وجهة نظر

لماذا رشحت حركة النهضة عبد الفتاح مورو؟

هل كانت حركة النهضة التونسية بترشيحها لعبد الفتاح مورو تريد أن تحكم تونس وتحتل أعلى منصب في الدولة؟ فلو كانت كذلك لرشحت أحد قيادييها الأكثر اتزانا ونضجا وشعبية داخل الحركة وداخل الشعب التونسي. فلماذا إذن تم ترشيح عبد الفتاح مورو وهو الرجل الذي يحدث من حين لآخر ضجة إعلامية بسلوكات غير وازنة؟ فَمِن الدور التمثيلي الفج في مهرجان إيطاليا، إلى الدخول في سب وقذف دعاة مصريين زاروا تونس، إلى عدم ضبط الانفعال أثناء دروسه وخطاباته، فضلا عن أنه ابتعد ردحا من الزمن عن الحركة على إثر محاولة تشويه سمعته من طرف النظام.

نعلم مسبقا بأن حركة النهضة قد احتفلت احتفالا كبيرا بحصولها على الرتبة الثانية أثناء انتخابات 2014، وذلك لأنها حققت هدفها من الانتخابات تجنبا للحصول على الصدارة وعيا منها بأن الظروف الإقليمية والعالمية لازالت لم تسمح بعد بحكم الإسلاميين، وتعبيرا من الحركة بأنها تضع أمن تونس فوق الاعتبار الحزبي، واكتفت بعد ذلك بالدخول في تحالف رباعي ضمن حكومة الحبيب الصيد. أي أنها طبقت منهج الإسهام في التسيير من أجل الحفاظ على حياة الحزب وديناميته، وتجنب أي احتقان سياسي قد يرهن تونس للمجهول كما وقع في الجزائر مع الجبهة الإسلامية والإخوان في مصر.

إن هذا المنطق الذي حكمته حركة النهضة في مسارها السياسي، هو نفسه الذي حكمته أثناء الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، فكل الذين ظنوا أن حركة النهضة تطمح إلى كرسي الرئاسة قد أخطأوا الرهان لأن ترشيح رجل مثل عبد الفتاح مورو يؤكد على أنها بترشيحه إنما أرادت تأثيث المشهد الديموقراطي في البلاد وتزكيته لا غير. وهذا السلوك السياسي الواعي أكسبها هدية ثمينة هي فوز المحافظ قيس سعيد مما جعلها تعلن أثناء الدور الأول تأييدها ودعمها له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *