سياسة، مجتمع، ملف

إجبارية التصويت.. هل هي حقيقة قادمة أم مجرد بالون اختبار؟

تصدرت قضية فرض “إجبارية التصويت” في انتخابات 2021 محور اهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما بعد تحول الموضوع من مجرد فكرة إلى واقع في مصر، وما تحمله الفكرة من تخوفات تجلت في النقاشات التي تدور رحاها في الفضاء الافتراضي، وينعكس صداها على الواقع.

وتتلخص فكرة التصويت الإجباري في إلزام الناخبين بالاقتراع أو الحضور إلى مكان الانتخاب يوم التصويت، مع فرض عقوبات تأديبية أو مالية أو حتى الاعتقال في حال خرق المصوت للقرارات، وتتوفر 23 دولة على قوانين للتصويت الإجباري، منها من تفعلها ومنها من جعلتها حبر على ورق.

وتطرح مسألة إجبارية التصويت الكثير من الأسئلة، على رأسها ما مصدر هذه الفكرة؟ وهل إجبارية التصويت هي الحل لما يعرفه العمل السياسي؟ وهل يتعلق الأمر بموضوع جدي أم بمجرد بالون اختبار؟ أليس تطبيق الفكرة توجها نحو السيناريو المصري؟ وهل هناك إمكانيات لتنزيل هذه الفكرة؟

“بالون اختبار”

وذهب مدير المعهد المغربي لتحليل السياسات محمد مصباح إلى أبعد مدى من إقرار التصويت الإجباري، مسائلا السلطات عن مدى قدرتها على توفير الإمكانيات التقنية واللوجستيكية والمادية لتنفيذ هذه لفكرة، قائلا “يظهر لي أنها مسألة غير قابلة للتطبيق سواء من الناحية التقنية أو من الناحية السياسية”.

ورأى مصباح، في تصريح لجريدة “العمق”، أن إثارة هذا الموضوع يكشف عن المخاوف الكبيرة لدى وزارة الداخلية من تدني نسبة التصويت، مشددا على أن هذا هو الحافز الأساسي وراء هذا النوع من الحديث، موضحا أن الأمر مجرد بالون اختبار، لا ينطوي على فائدة عملية من ورائه.

“عزوف انتخابي”

ولا يختلف المحلل السياسي محمد العمراني بوخبزة مع مصباح في كون الحديث عن إمكانية الذهاب نحو إجبارية التصويت تمليه رغبة في مواجهة العزوف الانتخابي الذي قد يصل إلى مستويا قياسية مع الانتخابات 2021، لكنه يرى أن تحقيق ذلك يتطلب النظر في كل النظام الانتخابي برمته.

وهنا طالب العمراني، في تصريح لجريدة العمق”، بمناقشة جميع مناحي النظام الانتخابي، وفي صلب ذلك اللوائح الانتخابية، والحسم في سؤال هل سيتم الاعتماد على آلية التسجيل أم الاكتفاء عند التصويت بالإدلاء ببطاقة التعريف الوطنية فقط، مشددا على أنه لا يمكن فصل إجبارية التصويت عن باقي قضايا النظام الانتخابي.

“حق المقاطعة”

وأكد مصباح على أن التصويت يعد حقا واختيارا وليس إجباريا، وإن إمكانية تنزيله إجباريا في المغرب تبدو صعبة، قائلا “إن الإجبارية ليس لها من دلالة ما لم تقنع المواطنين بالبرامج”، موضحا أن من شأن إجبار الناخبين على التصويت أن يرفع نسبة الأصوات الملغاة.

لكن المحلل السياسي محمد العمراني بوخبزة يرى أن التصويت بورقة ملغاة لا يعني بأي شكل من الأشكال المقاطعة، موضحا أن إلزام الكتلة الناخبة أو بعضها على المشاركة يعني حرمانها من حق في الاختيار وهو مقاطعة الانتخابات كموقف سياسي.

“مصرنة المغرب”

ويعتقد العمراني أن عدم المشاركة هو تعبير عن رأي في القضية الانتخابية وتموقفا من النظام أو الأحزاب أو الأشخاص أو البرامج، منبه إلى أن إلزام أو إجبار شخص على الذهاب لصناديق الاقتراع قد يعتبر مسا بحق من حقوق الأفراد الذين يرغبون في التعبير عن موقف معين.

وأبدى مصباح تخوفه من تكرار التجربة المصرية في المغرب، موضحا أن الداخلية إذا ذهبت في هذا الاتجاه فإنها ستذهب نحو “مصرنة المغرب”، مشددا على أنه ليس من بين الأنظمة الديمقراطية من تفرض على المواطنين التصويت، باستثناء بلجيكا وبعض الدول القليلة.

“أصل الفكرة”

وأرجع الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بن عبد الله أصل فكرة إجبارية التصويت إلى فترة مناقشة القوانين الانتخابية في عهد الحكومة السابقة، حين طرحتها بعض الأحزاب السياسية آنذاك وتم رفضها، موضحا أن هذا الموضوع لم يناقش في هيئة أحزاب الأغلبية.

ورغم أن بنعبد الله، يرى في تصريح لجريدة “العمق”، أن الموضوع أعيدت إثارته فقط في بعض وسائل الإعلام، مشددا على أنه موضوع غير وارد، إلا أن ذلك لا يعني إثارته مع أحزاب أخرى، خصوصا أنه في خضم الاستعداد لانتخابات 2021، أثيرت مسألة تعديل الفصل 47 من الدستور، وتغيير نمط الاقتراع وغيرهما.

“لعبة القوانين”

وسبق للكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر أن أكد سعي حزبه إلى تعديل الفصل 47 من الدستور وتعويض التصويت باللائحة بالتصويت الفردي الأحادي في الانتخابات، فجاءه رد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني، والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبد الله بالرفض.

ولم يستقر بعدها الاتحاد على موقف موحد، إذ خرج القيادي بالاتحاد شقران أمام ليقول  “ليس هناك موقف للحزب بشأن تعديل الفصل 47 من الدستور”، موضحا أن هناك وجهات نظر مختلفة داخل الحزب حيال دعوة الكاتب الأول للاتحاد إدريس لشكر التعديل، مشددا على أن كل ما يروج في الساحة السياسية “مواقف شخصية وليست موقف للحزب”.

“خرائط ترسم”

وبعيدا عن الضوضاء المثارة في الساحة، عملت وزارة الداخلية على إعادة هيكلة نواحي من التنظيم الإداري للمملكة على مستوى تحديد الحدود الترابية لمجموعة من الجماعات. وهمت رسم الخرائط الجديدة للحدود الترابية لـ48 جماعة داخل 7 عمالات وأقاليم بكل من مكناس، العرائش، الحسيمة، اليوسفية، تارودانت، قلعة السراغنة، الرحامنة.

وسبق أن رسمت الداخلية  الحدود الترابية بين جماعة الرباط، وجماعة التواركة المستقلة والمتمتعة بوضع خاص داخل عمالة الرباط، باعتبارها مقر الحكم بالعاصمة، وتلا ذلك مصادقة مجلس الحكومة على مشروع مرسوم للداخلية يقضي بإحداث دوائر وقيادات جديدة حدد عدد الدوائر في 206 دائرة على الصعيد الوطني، علاوة على رفع عدد القيادات من 708 إلى 714 قيادة على الصعيد الوطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 5 سنوات

    لك ياعربي