سياسة، مجتمع

قانون النقابات .. تفاصيل مشروع قد يعصف بـ”الزعامات الأبدية”

رؤساء النقابات المغرببة

في الوقت الذي تنتظر فيه الحكومة ممثلة في وزارة الشغل والإدماج المهني ملاحظات النقابات بخصوصه، كشفت مسودة مشروع قانون النقابات، التي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، القواعد المتعلقة بتأسيس المنظمات النقابية وأنشطتها، وكذا معايير تخويلها الدعم المالي للدولة، وكيفيات مراقبة تمويلها.

مشروع القانون، أوضح في ديباجته، أنه “بات من الضروري وضع قانون موحد ينظم ممارسة العمل النقابي في القطاعين العام والخاص”، مضيفة أن “مشروع هذا القانون جاء من أجل وضع إطار قانوني منسجم يضبط وينظم مختلف الجوانب المرتبطة بالعمل النقابي للعمال والمنظمات المهنية للمشغلين والعلاقة بينها”.

وجاء فيها، أيضا، أن “العلاقات بين مختلف الأطراف المهنية قد عرفت عدة تراكمات على مستوى الممارسة، ونفس الشيء بالنسبة لنظام تمثيلية النقابات على مستوى المقاولة وعلى المستوى القطاعي وعلى المستوى الوطني، إضافة إلى ظهور مقتضيات قانونية تتضمن أحكاما حول المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلا كما هو الشأن بالنسبة للأحكام الواردة في القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين”.

شروط التأسيس

ونص مشروع القانون في مادته الثامنة، على أن يكون الأشخاص المكلفون بإدارة وتسيير نقابات العمال أو المنظمات المهنية للمشغلين، إضافة إلى الشروط المنصوص عليها في الأنظمة الأساسية لهذه النقابات والمنظمات، من جنسية مغربية، متمتعين بحقوقهم المدنية والسياسية، ولم يصدر في حقهم حكم نهائي بأية عقوبة سجن أو حبس نافذة بسبب السرقة، أو النصب، أو خيانة الأمانة، أو الزور أو الإدلاء به، أو التزوير أو التزييف أو الانتحال، أو انتهاك الأخلاق والآداب، أو الاتجار في المخدرات أو استعمالها، أو بسبب مخالفة التشريع المتعلق بالشركات.”

كما اشترط أن لا يكون الأشخاص المكلفون بإدارة وتسيير نقابات العمال “من أصول المشغل، أو فروعه، أو إخوته، أو أصهاره المباشرين، أو ممن فوض لهم المشغل أو كلفتهم الإدارة ببعض أو كل السلطات المرتبطة بالقرارات المتعلقة بالعمال المنتمين لتلك النقابات وذلك طيلة فترة مزاولة هؤلاء الأشخاص لمهامهم بهذه الصفة.”

مدة الولاية

وينتظر أن تثير المادة العاشرة من هذا القانون، الكثير من الجدل، وتواجه بالرفض من طرف النقابات، إذ شددت على ضرورة أن تتضمن الأنظمة الأساسية لنقابات العمال والمنظمات المهنية للمشغلين، “كيفية اختيار مرشحي النقابة أو المنظمة الذين سيكلفون بمهام الإدارة والتسيير في مختلف الأجهزة”، و”مدة ولاية الأعضاء المكلفين بالإدارة والتسيير داخل الأجهزة”، و”شروط الانخراط وإقالة واستقالة الأعضاء” وكذا “أحكام تكفل ضمان تمثيلية النساء والشباب في الأجهزة المكلفة بإدارة و تسيير النقابة”، و”الجهاز المكلف بمراقبة مالية النقابة أو المنظمة.”

كما أشار مشروع القانون في المادة 13 إلى ضرورة أن لا تتجاوز مدة انعقاد المؤتمرات الوطنية والجهوية 4 سنوات، مشيرا إلى أن “الفترة الفاصلة بين المؤتمرات العادية لنقابات العمال أو للمنظمات المهنية للمشغلين لا يجب أن لا تتجاوز المدة المنصوص عليها في النظام الأساسي فيما يتعلق بولاية الأعضاء المكلفين بإدارة وتسيير هيكل النقابة أو المنظمة على جميع المستويات.”

وطالب مشروع القانون النقابات بـ”احترام تجديد هياكلها داخل الآجال المقررة في أنظمتها الأساسية تحت طائلة اعتبارها في وضعية غير قانونية وانعدام الأثر القانوني لأي تصرف صادر عنها قبل تسوية وضعيتها.”

الدعم السنوي

وتحدث مشروع القانون في المادة 33 عن الدعم السنوي الذي تقدم الدولة للنقابة، حيث قال إن “المنظمات النقابية للعمال الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني، تتلقى دعما من الدولة في شكل عيني أو في شكل مساهمة مالية سنوية، من أجل تغطية كل أو جزء من مصاريف تسيير المنظمة ومصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية ومصاريف الأنشطة المرتبطة بالتكوين النقابي المنظمة لفائدة أعضائها و لتوظيف خبراء وإجراء دراسات في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والإدارية التي من شانها تعزيز قوتها الاقتراحية والتفاوضية.”

وكشف القانون، أيضا، كيفية توزيع مبلغ المساهمة المالية السنوية للدولة، بين المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا للعمال على الصعيد الوطني، وقال إن ذلك سيتم “على أساس النتائج المحصل عليها في انتخابات اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء والانتخابات المهنية على المستوى الوطني ووفق الكيفيات المحددة بنص تنظيمي.”

كما أشار مشروع هذا القانون في المادة 34 إلى أنه “يمكن لنقابات العمال والمنظمات المهنية للمشغلين أن تمتلك أموالا منقولة وغير منقولة، بعوض أو بغير عوض، من أجل مزاولة الأنشطة الضرورية لتحقيق أهدافها”.

ومنع هذا القانون، بحسب ما جاء في المادة 36 “الحكم بحجز المنقولات والعقارات اللازمة لعقد اجتماعات نقابات العمال أو المنظمات المهنية للمشغلين، وكذا المنقولات والعقارات اللازمة لخزانات كتبها، أو لتقديم دروس أو تكوين لفائدة أعضائها، إلا ضمن الشروط المحددة بمقتضى القانون”.

مساكن لفائدة العمال
ومنح مشروع القانون الحق للنقابات، في تخصيص جزء من مواردها المالية أو تقديم إعانات مالية من أجل إنشاء “مراكز للتكوين والبحث والدراسة في المجالات المرتبطة بالمهن والحرف والأعمال والأنشطة التي تمثلها؛ وإحداث مؤسسات اجتماعية ونوادي رياضية وأماكن للترفيه؛ وإقامة مساكن بأثمان مناسبة لفائدة العمال.”

معيار “الأكثر تمثيلية”
للحصول على صفة “الأكثر تمثيلية”، وضع مشورع قانون النقابات، معيارين، الأول حدد فيه ضرورة حصول النقابة على نسبة 6% على الأقل من مجموع عدد ممثلي موظفي الدولة والجماعات الترابية ومستخدمي المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري في انتخابات اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء بالقطاع العام، ومن عدد مندوبي الأجراء في الانتخابات المهنية بالقطاع الخاص، على المستوى الوطني”، أما المعيار الثاني فنص على ضرورة أن تكون ممثلة في مجلس النواب.

منع الترحال النقابي
ويمنع مشروع القانون المذكور، الترحال النقابي، وجاء في المادة 55 أنه “يفقد مندوبو الأجراء وومثلو الموظفين والمستخدمين الذين ترشحوا وفازوا باسم نقابة معينة في الانتخابات المهنية على مستوى المقاولة أو المؤسسة أو القطاع الحكومي أو الجماعة الترابية، صفتهم هذه، في حالة تغيير انتمائهم النقابي خلال فترة انتدابهم.”

الحوار الاجتماعي
جاء في مشروع قانون النقابات أن الحوار الاجتماعي هو “آلية ثلاثية التركيب تضم الحكومة والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلا والمنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلا برئاسة رئيس الحكومة.”

وحسب المادة 75 من المشروع، فإن “الحوار الاجتماعي الوطني” يسعى إلى “توسيع التشاور وطنيا وجهويا في القضايا الكبرى ذات العلاقة بالتوجهات والقرارات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي لها تأثير على الطبقة العاملة وعلى المقاولة وعلى أوضاع المواطنين عامة”، و”إرساء مناخ اجتماعي محفز يشجع على الاستثمار ويضمن شروط العمل اللائق.”

ويسعى هذا القانون، أيضا إلى “اقتراح الآليات الكفيلة بتطوير العلاقات المهنية والوقاية من النزاعات الجماعية”، و”مدارسة القضايا المطلبية المشتركة بين مختلف فئات ومكونات الشغيلة من أجل التوصل إلى اتفاقيات أو تصريحات مشتركة مؤطرة لمرحلة زمنية متوافق عليها”، فضلا عن مناقشة “الملفات والقضايا المطلبية القطاعية.”

وفي الجانب المتعلق بمأسسة الحوار الاجتماعي، نص المشروع في المادة 76 على أنه، “إضافة إلى الهيئات الثلاثية التركيب المنصوص عليها في القانون المتعلق بمدونة الشغل”، وجب أن “يكون حوارا منتظما ومستداما، وأن يكون ثنائيا وثلاثي التركيب، وأن يكون له طابع مركزي يتناول القضايا الأفقية المشتركة وطابع قطاعي، وأن يكون له برنامج عمل متوافق عليه بين الشركاء الاجتماعيين.”

ووفق ما جاء في مشروع القانون، فإن الفرقاء الاجتماعيون مطالبون بالعمل على “تأطير الحوار الاجتماعي ضمن ميثاق اجتماعي عام يضع القواعد العامة للعلاقة بين الشركاء الاجتماعيين يشكل أرضية مشتركة متوافق عليها لاستدامته وتطوير طابعه المؤسساتي.”

تسهيلات نقابية
منح مشروع قانون النقابات للأشخاص الذين يتولون مهام نقابية من موظفي الدولة والجماعات الترابية ومستخدمي المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري بعض التسهيلات فيما يتعلق بالترخيص بالتغيب والإلحاق وكذا في الاستفادة من التفرع النقابي، تحدد بنص تنظيمي نوعية وطبيعة مختلف التسهيلات النقابية.

جطو يراقب

المادة 102 من قانون النقابات على أن “المجلس الأعلى للحسابات يتولى مراقبة صرف الدعم السنوي الذي تستفيد منه المنظمات النقابية للعمال الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني”، وجاء في المادة 103 أنه “يجب على المنظمات النقابية للعمال الأكثر تمثيلا، التي تستفيد من الدعم المالي للدولة، أن توجه إلى المجلس الأعلى للحسابات، داخل أجل أقصاه 31 مارس من السنة الموالية للسنة المالية المنصرمة، تقرير مفصلا عن أوجه استعمال هذا الدعم عن السنة المعنية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *