وجهة نظر

تحليل الخطاب الملكي بمناسبة ثورة الملك والشعب‎

يعتبر خطاب جلالة الملك بمناسبة ذكرى ثورة الملك و الشعب ثورة متجددة ومتواصلة على مستوى التنمية الاجتماعية، حيث حرص جلالته على جعل المواطن في صلب العملية التنموية التي أريد بها ان يسير و فق مقاربة تشاركية وإدماجية، في معالجة القضايا الكبرى للبلاد، تنخرط فيها جميع القوى الحية للأمة.

جلالة الملك أكد على الأدوار التي ستطلع بها اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي؛ التي ستعمل على الانكباب على هذا الموضوع المصيري من خلال نهج تصور شامل للنسق الاجتماعي بالدولة و القيام بمهمة ثلاثية تقويمية واستباقية واستشرافية، للتوجه في هذا الورش المصيري

كما ستمكن من وضع تصور دقيق للمشروع وفق منظور نقدي للواقع بعيد كل البعد عن النظرة الأحادية للتصور الحكومي. كما ان هاته اللجنة الايتشارية ستكون دعامة أساسية لانبثاق هذا النموذج التنموي في صيغته الجديدة، و بالتالي على الحكومة أن تتفاعل مع هذا التوجه بشكل جاد و حازم في اقتراح الكفاءات العالية، من مختلف الأقطاب ( الأحزاب السياسية، البرلمان بغرفتيه، الخبراء في مجال الشركات و المقاولات، الخبراء و الباحثين بالجامعات، الأطر المؤسساتية، الانفتاح على الجالية المغربية.. ) وذلك من أجل التفكير بشكل تشاركي في الآلية التي من خلالها سيفعل المشروع التنموي تفعيلا يضمن تحقيق الأهداف من خلال إحداث آليات التتبع و التقييم و الاستشراف المستمر لكل المحطات. و بالتالي فاللجنة الاستشارية ستمكن من وضع تصور دقيق للمشروع وفق منظور نقدي للواقع بعيد كل البعد عن النظرة الأحادية للتصور الحكومي،

ايضا ستعمل على لم شمل الكفاءات في مختلف الميادين لاسيما و أن الاحزاب السياسية فشلت فشلا ذريعا في ضمها و اعطاءها فرصة الاقتراح و التفكير، و بالتالي ستكون دعامة لتحقيق الإبتكار و ترسيخ المواطنة، هاته الأخيرة ستكون حاضنة للكفاءات، بحيث ان الحس الوطني سيعزز من تجويد مخرجاتها التي ستساهم في التنمية البشرية المستدامة و معالجة الفوارق الاجتماعية .

و هنا لابد للاشارة إلى ان النمودج التنموي يجب ان يتعدى منظور الاقتصاد التضامني المحلي و أن يتسع مجاله ليقدم آلية قانونية مستدامة تخدم المواطن و الجيل الذي يليه، بمعنى تفادي النماذج التي تركز على تقديم الدعم التنموي دون تقييم للأهداف و المنجزات حيث انه يتبين حجم المجهودات و الموارد التي ضاعت دون تحقيق نقلة تنموية لاسيما بالمناطق التي تشهد هشاشة تنموية و التي تخلق فوارق اجتماعية تتناقض مع ما وصل اليه المغرب من تطور كبير في مختلف المجالات الدستورية و القانونية و الحقوقية و الأمنية و الترابية و غيرها.

حرص جلالته على ان يسر المغرب في اتجاه التنمية المجالية يعد لبنة اساس نحو تمكين الدولة من الآليات التي تعزز من قدرتها على تطوير الاقتصاد و الرفع من الإنتاجية، لاسيما و ان كل المداخيل متاحة اليوم ليسير المغرب في السرعة القصوى في طريق التنمية الشاملة لاسيما و ما عرفه من أحداث للاقطاب الصناعية في مختلف جهات المملكة.

جلالة الملك استبق بشكل واقعي آليات تفعيل المشاريع التنموية بالمناطق القروية، حيث شخص مجمل الاعطاب التي تحول دون تفعيلها وفق ما يخطط له هنا نتحدث عن ضعف مردودية الإدارات العمومية، صعوبة المساطر الإدارية، عدم التنسيق بين الفاعلين. و بالتالي حرص جلالته على تجاوز كل هاته المعيقات من خلال تقديمه لحزمة من الاجراءات الفعالة التي وجب تفعيلها في القريب، هنا نتحدث عن تجويد الاستثمارات الفلاحية و القطاعات التابعة لها، اشراك الشباب في المجال التنموي و جعله فاطرة لبلوغه.

الخطاب ربط بين دور الطبقات الاجتماعية و لاسيما الطبقة الوسطى في عملية التنمية المستدامة، و هي إشارة قوية على ان كل المشاريع و الأوراش التي فتحها المغرب طيلة العشرية الأولى تهدف بالأساس المواطن كيفما كانت درجته الاجتماعية و هنا نذكر بالمكانة التي تحضى بها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من إهتمام جلالته و الحصيلة التي راكمتها في محاربة الفقر و الهشاشة.

الخطاب يعتبر مكملا لخطاب العرش حيث استكمل الآليات اللازمة لتنفيذ مجموعة من الاوراش الجديدة بالدولة، و ما تتطلبه من كفاءات و موارد وطنية، حيث أكد جلالته ان هذا التوجه سيكون نقلة نوعية في مسار التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بالمغرب.

* باحث جامعي ومحلل سياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *