اقتصاد، سياسة

العثماني يكشف سياسته لدعم المسنين.. ويستعد لإطلاق منصة لدعم المقاولات

قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، إن الحكومة تعمل على النهوض بأوضاع الأشخاص المسنين باعتماد سياسة عمومية مندمجة، مشيرا إلى أنه “ولإغناء مشروع هذه السياسة العمومية، تم تنظيم ورشات جهوية مع الفاعلين وجمعيات المجتمع المدني لتوسيع التشاور حولها ولتقاسم مضامينها، في أفق إعداد النسخة النهائية لهذه السياسة وعرضها على مجلس الحكومة”.

وأوضح العثماني خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس المستشارين، مساء اليوم الثلاثاء، أن “الحكومة تعمل على تعزيز الرعاية الصحية للمسنين من خلال البرنامج الوطني للشيخوخة، الذي يروم تحقيق أهداف تهم بالخصوص التكفل بالأشخاص المسنين في مرافق الرعاية الصحية الأساسية وعلى صعيد المستشفيات الجامعية والجهوية والإقليمية، ووضع قواعد ومعايير إحداث وحدات خاصة بطب الشيخوخة للإقامة قصيرة الأمد”.

وأضاف أنها تعمل أيضا على “إنشاء وحدات طب الشيخوخة بكل من المستشفى الجهوي (الإدريسي) بالقنيطرة ومستشفى (ابن البيطار) بفاس، ووحدة للطب النفسي والعقلي بالمستشفى الجامعي للأمراض العقلية بمدينة سلا، واستفادة الأشخاص المسنين من سلة الخدمات الصحية ضمن نظام المساعدة الطبية “راميد” بالمؤسسات الصحية الأولية والاستشفائية العمومية”.

وشدد على أهمية مخطط العمل الوطني حول الصحة والشيخوخة التي تعمل الحكومة على تنفيذه خلال الفترة ما بين 2018-2025، في تعزيز التضامن بين الأجيال ودعم الرعاية الأسرية للمسنين، والعمل على ترسيخ قيم التضامن والتكافل بين جميع فئات المجتمع، وإعادة الاعتبار لهذه الفئة والحفاظ على كرامتها، مشيرا إلى الحملة الوطنية للأشخاص المسنين، التي تنظم سنويا منذ عام 2013 احتفاء باليوم العالمي للأشخاص المسنين (1 أكتوبر).

واعتبر العثماني أن “برنامج تأهيل مؤسسات الرعاية الاجتماعية المستقبلة للأشخاص المسنين يعمل على توفير التجهيزات الأساسية والملحة التي فرضتها الزيادة في الطاقة الاستيعابية، أو تعويض الأجهزة المتلاشية، وتأهيل الموارد البشرية العاملة بها، وغيرها من الإجراءات التي تروم تحسين خدمات المراكز الاجتماعية وتجويدها في المستقبل المنظور”.

وأشار رئيس الحكومة إلى مواصلة تنزيل مضامين القانون 65.15 المتعلق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية بإعداد النصوص التنظيمية، والتي تمت إحالة بعضها على الأمانة العامة للحكومة شهر يوليوز 2019، في انتظار إحالة النصوص التنظيمية المتبقية خلال الأيام القليلة المقبلة، ومن ضمنها النص التنظيمي المتعلق بالتكفل عن بعد.

وكشف عن التوقيع على 15 اتفاقية شراكة مع الجمعيات المشرفة على مؤسسات الرعاية الاجتماعية المستقبلة للأشخاص المسنين بكلفة تناهز 2.2 مليون درهم، موازاة مع المجهود المالي والتأطيري الكبير الذي يقوم به التعاون الوطني، مسجلا أن الميزانية المرصودة لهذه المؤسسات بلغت حوالي 14.3 مليون درهم برسم سنة 2014، موزعة ما بين منح التسيير التي همت 47 مؤسسة بمبلغ قدره حوالي 12 مليون درهم، ومنح التجهيز التي خصت 18 مؤسسة (2.4 مليون درهم).

دعم المقاولات

وفي موضوع آخر، أعلن العثماني خلال نفس الجلسة، عن قرب إطلاق “المنصة الوطنية لدعم المقاولة”، كشباك وحيد يوفر ويشرح لحاملي المشاريع وللمقاولين مختلف المعلومات والمساطر المتعلقة بسياسات وآليات الدعم الموجه لهم، موضحا أن إطلاق هذه المنصة الوطنية يهدف إلى إيجاد إطار مرجعي شامل لتجاوز العراقيل التي تواجه المقاولات الصغرى والمتوسطة، يتوخى منه توفير رؤية مندمجة.

وقال العثماني خلال رده على سؤال محوري حول موضوع “السياسة العامة للحكومة لتفعيل مساهمة القطاع البنكي والمالي في التنمية والتشغيل الذاتي ودعم المقاولات الصغرى والصغيرة جدا”، إن “ما تم بذله لتحسين منظومة التمويل والرفع من مستوى حكامتها، سواء تعلق الأمر بإصلاح منظومة الضمان، أو إرساء الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي، أو وضع إطار مرجعي لآليات وتدابير الدعم التي تضعها الدولة رهن إشارة المقاولات المبتدئة والصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة”.

وأشار إلى “ترشيد عرض الضمان من خلال هيكلة وتقليص عدد منتوجات الضمان وتجميعها لصالح الفئات المستهدفة: المقاولات الناشئة، والمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، وذلك في مجال إصلاح منظومة الضمان، ومن أجل تحسين شروط ولوج المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة للتمويل، مما مكن من تعزيز عرض صندوق ضمان المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة بزيادة سقف التزام الضمان لصالح مقاولات قطاعات الصناعة والتصدير والمشاريع الخضراء”.

ولفت رئيس الحكومة إلى أنه سيتم ربط هذا الضمان بمتطلبات تحسين حكامة المقاولات والشفافية، ووضع آلية ضمان خاص بالتمويل الأصغر لفائدة الأنشطة الاقتصادية المدرة للدخل، وكذا مشروع إنشاء نظام لتسهيل الولوج إلى آليات التمويل التشاركي لصالح المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، لافتا إلى أن هذه الاستراتيجية وضعت بمبادرة مشتركة من وزارتي الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة وبنك المغرب، بهدف تنسيق الإجراءات وتحديد الأولويات والأدوار والمسؤوليات لمختلف المتدخلين.

وأضافت أن هذه الاستراتيجية “ترتكز على تسريع تطوير نماذج بديلة، لاسيما الأداء بالهاتف المحمول وتعميق دور مؤسسات التمويل الأصغر وكذا التأمين الشمولي، وتشجيع النماذج “الكلاسيكية” لزيادة الشمول المالي عبر تهييء الظروف لتسريع الإدماج المالي من قبل الأبناك، إضافة إلى تعزيز أدوات تدبير المخاطر للفئات الهشة عبر تطوير إطار وأدوات لتسهيل ولوج الشركات الصغيرة جدا والأفراد للتمويل.

وذكر العثماني، كذلك، إحداث آلية التمويل التعاوني، كآلية جديدة لتمويل المشاريع من خلال جمع أموال مباشرة من الجمهور، من طرف شركات للتمويل التعاوني، بهدف تمويل مقاولات الشباب والمبادرات المبتكرة، مبرزا في الآن نفسه الدور الذي يضطلع به صندوق الضمان المركزي ومساهمته في ضمان قروض المقاولات التي لا تقبل الأبناك عادة إقراضها بفعل المخاطر التي تميز هذه المقاولات والمرتبطة بطبيعة نشاطها أو بحجمها.

وأشار إلى مختلف التدابير التي اتخذتها الحكومة لدعم مساهمة قطاع السلفات الصغيرة في الولوج للتمويل ولتعزيز الإطار القانوني للضمانات المنقولة، إلى جانب إحداث صندوق دعم تمويل المبادرة المقاولاتية، مذكرا باقتراحات الحكومة في مشروع قانون المالية لسنة 2020، من خلال إحداث صندوق خاص يسمى “صندوق دعم تمويل المبادرة المقاولاتية”، سترصد له 6 ملايير درهم على مدى 3 سنوات في إطار الشراكة بين الدولة وبنك المغرب والمجموعة المهنية للأبناك، موزعة بالتساوي ما بين الدولة والأبناك.

وسيخصص هذا الصندوق، يضيف العثماني، بالأساس لدعم الخريجين الشباب وتمكينهم من الحصول على قروض بنكية لتمويل مشاريعهم، وكذا دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة العاملة في مجال التصدير، وخاصة نحو إفريقيا والسماح بتحقيق إدماج وتكامل اقتصادي أفضل للمشاريع المدرة للدخل للقطاع غير المهيكل وكذا المقاولات الناشئة المبتكرة والمقاولين الذاتيين، مبرزا أن موارد هذا الصندوق توجه لتمويل آليات الضمان ورأسمال الاستثمار، والمساعدة التقنية التي تضعها الدولة لفائدة المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة والشباب حاملي المشاريع.

قطاع البنوك

وخلال نفس الجلسة، قال العثماني إن الحكومة تواصل إصلاح القطاع البنكي ليواكب تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة، معتبرا أن إنجاح مساهمة القطاع البنكي والمالي في التنمية والتشغيل الذاتي ودعم المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة “رهين بمواكبة مستمرة وفعالة للقطاع لمواصلة إصلاحه وتوفير المناخ الملائم لاضطلاعه بدوره المحوري في التنمية”.

وشدد رئيس الحكومة على ضرورة “الانخراط الفاعل للمؤسسات البنكية والمالية في دينامية التنمية التي يشهدها المغرب، كما أكد على ذلك الملك محمد السادس، بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الحالية”، مشيرا إلى بعض التدابير المتخذة لدعم المقاولات الصغيرة والصغيرة جدا بحكم الصعوبات والتحديات التي تواجه بعضها، خصوصا ما يتعلق بالتكوين وتأهيل الموارد البشرية وتطوير الكفاءات، وصلابة هيكلتها التنظيمية والمالية، وقلة أموالها الذاتية، ومحدودية تنافسيتها.

وأضاف العثماني أن الحكومة اتخذت “مجموعة من الإجراءات التحفيزية وبرامج للمواكبة، همت مستويات عدة، لاسيما الإطار الجبائي ودعم التأطير وتحفيز الاستثمار، وتسهيل الولوج للتمويل، والتي تروم أساسا رفع قدرات نسيج المقاولات الصغرى والصغيرة جدا وتحسين تنافسيتها، فضلا عن تحسين شروط الولوج للصفقات العمومية، وتسريع استرداد الضريبة على القيمة المضافة، وتشجيع الولوج للتمويل”.

وتوقف العثماني أيضا عند الإطار المؤسساتي الذي يحفز على إحداث المقاولة ويقوي روح المغامرة والإبداع لديها، حيث عملت الحكومة على تنزيل رزنامة من الإصلاحات التشريعية والإجراءات الإرادية في مجال تنافسية الاقتصاد الوطني وتحسين مناخ الأعمال، مكنت المغرب من التقدم في تصنيف مؤشر ممارسة الأعمال من الرتبة 75 سنة 2016 إلى الرتبة 53 سنة 2020، في أفق تحقيق طموح ولوج دائرة الاقتصادات الخمسين الأوائل في هذا المجال سنة 2021.

ولتحفيز الاستثمار ودعم المقاولة، لا سيما الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، أشار رئيس الحكومة إلى آخر الإجراءات المتخذة، من قبيل اعتماد القانون المتعلق بتعديل الكتاب الخامس لمدونة التجارة الخاص بصعوبات المقاولة، وإصلاح قانون شركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة، واعتماد نظام الضريبة التصاعدية على أرباح الشركات، وتوسيع نطاق الامتيازات الممنوحة للمصدرين لتشمل المنشآت التي تصنع منتجات موجهة للتصدير.

ولفت إلى إطلاق عملية إرجاع متأخرات الضريبة على القيمة المضافة (حوالي 40 مليار درهم)، في خطوة جريئة غير مسبوقة لصالح المقاولات والمؤسسات العمومية، وإلغاء الذعائر والغرامات وواجبات التحصيل بالنسبة للضرائب في قانون مالية لسنة 2018، ومواكبة البنوك التشاركية وتطوير أنشطة الفاعلين بهذا القطاع، وشروع 8 أبناك تشاركية في تقديم خدماتها، إلى جانب منح إعفاء من الضريبة على القيمة المضافة لعمليات الاستثمار لمدة 36 شهرا للمنشآت القائمة التي تقوم بإنشاء مشاريع جديدة، إضافة إلى إقرار إعفاء ضريبي لمدة 5 سنوات للمقاولات الصناعية حديثة النشأة.

ولتأهيل الاقتصاد الوطني على المديين المتوسط والبعيد وإعداده للتحولات الاقتصادية العالمية، أشار رئيس الحكومة إلى وجود رؤية لتطوير القطاعات الجديدة وذات القيمة المضافة العالية، من قبيل الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر والذكاء الاصطناعي والصناعات المتطورة، مضيفا أنه تم تكليف وكالة التنمية الرقمية للاضطلاع بإعداد الاقتصاد الوطني لولوج بعض من هذه القطاعات الواعدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *