وجهة نظر

في السياقة التراحمية

نخلد سنويا يوما وطنيا للسلامة الطرقية بابعادها الإنسانية ،وامام هول ارتفاع حالات الوفاة والضحايا ،نتساءل من المسؤول عن هذا الحجم من الدمار الاجتماعي الذي تخلفه سياقتنا الاعتيادية ،التي تعلمناه سواء من خلال ردود افعالنا تجاه بعضنا بممارسات نفسية تدل على اننا بحاجة الى ان نصرح مع ذواتنا ،هل سياقتنا سياقة عادية سواء كنا ركابا أو راجلين ،فاذا وجهنا اللوم الى المنظومة القانونية ،فانها تعد اعدل قانون انساني عالمي ،لأنه قانون ييسر السير والجولان في الطرق بمراكبنا او بارجلنا التي هي تحتاج الى القصد الذي تحدث عنه الهدي القرآني.

ولذلك نحن بحاجة الى سياقة تراحمية أي سياقة بلا عنف ،فماهي هذه السياقة التي سميتها تراحمية ،أي انه في عالم التواصل الإنساني ،ومادامت السياقة تواصل اجتماعي للوصول الى الغايات والاهداف ،فالسائق الذي يسير في اتجاه معين له هدف محدد هو الوصول الى المكان الذي اختاره سواء كان مكان عمل أو قصد لحاجة ،فالحاجة التي تلبيها السياقة في الواقع تولد مشاعر لكل سائق منا وكذا لكل راجل .فلحظة التوقف في إشارة الوقوف مثلا تولد شعور بالاحترام وفي تلك اللحظة حاجة السائق الذي له الحق في المرور هي احساسه بالاطمئنان و الامن.لكن رغم ذلك هذا المثال هو من مجموعة من الأمثلة التي تدل ان السائق المغربي بحاجة الى ادخال مضاد قيمي اسمه الرحمة في السياقة ،مادامت انها فعل اعتيادي مثله مثل الاكل والشرب،ولذلك فغياب الضمير وغياب الاخلاق والصبر والتحمل والرحمة واوالشعور بالمسؤولية والأمانة ، يجعل من السائق يعيش حالة من الاضطراب والشعور بالانا والرغبة في اثبات الذات ،رغم ان السياقة ليست غاية بقدر ماهي وسيلة للوصول الى غاية الغايات التي قد تتغير بتغير الزمن والمكان والحالة.

ولذلك فمنظومتنا التربوية عاجزة على فهم سلوكات تمارس يوميا بطريقة اعتياديا حتى ان العقل الميكانيكي لكل واحد منا قد تعود على فعل أو سلة من الأفعال التي بحاجة الىهدم بنيوي بمنهج التراحم .

ولذلك كل منا يخالف ويرتكب مخالفة وهو يخشى من ان يقع تحت معاينة امن المرور،لكن اذا لم تستحضر الضمير والمسؤولية فانها مصيبة المصائب ،وكم من مرتكب حادثة فر تاركا ضحية في دمائه ،دون ان يستحضر ان الأمانة العظمى هي الحياة ،وان من يقتل بغير عمد ويفر تصبح جريمة الفرار والقتل غير العمد بتاصيل شرعي قانوني جرم انساني لا يغتفر ،لأنه قتل للبشرية وليس فقط خطا جسيم .

كما ان سؤال التراحم في السياقة بالمغرب ،أي السياقة بلا عنف تحتاج الى إعادة النظر في منظومة التامين بالمغرب وخاصة ما يذاع في قنواتنا الإعلامية بسلوكات عن قصد أو غير قصد هي استخفاف بالمسؤولية مع ما يظن السائق ان التامين هو درع اجتماعي يخفف من المسؤولية ،ولذلك فالسائق هو في لحظة ارتكاب حادثة سير اذا لم يستحضر هول المصيبة اصبح فعله بلا رقيب ولا حسيب ،مثله مثل أي مجرم تسلسلي يمارس جرمه بكل اريحية ،مما نحتاج الى تشديد الإجراءات على مستوى سحب الرخص وعدم السماح لمن يرتكب حوادث تظهر رعونته وعدم مسؤوليته .

لذلك فالسياقة العنيفة هي سلوكات وممارسات تشاهدها في ملتقى الطرقات وفي لحظة ازدحام ،تصبح الفوضى هي الأصل ،الى ان يحضر المكلف بالأمن الطرقي ،هذا المشهد الذي يدل اننا بحاجة الى مراجعة انفسنا والتعامل بنوع من العلو الاجتماعي، كما ان اطلاق منبهات الصوت تدل على سلوكات جنونية سرعان ماتهدأ في لحظة غضب وثورة نفسية ربما عواقبها قد تجعلك تحس بالالم طول حياتك لما قد تخلفه من من مآسي تجاه ضحايا محتملين ،ولذلك ربما 18فبراير من كل عام فرصة للتجديد والتغيير لكي نمارس فن التراحم في سياقتنا سواء كنا ركبانا أو راجلين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *