منتدى العمق

“إتفشخنا” من السياق الدولي

ظهرت الأحزاب السياسية التي ذات المرجعية الإسلامية في الطليعة بعد الربيع الديمقراطي الذي عرفته معظم دول العالم العربي سنة 2011، هده الأحزاب والحركات التي لم تعرف من بلدانها إلا المعتقلات والسجون دخلت لتدبير الشأن العام وهي جاهلة بدواليب الدولة والحكم.

فيمكن القول الأن بأن معظم هده التنظيمات فشلت أولا في نيل تقة الأجهزة المسيطرة على مفاصيل الدولة كونها تهدد وجودها لأنها جزء من المنظومة السابقة، مما أدى بسقوط نظرية “التحالف مع الفساد من أجل الإصلاح” كما حصل في مصر وتونس وبشكل مختلف بالمغرب، وثانيا فشلها في إقناع الخارج بسبب عدم تقديم الولاء للقوى الغربية.

ومن أكبر العوائق التي وجدتها هذه الحركات والأحزاب ذات المرجعية الإسلامية هو أن قواعدها وخاصة شبابها هم جزء مهم من الشباب الذين خرجوا في الميادين للمطالبة بالقطع مع كل أشكال الفساد والاستبداد غير أنهم صدموا بعد دلك بقبول قيادتهم العمل مع من وقفوا يوما مطالبين برحيلهم، فلم يظهر هذا السخط في الأفق إلا بعد تسلط قوى الفساد عليهم وعودتها لممارسات ما قبل الربيع الديموقراطي.

فالحركات الإسلامية هي تنظيمات ممانعة في أصلها تتقن فن المعارضة وكانت حائط الصد الذي تنكسر عليه كل أشكال التمزيق والاختراقات التي تستهدف مجتمعاتها، حتى وهي في مقاليد التسيير فخطابها لم يخلوا من أساليب التظلم تارة والثورية تارة أخرى.

فحقيقة الأمر هي أن هده التنظيمات نقصها القليل من الشجاعة لتصارح قواعدها ومن إنتخبوها أنها وصلت للحكومات دون الوصول للحكم، والإبتاعد عن مبررات القوى الخارجية والسياق الدولي فمن إنتخبوها أرادوا منها كما وقفت أمام الاستبداد الداخلي وهي في المعارضة إكمال دلك ومواجهة الإستعمار الخارجي وهي في الحكم أو على الأقل جزء منه.

فالسياق الدولي متغير ويجب إستغلاله في لحظة إنشغال القوى الفاعلة فيه بنفسها وبصراعاتها، فلا لدونالد ترامب الأن القدرة على الانشغال بالخارج وهو مشغول بالمحادثات والإتصالات مع الرئيس الأوكراني التي قد تطيح برأسه بعد بدأ الكونغرس إجراءات عزله، ولا للكيان الصهيوني القدرة والإلتفات للخارج وهو في أزمة تشكيل حكومته التي فشل نتانياهو في تشكليها، ولفرنسا أيضا قدر من الأزمة بسبب الخروج الأسبوعي في الشوارع للسترات الصفراء، إضافة إلى إنكماش دور ابوظبي تفاديا للصدام مع إيران وأيضا إنشعال محمد بن سلمان بمعركة الوصول لعرش الممكلة وتورطه في مستنقع اليمن.

هده كلها مؤشرات قد تعتبر اللحظة المناسبة “للريمونتادا” بلغة كرة القدم على الثورة المضادة، ومن واجب قوى التغيير إلتقاط الإشارة من أجل إكمال مشاريع الدمقرطة لهده المنطقة البئيسة من العالم وفشخ السياق الدولي الذي فشخنا في السنوات الماضية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *