وجهة نظر

الزعماء العرب.. من مقاومة كورونا إلى “التصدي” للفساد والاستبداد

1 – يعيش العالم حاليا على وقع الانتشار الرهيب لفيروس كورونا الذي وصل إلى حوالي خمسين دولة و أصيب به ما يقرب من 83 ألف من الأفراد أودى بحياة حوالي 3000 منهم ، مما يعني أننا أمام تحدي صحي بالغ الخطورة ، الأمر الذي حدا بالمجتمعات المدنية و الحكومات السياسية عالميا إلى الانخراط الجاد و المسؤول لمواجهته بكل الوسائل و الإمكانيات الطبية و الاحترازية الكفيلة بالحد من امتداده و التصدي لعواقبه و تأثيراته المدمرة على حياة الأفراد و الجماعات ، و ما قد يلعبه من دور بالغ السوء في شل الحركة الاقتصادية بوجه عام .

2 – لكن ما أثار انتباهنا كمواطنين عرب هو هذه الديناميكية غير المسبوقة التي بدت على بعض حكامنا ملوكا و رؤساء و أمراء ، و هم يتقدمون الصفوف معبرين عن تخوفاتهم على راهن و مستقبل رعاياهم من خطر هذا الوباء الاستثنائي ، و ملحين على أولوية البحث عن الحلول و الاقتراحات و التوصيات التي من شأنها حماية الشأن الصحي للساكنة و إنقاذها من مصير مجهول . فمنهم من أعلن عن شبه حالة طوارئ ، و أمر بالتطبيق الفوري و المباشر لأدق المعايير الاحترازية ، و الترجمة الميدانية للإجراءات الوقائية و الاستباقية لتحصين البلاد و العباد من المرض الفتاك ، حتى و لو اقتضى الحال تعليق دخول “الأجانب” إلى الوطن المحروس ! و منهم من أعطى تعليماته الصارمة بمنع إقامة صلوات الجمعة و تعليق “التجمعات” تفاديا لعواقب ارتفاع وتيرة انتشار الفيروس ، و أخيرا و ليس آخرا هناك من الزعماء العرب من أبى إلا أن يلح إلحاحا على إعلان حرب لا هوادة فيها ضد هذا الزائر غير المرغوب فيه و الذي لا يستأذن أحدا ، و طالب بأخذ أقصى مراتب الحيطة و الحذر ، لا بل إنه لم يعد ينظر إلى وسائط التواصل الاجتماعي نظرة دونية غير ودية ، بل شجع على توظيفها في حملة كبيرة لتوعية المواطنين و تحسيسهم بما ينتظرهم لا قدر الله من حصاد مرضي وخيم !

3 – و نحن إذ نشدُّ على أدي زعمائنا العرب و نشكرهم على ما أبدوه من رعاية و اهتمام واضحين ، و عن حسن نواياهم و حرصهم اللامشروط على صحتنا ، و إصرارهم على أن نعيش في مناخ من الأمن و الاستقرار و الرفاه ، نود في هذا السياق أن يُكْمِلوا سعيهم و يستمروا في خدمة الشعوب العربية المتطلعة إلى مستقبل أفضل . و استنادا إلى الحديث المنسوب إلى الرسول الكريم : إن الله يحب العبد الملحاح ، لا يسعنا إلا أن ندعو الله عز و جل أن يوفق حكامنا لما فيه الخير و النماء ، و ينير أفئدتهم لما يحبه و يرضاه . و بقدر انخراطهم في مقاومة فيروس كورونا و التصدي لمخاطره ، نود أن يتنافسوا في مواجهة باقي الفيروسات الأخرى التي تهدد حياة العرب و تنذر بفواجع لا قِبَلَ لهم بها ، و على رأس هذه الفيروسات التي عمرت طويلا بين “جدران” عالمنا العربي ؛ الفساد و الاستبداد ، فحري بأصحاب “الفخامة و السمو” أن يتخذوا قرارات مفصلية لا رجعة فيها منها : تخليهم عن الحكم الفردي منتهي الصلاحية ، و السعي نحو إقامة نظام ديمقراطي متعارف عليه أمميا ، كوسيلة سياسية عصرية لتدبير قضايا الفرد و المجتمع ، و بلورة مبدأ الفصل التام بين السلطات التنفيذية و القضائية و التشريعية ، و استقلال الإعلام و احترام الأعراف و المواثيق الدولية و حقوق الإنسان في التعبير و الحرية و العدالة و الكرامة ، و توزيع ثروة البلاد على المواطنين “بالقسطاس المستقيم” ، و العفو عن معتقلي الرأي و تنافس الهيئات السياسية السلمي على السلطة عبر انتخابات دورية حرة و نزيهة ، و وضع حد للانقلابات العسكرية و “المدنية” على الشرعية الدستورية و الإرادة الشعبية !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *