منتدى العمق

رجال ونساء التعليم لا ينتظرون شكرا من أحد

إذا كانت أنجيلا ميركل رفضت مساواة القضاة برجال التعليم بألمانيا فكيف لرئيس الحكومة ذي التخصص الطبي النفسي يلجأ إلى عدة أساليب ذات خلفيات انتقامية لا محالة تهدف الاساءة لسمعة رجال ونساء التعليم في هذه الظرفية النثنة بروائح كوفيد 19، فعلا، البلاد تمر من مرحلة صعبة وظروف عصيبة على جميع أفراد هذا الشعب الأبي، الطاعون يحاصرنا من كل مكان، رائحة الموت بدأت تعكر طعم وصفو الربيع الجميل. الكل انخرط في مشروع عنوانه الوطنية من أجل حماية البلاد (أغنياء وفقراء وعمال ومشغلون ومؤسسات الدولة بجميع قطاعاتها ووزاراتها،) من أجل المضي إلى الأمام في صف واحد هدفه هزم السفاح كورونا.

ومن بين هذه القوى المناهضة للوباء كانت فئة نساء ورجال التعليم هذه الفئة الواعية و المنتمية للطبقة الوسطى ذات الامتداد في التأثير و تجدير الوعي وسط جميع الطبقات الاجتماعية، هذه الفئة المضحية بوقتها و مجهودها و ذكائها الاجتماعي خلال المحطات الوطنية، تجنيد نفسها للتضحية بأربع ساعات إضافية لدعم القضية الوطنية الأولى ،انخراطها في العمليات السياسية و النقابية و الحقوقية و الانتخابية مساهمة منها في ضمان استقرار البلاد، تطوع جلها كمجتمع مدني في خدمة التنمية المجتمعية، إسهاماتها في إرساء كل النماذج و البرامج التربوية التي يتم فرضها من أعلى منذ فجر الاستقلال. تفانى شيوخ التعليم في تخريج كل الأطر العاملة حاليا في مناصب الدولة وبالقطاع الخاص أثناء فتح البلاد لورش مغربة الأطر، رغم الوضع المزري للبنية التحتية للمدرسة العمومية، انخراطها الأخير أثناء الجائحة التي ألمت ببلادنا عبر الانضباط لتنزيل جميع الاجراءات على علاتها وصعوبة تنفيذها، أمام غياب الوسائل وشروط إنجاح التعليم عن بعد، وكرست كل وقتها في إنتاج المادة التعليمية لحماية فلذات أكباد الوطن من ظلم الجائحة. وللمساهمة في إيصال المعرفة لجزء يسير من التلاميذ في حين تحرم الفئة الواسعة من أبناء الأسر الهشة ذات الدخل المحدود التي لازال يصارع ذويها من أجل القوت اليومي، حيث تكرس الوزارة التمييز بين أفراد الشعب في التعلم.

ففي ظل الجائحة تعاملت الوزارة مع الأساتذة كجنود مظليين رمتهم من الطائرة وتركتهم يواجهون صعوبات المكان دون تزويدهم بالخريطة كاملة. استغلت الطوارئ الصحية لتجريب إجراءات وطوارئ سياسية لتمرير الخطوات المؤجلة التي لم يفسح لها المجال لحظة السلم والاطمئنان. وبالفعل كانت قدرات نساء ورجال التعليم فعالة وبنفس الذكاء الاجتماعي الذي تمتلكه استطاعت حل المعضلة والوصول الى فئات عريضة من التلاميذ وتجندت لتبليغهم حاجتهم المعرفية بإعمال كل الوسائل المتاحة في التعلم عن بعد بتسخير مواقع التواصل الاجتماعي (عبر فيسبوك وواتساب وإنتاج عبر التلفزة المدرسية). وهذه كلها مجهودات تكلف جنود التعليم ماديا ومعنويا وفكريا.

ألم تشفع كل هذه الاسهامات للعاملين بقطاع التعليم كي يعترف لهم كاشف الأمراض النفسية بالمجهود والوطنية والتضحية؟ ألم يع السيد رئيس الحكومة أن للمعلم الفضل الكبير في طرد الجهل ولو بمعاول بدائية. ألم يع بأن المعلم في القرية النائبة لازال يقوم بجميع الادوار الاجتماعية والاقتصادية والتصالحية والنفسية لثقة الناس به. على كل حال فرجال التعليم علمتهم الأيام ألا يطلبوا الاعتراف بخدماتهم من بعض السياسيين الذين يشتغلون بالديماغوجية. لتكريس الابوية ونمطية الشيخ والمريد.

السياسيين الذين يركبون على هذه الفئة للوصول للحكم والسلطة ليمارسوا عليهم التمييز السلبي والأحكام القاسية مثل ما وقع في الأيام الأخيرة حينما شرعن السيد رئيس الحكومة لنفسه التوجه الى هذه الفئة وحرمها من حقها في الترقية ونحن لا نعرف إن كان السيد الرئيس فطن لخطورة القرار وفي مثل هذا الوقت بالضبط الذي يتطلب من الجنود أن يصمدوا ويظلوا بجميع صفاتهم في تخوم المواجهة، أو أن الحكومة ألفت المادة 9من قانون المالية لتشرعن لنفسها الاجهاز على حقوق الدائنين لها،

لا ندري كيف يتجرأ السيد رئيس الحكومة على إفساد ما كان قد أصلحه الحوار الاجتماعي الاخير _ولو جزئيا _فيما يتعلق بشيوخ التعليم، ضحايا النظامين. كيف يجرؤ على توقيف ترقية بقيمة أقصاها 100 درهم في الشهر للموظف ويسكت عن المتهربين من أداء الضرائب والميزانيات التي لا تستفيد منها البلاد، والسيارات الفارهة، وهنا نقول للسيد الرئيس أنكم أسأتم التقدير عندما تحاولون احتجاز حقوق هذه الفئات المتوسطة التي جلها يعاني شظف العيش. ومراجعتكم لقراركم هو بمثابة تكفير عن الزلة.

فقط أردت أن أذكركم السيد رئيس الحكومة أن نساء ورجال التعليم بقدر ما هم مقتنعون ومؤمنون بالواجب الوطني والتضحية ومستعدون لتقديم أرواحهم ليحي الوطن ومرابطون وراء حواسيبهم وهواتفهم الذكية لإيصال المعرفة لفلذات أكباد الوطن في زمن كوفيد 19 السفاح لا ينتظرون جزاء ولا شكورا من أحد، بقدر ما يألمون ويحزنون إن كانت المظلمة والجور من رجل همه في هذه المرحلة جمع الشمل وليس التشتيت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *