سياسة، مجتمع

الشعبي: تخلي الزفزافي عن الجنسية قرار جريء.. لكنه قد يخلق “بلبلة”

فاطمة راجي – صحافية متدربة

توالت ردود الأفعال بعد قرار قادة حراك الريف (ناصر الزفزافي ورفاقه)، بالتخلي عن الجنسية المغربية وإسقاط رابط البيعة بدءا من يوم الجمعة المنصرم، إذ عاد ملف معتقلي حراك الريف إلى الواجهة، وخلق نقاشا متباينا بين أطرافه.

وفي هذا السياق دعت الناشطة الحقوقية وعضو في المجلس الوطني لحقوق الإنسان فاطمة الشعبي، إلى تصحيح المغالطات التي يروجها الإعلام، لما لها من تأثير على الرأي العام المغربي، وفق تعبيرها.

الأستاذة الجامعية سلطت الضوء في حوار مع جريدة “العمق”، على قرار معتقلي الحراك، معتبرة أنها “خطوة جريئة وغير مسبوقة ولم يسجلها التاريخ من قبل، وهي نتيجة للإحباط بعد استنفاذ كافة وسائل الاحتجاج”.

وفي نفس الوقت، تضيف المتحدثة، هي “خطوة خطيرة قد تزيد الأمور تعقيدا”، إذ تعتقد أنه من المحتمل أن تخلق بلبلة لدى المساندين قبل المعارضين لحراك الريف.

يأتي ذلك بعدما أعلن قائد الحراك ناصر الزفزافي و5 من رفاقه المعتقلين بسجن “راس الما” بفاس، تخليهم عن جنسياتهم المغربية وإسقاط “رابط البيعة”، محملين الدولة المغربية “كامل المسؤولية عن أي مساس يمسنا ذهنيا وجسديا بدءا من هذا التاريخ”.

وفي ما يلي نص الحوار:

كيف ترين قرار قادة حراك الريف بالتخلي عن جنسياتهم المغربية؟

هي في الحقيقة خطوة جريئة ومسبوقة، لم يسجلها التاريخ على أي أحد من معتقلي الرأي، حتى في سنوات الجمر والرصاص، وقد تكون هذه الخطوة نتيجة لظروف نفسية يطبعها الغضب واليأس والإحباط بعد استنفاذ كافة وسائل الاحتجاج والضغط.

لكن لا أظنها خطوة مُوفقة في ظل ظروف سياسية واجتماعية معقدة وحرجة، وفي غياب قانون يؤطرها، لأنّ التخلّي عن الجنسية لا يُقبل إلا بشروط معينة، ينص عليها قانون الجنسية المغربي وبموجب مرسوم.

انقسم الرأي العام إلى اتجاهين، الأول يدعم الخطوة المتخذة باعتبارها تصعيدا في الاحتجاج، والثاني يرى أن الأمر سيؤزم ملفهم أكثر، مارأيك؟

هي فعلا خطوة تصعيدية، ومن حق المعتقلين أن يسلكوا جميع السبل التي قد تؤدي إلى التخفيف أو السراح، لكن هذا الأمر في اعتقادي سيُثقل ملفهم وسيعقده أكثر لسببين.

فمن جهة، هناك مغالطة تتجلّى في ربط الجنسية بالظلم والاعتقال وعدم الاستفادة من العفو، بينما هي مسألة قانونية تربطك بجنسية الوالدين والأرض التي أنجبتك، والبلد الذي تنتمي إليه، وحالات اختيار التخلي عنها منصوص عليها في القانون، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

ومن جهة أخرى، قد يخلق هذا الأمر بلبلة لدى المساندين قبل المعارضين، حيث سيتم التشكيك مرة أخرى في وطنيتهم، ومشروعية قضيتهم المقرونة بقضايا وهموم الشعب المغربي، في الكثير من المناطق وليس فقط في الريف.

في ظل هذه الأحداث، هل تتوقعين عفوا ملكيا على المعتقلين؟

بعد التذمر العام الذي نتج عن الأحكام القاسية، كان الجميع يأمل ويتنبأ باحتمال عفو ملكي، وقد أخذ الملف فعلا طريقه إلى ذلك تدريجيا، حيث كان يتمّ الإعلان في كل مناسبة وطنية أو دينية عن عدد المعتقلين ممّن شملهم العفو، وكان الجميع يأمل أن يشمل العفو الملكي باقي المعتقلين السياسيين في المناسبات الوطنية الأخيرة.

لكن في ظل هذه الأحداث، أظن أن الأمور قد زادت تعقيدا، واتخذت مناحي ومنعرجات خطيرة، سواء من المعتقلين بالتهديد والتحدّي، أو من الدولة بالتعنّت والتحدّي أيضا، الشيء الذي يستعصي معه معالجة الأمور.

وأصبح من الضروري، إعادة النظر في كثير من المقاربات، ومنها المقاربة الأمنية التي تنهجها الدولة، والتي لم تعد صالحة اليوم، في ظل السعي إلى الدمقرطة، وإلى بلورة نموذج تنموي بديل، يجعل الإنسان في صلب كل القضايا والتحديات المطروحة.

ما رأيك في طريقة تعاطي الإعلام مع هذه الخطوة؟

لقد تناول الإعلام هذه القضية بشكل كبير ومثير، وخصوصا الإعلام الإلكتروني، حيث استنكرت أغلب المنابر الإعلامية هذا الأمر، مشككين في وطنية ونضال المعتقلين، في حين ذهب بعضهم إلى أن الأمر لا يعدو أن يكون جعجعة للمساومة والمزايدات، كآخر ورقة يلعبها قادة حراك الريف للضغط ولفت الإنتباه، وجلّهم يستدلّ في طرحه بمحللين ومتخصصين في القانون وغيرهم.

بطبيعة الحال، الأمر ليس عاديا، وكما قلت في البداية، هذه سابقة ومن الطبيعي جدا أن تثير اهتمام الرأي العام كما الإعلام.

لكن الإعلام، إذا استثنينا بعض الجرائد والمنابر الجادة، نجده لا يتسم بالموضوعية اللازمة، ويسمح لنفسه بإصدار أحكام قيمة، ومغالطات تُفقده كل مصداقية لدى المتلقي الواعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *