سياسة

تحالف الـPJD والبام بالشمال إثر استقالة العماري يخلق جدلا بـ”المصباح”

أثار تحالف حزب العدالة والتنمية مع غريمه حزب الأصالة والمعاصرة أثناء انتخاب المكتب الجديد لمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، أول أمس الإثنين، عقب استقالة الرئيس السابق للجهة إلياس العماري، جدلا وانقساما في الآراء والمواقف داخل حزب “المصباح”، ما دفع الأمانة العامة للحزب إلى الخروج بتوضيحها وكشف حيثيات قرار التحالف مع حزب “الجرار”.

وانتشرت تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، تكشف مدى الانقسام في مواقف وآراء قادة وأعضاء حزب المصباح حُيال قرار التحالف مع البام بجهة الشمال، حيث اعتبر البعض أن القرار يتناقض مع خطابات وتوجهات الحزب الذي كان يعتبر أن البام يمثل التحكم والتحالف معه “خط أحمر”، فيما اعتبر آخرون أن التحالف أملته ظرفية أخرى تحتم المشاركة في التسيير بعد رحيل “عدو البيجيدي” إلياس العماري.

ففي الوقت الذي وصف فيه البرلماني عن الحزب ونائب الكاتب الجهوي للبيجيدي بجهة الشمال، محمد خيي الخمليشي، التحالف مع البام بأنه “قرار أخرق وفاقد للمشروعية”، اعتبر الكاتب الجهوي للحزب بذات الجهة نبيل الشليح، والذي تم انتخابه نائبا خامسا للرئيسة الجديدة لمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، أن التحالف مع البام وانضمام حزبه إلى الأغلبية “وضع القطار في سكته الصحيحة”.

وأول أمس الإثنين، صوت أعضاء مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، بالإجماع، على لائحة المكتب المسير الجديد بعد انتخاب فاطمة الحساني رئيسة جديدة خلفا لإلياس العماري، حيث عرفت الجلسة مفاجآت غير متوقعة، أبرزها انضمام العدالة والتنمية إلى الأغلبية المسيرة بجانب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار والاستقلال والاتحاد الاشتراكي، فيما خلت التشكيلة من أحزاب التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري.

“السكة الصحيحة”

الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بجهة طنجة تطوان الحسيمة نبيل الشليح، اعتبر أن الجهة تعيش لحظة سياسية أخرى مختلفة تماما عن ما كان في 2015، مشيرا إلى أن الإكراهات التي كانت موجودة سابقا لم تعد هي نفسها الآن، ما جعل الحزب يتخذ قرار التحالف مع البام، قائلا: “نعتقد أن الوطن الآن يحتاج إلى دينامية سياسية جديدة”، وفق تعبيره.

وأوضح الشليح في تصريح لجريدة “العمق”، أن حزبه هو ثاني فريق من حيث عدد المستشارين بمجلس الجهة، بفارق عضوين فقط عن الفريق الأول البام، معتبرا أن ذلك “يعني أن ساكنة الجهة اختارت البيجيدي ليكون في التدبير، إلا أن الأمركان فيه نوع من التحكم في النتائج في 2015 من طرف جهات تركت البيجيدي والتقدم والاشتراكية خارج التحالف”.

واعتبر المتحدث أن الشخص الذي كان يُبنى عليه “الخط الأحمر” لم يعد موجودا في المجال السياسي، في إشارة إلى إلياس العماري، موضحا أن “موقفنا من الأحرار في 2015 ليس هو موقفنا منه اليوم، كما أن التقدم والاشتراكية كان معنا في التدبير الحكومي واليوم خرج”، مشيرا إلى أن البيجيدي عقد التحالف بناء على هذه المعطيات ومن أجل الاشتغال مع الجميع.

وأضاف بالقول: “اعتبرنا أن ما وقع في 2015 لم يكن مسارا صحيحا، والنتيجة هي ما يحصل، لأن العمل السياسي لا يتم بتلك الطريقة بل يجب احترام إرادة المواطنين وانتهاج الصدق والوضوح معهم، ودخولنا للأغلبية اليوم سيضع القطار في سكته وفق منظور إرادة المواطنين في انتخابات 2015، وهو طريق قد ينجح بشكل أكبر فيما تبقى من عمر المجلس”.

“قرار أخرق”

بالمقابل، البرلماني عن الحزب محمد خيي الخمليشي، اعتبر أن المشاركة في مكتب مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة “قرار أخرق لاعتبارات أخلاقية وسياسية وتدبيرية”، لافتا إلى أن “قرار التحالف مع البام والمشاركة معه في المكتب والترشيح للنيابة الأولى للرئيس وللنيابة الخامسة بعد سحب الترشح للرئاسة، قرار فاقد للمشروعية، لأنه لم يتم اتخاذه حسب علمي من طرف أي مؤسسة حزبية”.

وقال خيي في تدوينة له: “لم تشفع لي صفة نائب الكاتب الجهوي للحزب بالاطلاع مسبقا على قرار التحالف مع البام، فقد عرفتُ بالأمر من خلال المواقع الاكترونية كباقي الناس، صحيح أنني اعتذرت عن حضور آخر اجتماع للكتابة الجهوية يوم 20 اكتوبر بسبب وعكة صحية، لكنني تابعت أهم مخرجات الاجتماع وخصوصا إصدار بلاغ للراي العام يدين التحكم في الاغلبية ويستهجن إعادة سيناريو 2015، وبعده تم إعلان ترشيح سعيد خيرون لمنصب رئيس الجهة، بما يعني أنه لا جديد في الأفق”.

وأضاف: “لكنني تفاجأت كما تفاجأ الجميع بقرار سحب الترشيح للرئاسة ومعه المشاركة في مكتب جهة طنجة تطوان الحسيمة والتحالف مع البام في الدقائق الأخيرة من الولاية الانتدابية والحصول على مقعدين في المكتب وتسمية الأخوين سعيد خيرون ونبيل الشليح نائبين للرئيسة الجديدة للجهة”، وفق تعبيره.

وتابع في نفس السياق: “توهمت أنه ربما قد تكون الأمانة العامة اتخذت القرار في لقاء عاجل لمباركة هذا التوجه وأيضا لتفعيل المساطر الداخلية للحزب لانتخاب الأشخاص المناسبين للمناصب المقترحة في الأغلبية الجديدة، لكنني مرة أخرى تفاجأت من اندهاش بعض أعضاء الأمانة العامة لهذا القرار وبعدم علمهم بهذه التفاصيل”.

خيي وخيرون 

خيي أشار إلى أن التحالف مع البام يجب أن “تسبقه التوضيحات الضرورية لشرح هذا التحول في التقدير السياسي وتبرير الانتقال من ضفة إلى أخرى تفاديا لسوء الفهم والالتباس الحاصل الآن في فهم موقع الحزب بعد أن تحدث بلاغ الكتابة الجهوية عن استهجانه لظروف تشكيل الأغلبية وتحذيره من التراجعات الديمقراطية واستمرار التحكم في صناعة الاغلبيات الهجينة”.

وأوضح أن “الإلتحاق بالأصالة والمعاصرة والأغلبية التي يقودها لتدبير الجهة في الأنفاس الأخيرة من عمر الولاية الانتدابية وتببيض المرحلة الموسومة بالفشل والتعثر كما تؤكد بلاغات الحزب نفسها، هو عمل لا طائل منه في اعتقادي، خصوصا في غياب الوضوح اللازم حول طريقة عمل الفريق الجديد وأولوياته ورؤيته التنموية للجهة، ولا يعدو أن يكون الأمر سوى تحملا لكلفة فاتورة تم استهلاك 90% من مكوناتها مسبقا”.

غير أن القيادي في الحزب الذي انتُخب نائبا أولا للرئيسة الجديدة لمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، سعيد خيرون، فقال: “تفاجأت بتدوينات حول التحالف الذي تم يوم الاثنين 28 أكتوبر 2019 بمجلس الجهة، والتي يحاول البعض إشاعته بين الأعضاء الحزب، وللأسف من طرف قيادات حزبية لم تقم حتى بالاتصال بالمعنيين بالأمر قصد التأكد من صحة ما يروج من أن هذا التحالف تم دون استشارة أو علم الامانة العامة و الهيئات المجالية المعنية”.

وأضاف في تدوينة له: “أؤكد لجميع المتتبعين أن ما تم اتخاذه من قرارات صادرة عن الكتابة الجهوية للحزب وعن فريق منتخبي الحزب بمجلس الجهة، وتم أخذ الضوء الأخضر حول الموضوع من قبل لجنة من الامانة العامة يترأسها الأمين العام، وجميع الخطوات التي تم تبنيها كانت تحت إشراف ومتابعة من طرف الأمين العام إلى حدود لحظة التصويت”، حسب قوله.

موقف الأمانة العامة

الأمانة العامة للعدالة والتنمية، اعتبرت أن تحالف الحزب مع غريمه الأصالة والمعاصرة، “أملاه تفاعل الحزب مع طلب وارد عليه من جهة الترشيح في هذه الجهة”، مضيفة أن التحاق البيجيدي بالأغلبية “أمر مهم ونأمل منه فوائد عديدة”، وفق تعبير نائب الأمين العام للحزب سليمان العمراني الذي تحاشى ذكر حزب الأصالة والمعاصرة بالإسم أثناء كشفه موقف الأمانة العامة عن موضوع التحالف.

وقال العمراني إن حزبه عقد تحالفه مع البام انطلاقا من المقر التنظيمي الصادر في 3 شتنبر 2015، والذي ينص على أنه “تشرف على تدبير التحالفات وتعيين مرشحي الحزب للرئاسة أو لعضوية مكاتب مجالس الجهات أو المدن الكبرى، لجن يعينها الأمين العام وتعمل تحت إشرافه”، لافتا إلى أن البيجيدي بعد الانتخابات الجماعية لـ2015 عقد تحالفات مع البام بمدن عديدة.

وأوضح أن “هذا الذي كان فعلا، فممثلو الكتابة الجهوية للحزب بجهة الشمال نقلوا للأمين العام مع اللجنة المعنية الحيثيات والخلاصات التي انتهى إليها اجتماع الكتابة الجهوية وفريق الحزب بالجهة، حيث كان التوجه العام يسير نحو المشاركة في التسيير، تفاعلا بطريقة إيجابية مع الدعوة إلى الدخول للأغلبية، بعدما كان الحزب قد قدم ترشيحه للرئاسة”.

وشدد على أن هذا التحالف هو “تحالف انتخابي وتنموي ذو طبيعة محلية وليس بأي حال من الأحوال تحالفا سياسيا مع الحزب الذي يرأس الجهة”، مشددا على أن البيجيدي ليس معنيا مطلقا بالشأن الداخلي للبام، مضيفا: “ننشد من هذا القرار الدفع بعجلة التنمية في الجهة استدراكا للخصاص الذي كان في المرحلة السابقة، حيث إن هذه الجهة للأسف لم تتقدم على مدى أربع سنوات بالخطوات المطلوبة تنمويا، قياسا بباقي الجهات”.

تشكيلة المكتب

وجاءت تشكيلة المكتب الجديد لمجلس جهة كنجة تطوان الحسيمة، على الشكل التالي: فاطمة الحساني رئيسةً، النائب الأول سعيد خيرون عن العدالة والتنمية، النائب الثاني محمد الرملي عن الاستقلال، النائب الثالث محمد بوهريز عن الأحرار، النائب الرابع عبد السلام الخباز عن الأصالة والمعاصرة.

وحاز البيجيدي على النيابة الخامسة عبر نبيل الشليح، فيما تم منح النيابة السادسة لمحمد علمي عن الاتحاد الاشتراكي، والنائبة السابعة رفيعة المنصوري عن الاستقلال، والنائبة الثامنة سلوى الدمناتي عن الأحرار.

وفاجأ الرئيس المستقيل إلياس العماري الجميع بحضوره جلسة انتخاب خليفته في رئاسة مجلس الجهة، أول أمس الإثنين، حيث كان من بين الحاضرين وشارك في جلسة التصويت التي أفضت إلى انتخاب فاطمة الحساني عن فريق الأصالة والمعاصرة، رئيسة جديدة للمجلس بالإجماع، بحصولها على 63 صوتا، هي مجموع أعضاء مجلس الجهة.

ويتكون مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، من أحزاب الأصالة والمعاصرة بـ18 عضوا، العدالة والتنمية بـ16 عضوا، التجمع الوطني للأحرار بـ8 أعضاء، الاستقلال بـ7 أعضاء، الإتحاد الإشتراكي بـ4 أعضاء، الحركة الشعبية بـ4 أعضاء، التقدم والاشتراكية بـ4 أعضاء، والاتحاد الدستوري بعضوين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *