وجهة نظر

بوصوف يكتب.. 2020 سنة مفتوحة على كل الواجهات والتحديات

سنودع بعد أيام قليلة سنة 2019 وسنستقبل سنة 2020 لـكن هــذه الأخيـرة ستبقى رهينة بأحداث تـاريخية وسياسية واقتصادية وبيئيـة طبعت بقــوة سنة 2019… وفتحت أوراشا كبيرة في وجـه الــقادم من السنــوات…

فـسنة 2019 عرفت أحداثا سياسية مهمة، كالانتخابات الأوروبية وتمدد اليمين المتطرف الأوروبي وتعزيـز مـوقعه في مـؤسسات الاتحاد الأوروبي، خاصة في البرلمان الأوروبي وهي الانتخابات التي رسمت خريطة سياسية أوروبية جديدة و تمـوقـع أحزاب البيئة كـثالث قـوة سيـاسية أوروبية وهــو ما تجسد في تكويـن رئاسات مؤسسات الـقرار، أي اللجنة الأوروبية و البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي و البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية …

وعـرفت هـذه السنة كذلك انتخابات إسبانـيا والتي رسخت لمسلسل انتخابي لا يعرف النهاية منـذ 2016.. مع تطورات مثيرة في ملف كطلونيـا و الأحكام القضائية لدعاة إنفصاليي كطـلان… و صعود نجم حزب فوكس العنصري مع استمرار اليساري شانسيـز على رأس حكومة تصريف أعمال… بدروها بلجيكا تعيش على وقــع حكومة تصريف أعمال منذ دجنبر 2018… في حين عاشت فرنسا على مطالب اجتماعية و بيئيــة ساخنـة…

أمـا إنجلتـرا فـما زالت تعيش على “لعـنة البريكسيت” و سقــوط حكومات دافيــد كامـرون و تيريزا ماي و جونسون الأولى.. كما أفـرزت انتخابات 12 دجنبر الأخيــر نتـائج تاريخية من حيث الأغلبية الكبيرة لحزب المحافظين والخسارة المدوية لحزب العمال، وهي النتيجة التي قـوت من جونسون من أجل المُضي بقـوة في مفـاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي.. مع التنبيه إلى صعوبات جونسون في تـدبير ملفات داخلية كإيرلندا الشمالية و سكوتلاندا و جبل طارق…

وهي الأوضاع السياسية التي تم تسقيف آجال حلولها في سنة 2020… وسترسم أوضاعا جديدة بنتائج و تداعيات جديدة تتجاوز سنة 2020 نفسها… ومن جملتها ملف الهجرة واللجوء و تضارب السياسات بين الوطنية و سياسة الاتحاد الأوروبي، إلا أن ما يمكن ملاحظته هو تراجع أرقام الهجرة، ففي الفترة بين الفاتح من يناير و 30 نوفمبر فاق عدد المهاجرين إلى أوروبا 100 ألف مهاجر سنة 2019 مقابل عدد يفوق 120 ألف مهاجر سنة 2018…

كما عززت أوروبا اتفاقيات تخص الهجرة واللجوء سنة 2018 مع كل من تونس والنيجر و المغرب، بعد اتفاقيات سنة 2016 مع تركيا و2017 مع ليبيا…

وعرف ملف الهجرة و اللجوء توقيع ” اتفاق مالطا ” في 23 شتنبر 2019 بمالطا و الخاص بإعادة توزيع المهاجرين بكل من مالطا وإيطاليا على باقي دول الاتحاد الاوروبي، لكن في مجلس الاتحاد الأوروبي ليوم 8 أكتوبر تم توقيف الاتفاقية مرحليا في انتظار توسيع مفاوضات مع دول أخرى رافضة التوقيع….

من بين الأحداث التي ميـزت السنة التي نودعها، هناك الحادث الإرهابي بنيوزيلاندا وحريق كاتدرائية باريس التاريخية وحرائق غابات الأمازون…. واستمرار تدويل ملفات سوريا و اليمين و ليبيا.. وفنزويلا…

هذا بالإضافة إلى الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية ورفع التعريفة الجمركية على البضائع القادمة من أوروبا، وسعي الدول الكبرى على حجز موقع قـدم بإفريقيا باعتبارها احتياطي كبير للمواد الأولية الضرورية للصناعات التكنولوجية ولمصادر الطاقة….

سنة 2019 لم تكن سنة عادية، بل سيذكرها الـتاريخ من خلال لقاء الحبر الأعظم للفاتيكان فرانسيس، بأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس في شهر مارس بالرباط و خطابهما للضمير الإنساني من أجل العيش المشترك ومحاربة الجهل والتطرف…

وتميــزت سنة 2019 بتحقيق نتائج إيجابية فيما يخص ملف الوحدة الوطنية و الترابية أي الصحراء المغربية، خاصة من خلال قرار مجلس الامن 2494 في أكتوبر 2019 والذي اعتمد تمديد ولاية المينورسـو إلى سنة عوض ستة أشهر، كما حمل ذات القرار رسائل من أهمها الحفاظ على مكاسب المغرب، حيث جدد القرار التأكيد على أولوية مبادرة الحكم الذاتي، وحذر البوليساريـو بالامتناع عن القيام بأي عمل استفزازي من شأنه زعزعة المسلسل الأممي…

ومن جهة أخرى فإن أكثر من 163 دولة من المنتظم الدولي لا تعترف بجبهة البوليساريو … بالإضافة إلى فتح دول إفريقية تمثيليات ومراكز قنصلية بمدينة العيون كحاضرة مغربية بصحرائه….

وقــد عرفت سنة 2019 إعتماد اللجنة الافريقية الخاصة بالهجرة “للمرصد الإفريقي للهجرة ” وأجـرأة أجهزته في أسرع وقت ممكن، كأداة نوعية لجمع و تحليل و تقاسم المعطيات مع البلدان الإفريقية…وهي الفكرة التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس بصفته رائدا للاتحاد الإفريقي في موضوع الهجرة…

كما أن سنة 2019 تمثــل مرور سنة على توقيــع ميثــاق مراكش في دجنبر 2018 أو ” الميثاق العالمي لهجرة آمنة ومنظمة واعتيادية “… وهـو الميثاق الذي وقعته 150 دولة بمراكش ، و رغم طابعه الغـير ملــزم قــانونا، فإنه يعتبر تــراكما إنسانيا و حقوقيا مهــما في مجال الهجرة و اللجوء، يمكن تبنيـه في قــوانين أو قــرارات جديــدة ملزمة من حيث القــانون في المستقبل…

سنـة 2019 عـرفت دينامية كبيرة وثـورات هــادئة في أكثر من مجال قـاسمهما المشترك هــو تحقيق العدالة المجالية و الكرامة الإنسانية وتحقيـق التنمية الاجتماعية…و ذلك من خلال الاشتغال على ملف التكوين المهني و مراكز الاستثمار الجهوي و ميثاق اللاتمركز الإداري وتشجيع مقاولات الشباب و التشغيل الذاتي والــدفع بالمؤسسات البنكية إلى اعتماد مــرونة أكبر وتغيير العقليــات…تــوجها الإعلان عن ضرورة إيجاد تصور جديد لنموذج تنموي جديد بعقلية جديدة وبجيل جديد يعتمد على معيار الكفاءة والوطنية…وهــو ما عجل بتشكيل لجنة تتكلف بإعــداد النموذج التنموي الجديد و تسقيف تقديم نتائجها في يونيو سنة 2020….

كل هذه الأحداث و تنوعها واختلافها تجعل من سنة 2020 سنة مفتوحة على كل الواجهات و التحديات.. سنة بعنوان جديد للأمل و الثقة في مستقبل واعـد.. رغم كل إخفاقات الماضي…سنة 2020 ستكون سنة ترتيبات المستقبل من خلال نموذج تنموي جديد و أيضا ترتيبات الدخول السياسي المقبل بانتخابات تشريعية لسنة2021 …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *