والاقتصادي بمصطلحات توحي بتضامنه مع المواطنين ،من قبيل ان الالم هو مشترك وهو سلوك نفسي مؤلم للجميع حتى بالنسبة له، وان الثروة لايعرف اين هي ،مع انه متخم ومفعم بها حتى الثمالة.

سقط قناع التنمية البشرية بفضحه من اجهزة اممية لها مصداقيتها بترتيب المغرب في 123 من اصل 191 دولة على العالم اقتصاديا ،وان معيار هذا الترتيب معيار دولي يعتمد عناصر موضوعية منها مقياس العمر المتوقع ،مقياس التنمية والتعليم ومستوى المعيشة ، وان المغرب احتل مراتب متاخره على العالم وافريقيا.

اكيد ان الفشل سواء كان اقتصادي تنموي اوسياسي اواجتماعي او ثقافي معناه فشل المشرفين عليه، وهنا ينجلي وبكل وضوح ربط المسؤلية بالمحاسبة والتي تبقى فقط شعارا لمبدأ دستوري مكتوب .

تعطلت المشاريغ الاقتصادية بسبب الفساد وهربت اموال كبيرة في واضحة النهار ،الضرر فاجح ويمس المواطن بالاساس ولم نسمع عن المسؤول عن هذه المآساة ولا محاسبته، وفي الاخير نفاجئ بفشل مبادرة اقتصادية وتعويضها باخرى دون اهداف ولامحاسبة ???

نعلن منذ الآن عن فشل كل ماساياتي ببساطة لان الدولة فاسدة ونظامها مستبد اقتصاديا،ان غسل الدرج يكون من الاعلى وليس الاسفل…….. يتبع

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *