سياسة

هل سيؤثر تقرير مجلس جطو على مشاورات التعديل الحكومي؟

يطرح تزامن إصدار المجلس الأعلى للحسابات تقريره السنوي برسم سنة 2018، مع بدء مشاورات التعديل الحكومي الذي أمر به الملك محمد السادس في خطاب العرش الماضي، (يطرح) عدة تساؤلات طفت إلى سطح النقاش العمومي حول إمكانية أن يكون لهذا التقرير الذي فضح عدة اختلالات في وزارات ومؤسسات عمومية، تأثير على المشاورات، من قبيل إبعاد أسماء متورطة في اختلالات خطيرة.

وتحظى تقارير المجلس الأعلى للحسابات بالاهتمام، مؤخرا، بشكل أوضح من السنوات الماضية، بحسب خالد يايموت، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، والذي يرى أن الهدف من هذه المؤسسة سياسي بدرجة أولى وهو أن تظهر الدولة على أنها تتخذ خطوات إيجابية على مستوى محاربة الفساد، وهو الخطاب الذي يروج له أيضا رئيس الحكومة في السنوات الأخيرة.

واعتبر يايموت في حديث مع جريدة “العمق”، أن تعامل القضاء مع ما تفضحه تقارير جطو من اختلالات يبقى محتشم، كما أن الأحكام الصادرة في بعض ملفات الفساد المحالة على القضاء تنحو منحا تقليديا في التعامل مع الفساد، وليس هناك أي جديد، أما على المستوى المركزي فتنحصر في رسائل التطمين والرمزية السياسية على أن الدولة تحارب الفساد.

مرتبط بمستويين
أما تأثير تقرير قضاة جطو على بعض الشخصيات، فيربطه يايموت بمستويين، الأول حزبي، متعلق باللوبيات المتصارعة داخل الحزب مكنها أن تستغل هذه التقارير، والثاني مرتبط بعلاقة الشخص المستوزر بأجنحة معينة داخل الدولة، يمكن أن تستخدم هذا النوع من التقارير ضده.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن “رئيس الحكومة قد يجد في حالات فريدة مثل هذه التقارير تساعده ولكن على مستوى منهج العمل وتركيبة الحكومة لا أظن بأن مأموريته ستكون سهلة بل صعبة”.

إشارة واضحة
وبدوره، أشار الباحث في العلوم السياسية، حفيظ الزهري، أن توقيت نشر تقرير المجلس الأعلى للحسابات وارتباطه بانطلاق مشاورات التعديل الحكومي هو إشارة واضحة وتوجيه للأرضية الممكن أن تبنى عليها الحكومة المقبلة.

وبحسب الزهري، فلابد أن يكون لهذا التقرير تبعاته السياسية حيث يمكن أن يخلط الأوراق ويعيد المفاوضات إلى نقطة الانطلاقة لما تلقاه هذا التقرير من اهتمام من قبل الرأي العام الذي طالب بتفعيل المبدأ الدستوري “المسؤولية والمحاسبة”.

تبعات
“لكن في اعتقادي”، يوضح الزهري في حديث مع جريدة “العمق”، “لن يكون له تأثير كبير على بعض القطاعات التي لها إجابات عن محتويات التقرير، ليبقى مدى تحمل الوزراء المعنيين بالتقرير لمسؤولياتهم السياسية والإدارية وبالتالي تقديم طلب الإعفاء وهذا أمر مستبعد إلى حد ما”.

وشدد المتحدث ذاته، على أن التقرير قد يكون له أيضا تبعات على مستوى الخريطة السياسية مستقبلا وربما ستذهب بعيدا للتأثير على الانتخابات التشريعية المقبلة خاصة الأحزاب التي شمل التقرير القطاعات الوزارية التي تشرف عليها وقد نكون أمام تصويت عقابي.

المُحاكمة
ويرى محمد شقير، وهو باحث في العلوم السياسية، أن الجديد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات هو تزامنه مع التعديل الحكومي الذي أعلن عنه الملك في خطاب العرش، والذي يرى متتبعون للشأن السياسي أنه سيكون له تأثير على الإجراءات التي يمكن أن تتخذ في هذا الباب.

واعتبر شقير في تصريح لجريدة “العمق”، أن الدولة تراقب تداعيات الحراك الجزائري، حيث يلاحظ التأثير الكبير لبعض الإجراءات التي تم اتخاذها بالجارة الشرقية على الحراك، بالأخص تقديم مسؤولين كبار للمحاكمة.

عملية تطهير
ويمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار مسألة الانتخابات المقبلة، فبحسب شقير، فالمفروض للاستعداد لهذه الانتخابات هو أن تكون هناك عملية “تطهير وضرب على الطاولة تذكر بالعملية التي كانت في عهد الحسن الثاني”.

وخلص شقير إلى أنه “إذا كانت هناك رغبة جديدة في خلخلة المشهد السياسي بالمغرب خاصة وأن في الخطاب الأخير تحدث الملك عن كفاءات وضرورة تجديد للنخب، يمكن أن يكون هناك اعتماد على هذا التقرير بعض المسؤولين للمحاكمة أو العمل على إبعادهم من مناصب المسؤولية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *