وجهة نظر

التهافت: رؤساء المجالس البلدية بالمغرب

(المحمدية نموذجا)

أن تكون رئيسا لبدية ما، يعني أنك مررت بامتحان عسير، وصراع مرير، بضغوطات كبيرة من كل حذب وصوب، من حزبك، من منافسك، من المواطن، من مستقبلك ومن ماضيك أيضا، وليس من السهل الوصول إلى هذا المنصب، الذي يعد تكليفا وليس تشريفا.

غير أن هذا المنصب، يعتبر كحقل ألغام، والذي لا ينجو منه إلا الشرفاء، الذين يحملون هم هذا الوطن، ويضعون خدمة المدينة في رأس هرم اهتماماتهم.

فما معنى أن تكرس كل وقتك للدفاع عن مصلحة حزبك، من أجل العمل على توفير الشروط للفوز باستحقاقات مستقبلية أخرى؟ وما معنى أن تقف موقف المدافع أمام المتهجمين عليك أثناء توليك لرئاسة المجلس البلدي، والمدينة تعوم في التخلف؟

إنك لست في صراع، وهذا الذي يجب أن تؤمن به، أنت في منصبك هذا مكلف أن تسير شؤون مدينتك، أن ترتقي بها، وتخلد إسمك في تاريخها، فإن وقفت موقف المدافع، فإنك لا محالة، تضيع وقتا ثمينا، كان من الممكن استغلاله في التنمية المحلية، واستغلاله في تأدية واجبك.

إن المرحلة هي مرحلة التحدي وبناء مغرب قوي، لا نحتاج فيها للضعفاء، وكل من يقف موقف المدافع أمام هجمات من هنا وهناك، فهو ضعيف ويجب أن يتنحى عن كرسيه للأشخاص الأقوياء.

المحمدية تعرف صراعا كبيرا، شريف وغير شريف، بين المجلس البلدي والغيورين على المدينة، بين المجلس البلدي والكارهين للإصلاح والتجديد، بين المجلس البلدي والحاقدين على حزب العدالة والتنمية، وبين هذا وذاك نجد المشوشين، والذين يقتاتون من أي صراع داخل المدينة، وقد يعملون على خلق الفتن من أجل الاسترزاق، إنهم مرتزقة بما يحمل المصطلح من دلالات كبيرة وآثمة.

وفي هذا الجو المضطرب، وتعثر العملية التنموية كما في سائر المدن المغربية، نجد رئيسة المجلس البلدي، “إيمان صابر”، تتربع على عرشها في الفيسبوك، وتشحذ قلمها للرد على كل هؤلاء، وعلى سرب الطيور المارة صدفة من المدينة.

نحن لا نشك في الرئيسة ولا في نزاهتها، ولا في وطنية أي مسؤول، ولكن الوقت الذي نقضيه في البحث عن الكلمات والمصطلحات للرد، يجب أن نقضيه في التفكير في خلق برامج تنموية كفيلة بإخراج المدينة من سباتها العميق، والخروج بها إلى ضفة الأمان، المحمدية ليست استثناء، بل هي كسائر المدن والبلديات بالمغرب.

إننا نعيش في عصر التهافت، تهافت من أجل أن يعلو الكلام على العمل، تهافت نحو التنظير، تهافت نحو صنع صورة مزيفة حول إنجازات وهمية، المغرب يسير إلى الوراء في كل القطاعات، لأن هناك شرخ كبير بين ما نقول وما نفعل.

إنني لا ألوم رؤساء المجالس البلدية، بل أدعوكم إلى ترك الصراعات جانبا، واستغلال الوقت كله في العمل، فالتاريخ لن يسطر كم أنجزتم من كلمات للرد على الخصوم، ولكن سيسطر الإنجازات أو الإخفاقات في عهدكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *