سياسة

“أما بعد” .. حرق العلم الوطني والإساءة المزدوجة

ما أقدمت عليه شرذمة من زاعمي الانتساب للوطن بالعاصمة الفرنسية باريس أمس الأحد من تدنيس وإحراق لعلمنا الوطني، جريمة نكراء وخطيئة لا يغسل عارها أيٌّ من التبريرات الاجتماعية ولا السياسية، ولا تعني غير التهور والرعونة وانكشاف لرأس الانفصال الخبيث الذي لم ولن يقبل المغاربة به منزلقا منذ أن قاوموا الاستعمار الغاشم ومنذ أن عبروا عن ذلك بصدور عارية ومصاحف في الأيادي في تلك المسيرة الخضراء المشهودة.

إن ما يساق من تبريرات تهم مناصرة حراك الريف المشروع أو كون الأمر رد فعل على سياسة ما، لا تصمد ولو للحظة أمام هول ما اقترف في حق أحد رموز السيادة الوطنية، وإن صدقنا تلك التبريرات علينا كذلك تصديق كل الخراب والإرهاب الذي يضرب العالم ويتحرش بنا بمزاعم من قبيل الفقر أو التهميش أو مشروعية المطالب. بكلمة لقد أسأتم لناصر ورفاقه ولكل الريفيين والمغاربة الأحرار.

على المستوى القانوني أعتقد أن النيابة العامة مطالبة بالتحرك ضد مقترفي تلك الجرائم سواء عبر المحاكمة بالقوانين المحلية التي تتيح ذلك متى تعلق الأمر بالإساءة لرموز السيادة أو تزوير العملة حتى من طرف غير المغاربة، أو أن تتم متابعتهم بقوانين البلدان التي يقيمون فيها أو يحملون جنسيتها.

على المستوى السياسي أعتقد أن للدولة الفرنسية مسؤولية ولو بشكل غير مباشر في ما حدث، فكيف تقبل أن يساء بتلك الطريقة علم دولة يجمعهما معها الكثير من السياسة والاقتصاد، فهل ستقبل فرنسا أن يحرق علمها ويدنس فوق التراب المغربي مثلا، فكيف إذا لم تردع في عاصمتها باريس سلوكا ألفه الناس فقط اتجاه دولة إسرائيل المغتصبة لكل الحقوق الفلسطينية.

لقد كانت تهمة الانفصال مجرد تهمة وفرضية في صلة بالحراك، أما اليوم فقد تأكد بمثل هذا المؤشر أن هناك بالفعل مخربون وذوو نيات سيئة تجاه وحدتنا الوطنية قبل الترابية، وعلى هذا المستوى لابد لأحرار الريف وكل مناصري احتجاجاتهم والغيورين على استقرار هذا البلد أن يعمدوا إلى إدانة واحدة لتلك الإساءة المزدوجة، حيث أن الصمت هنا لا حكمة فيه ولا مبرر له أيضا.

طبعا إن أدمغ جواب على كل هذه الاستفزازات والإساءة هو مصالحة فعلية وتنمية حقيقة على الأرض وعفو ملكي سامي على المعتقلين الذين لم يكن ذنبهم إلا صرخة مدوية بسبب هشاشة وفساد له من المؤشرات الكثير، وما تقارير المفتشين الماليين والقرارات الملكية بالإعفاء السياسي إلا دليل قاطع على واقعية الاحتجاج ومشروعية المطالب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 4 سنوات

    مقال جيد ومتوازن .. بالتوفيق للركن الجديد (أما بعد)