مجتمع

“كورونا” المغرب .. بين تحدي الإخبار الموثوق وسيل الأخبار الزائفة

في ظل تأزم الوضع الحالي، وزيادة تشديد السلطات للإجراءات الاحترازية والوقائية للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد، انطلق العديد من المواطنين في نشر كم هائل من الأخبار الزائفة التي لا أساس لها، ولا هدف لها سوى تقديم صورة سوداء، ورفع نسبة الهلع والخوف، والعنصرية والكراهية في المجتمع، الذي ما عاد يستحمل المزيد، ويطلب الحد من نزيف الأخبار الصادرة عن غير أهلها، بدون أدنى تحقق من مصداقيتها.

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة الواتساب، ذاع صيت عدد من فيديوهات أشخاص يُغمى عليهم في الشارع، وعدد من التسجيلات الصوتية التي تحمل معلومات مغلوطة ومهولة، لا صحة لها، قبل أن تقرر النيابة العامة، يوم أمس، في بلاغ لها، تعليمات صارمة لمحاكم المملكة، من أجل متابعة كل من يروج أخبارا زائفة ذات علاقة بموضوع فيروس كورونا، من شأنها إثارة الفزع بين الناس، أو المساس بالنظام العام.

وتباشر النيابة العامة أبحاثا في موضوع نشر الأخبار الزائفة، بواسطة الشرطة القضائية، وحركت الدعوى العمومية في حق بعض الأشخاص المشتبه في مسؤوليتهم عن ترويج أخبار لا أساس لها بشأن فيروس كورونا المستجد.

خطورة الأخبار الزائفة

شدد محمد الغازي صحفي، على أن خطورة الأخبار الزائفة تتمثل في انتشارها السريع بين الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الوسائل التي تتوفر عليها جميع شرائح المجتمع، المتعلمين وغير المتعلمين، وهنا تكمن الخطورة، لأن هذه الفئة لا تعرف كيفية التعامل مع هذه المعلومات.

الغازي دعا الصحافيين المهنيين للقيام بدورهم، عبر التوعية ونشر الأخبار الصحيحة، قائلا إن “ترويج الأخبار الزائفة والمعلومات المغلوطة بخصوص فيروس كورونا تشكل خطرا حقيقيا على المجتمع، لأنها تنشر الهلع والخوف في صفوف المواطنين، والمساس بالنظام العام، وتؤثر على سير عمل الأطر الصحي، في وقت يجب علينا جميع طمأنة الجميع”.

وزاد الغازي بأن “الأخطر الآن بعد جائحة كورونا، هو أن الأخبار الزائفة تتم بشكل يشبه عمل العصابات الإجرامية، حيث أصبحنا نرى بلاغات مزورة تتضمن معلومات خطيرة جدا ومنسوبة لجهات رسمية، كوزارة الصحة أو الداخلية، ونشاهد فيديوهات وصور قديمة أو خارج البلاد تبث على أنها تخص وباء كورونا، ونسمع مقاطع صوتية تبث معلومات تمس بالنظام العام، وتلقى انتشارا واسعا في عموم المواطنين، خاصة الفئات التي لم تستفد من التعليم، ولا تملك وسائل التحقق من صحة هذه المعلومات”.

الصحفي يجب أن يكون محققا

ليلى بالعربي صحفية بإذاعة خاصة، من جهتها، اعتبرت أن دور الصحفي قبل كل شيء هو استقاء الخبر من مصدره الأصلي، والمؤسسات العمومية الرسمية، بالقول “لي فيها الثقة الكاملة، وأظن أنه ليس لها أدنى مصلحة في أنها تخفي الخبر، وعلى الصحفي التحقق الفعلي والجدي، مما يروج على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي ظل هذه الأزمة يجب أن يكن الصحفي منبع للخبر الحقيقي، بوسائل التحقق من الأخبار”.

وشددت بالعربي أنه على الصحفي حاليا المساهمة الجادة والمسؤولة في تنوير الرأي العام، وعدم خلق الهلع، مطالبة الصحفيين بتفعيل دورهم في التحقق من المعلومة قبل نشرها، مشيرة أن على المؤسسات العمومية الاعتماد على الصحفيين والمثقفين في إعادة الثقة بينهم وبين المواطنين، وعقد صلح بينهم، والتصدي لتفشي عدوى كورونا، وكذلك التصدي لنشر التفاهة.

وزادت بالعربي بأن هناك من يركب على موجة الهلع والخوف المنتشر في المجتمع، ويعمل على نشر عدد من الأخبار الزائفة، لكن مصداقيته بذلك ستموت ما إن يُكشف، مشيرة لأنه في ظل الوضع الحالي “هناك من يعمل على تصفية حسابات سياسية بنشر أخبار لا أساس لها، وهناك من يعمل على الترويج لانتخابات سابقة لأوانها”، مؤكدة بالقول “ليس كل ما ينشر صحيح، ليس أي فيديو صحيح، وليس أي تسجيل صوتي متداول صحيح”.

أخبار تم نفيها

تمكنت الشرطة القضائية بالمفوضية الجهوية للأمن بمدينة قصبة تادلة، أمس الثلاثاء، من توقيف شخص للاشتباه في تورطه في تسجيل ونشر مقطع صوتي يتضمن معطيات مغلوطة وكاذبة حول تسجيل إصابة مفترضة بفيروس كورونا المستجد، والتي من شأنها المساس بأمن وسلامة المواطنين.

وفي سياق متصل، نفت المديرية العامة للأمن الوطني، بشكل قاطع، صحة التعليقات والتدوينات التضليلية التي رافقت نشر بعض الأشرطة والصور على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي توثق لأشخاص مغمى عليهم في الشارع العام، مؤكدة بأن ربط تلك الصور والأشرطة بضحايا مفترضين لوباء كورونا المستجد، هو خبر زائف يهدف للمساس بأمن وسلامة المواطنين.

وتنويرا للرأي العام، أكد بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني، أن الخبرات التقنية والأبحاث الميدانية المنجزة، أبانت أن الشخص الذي يظهر في شريط الفيديو مغمى عليه بالشارع العام قرب دكان للبقالة، هو ضحية لنوبة صرع تم تسجيلها بمدينة تطوان يوم الإثنين 16 مارس الجاري، بينما السيدة التي تظهر وهي مغمى عليها بالقرب من محطة للمحروقات، فقد كانت ضحية أزمة ربو، وتلقت بشأنها الإسعافات الضرورية بالمستشفى بمدينة تطوان.

أما بخصوص الصور التي يظهر فيها شخص مغمى عليه فوق الرصيف، وشخص ثان يظهر في وضع صحي حرج بسلم أحد المنازل، فقد أكدت الخبرات المنجزة أنها صور توثق لحالات مرضية مسجلة خارج المغرب، ولا علاقة لها نهائيا بمواطنات ومواطنين مغاربة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *