أدب وفنون، مجتمع

الكاريكاتير بالمغرب.. من انتقاد الساسة إلى التوعية بمخاطر “كورونا” (صور)

قال الناجي بناجي رسام كاريكاتير مغربي ورئيس الجمعية المغربية للكاريكاتير ومدير المهرجان الدولي للكاريكاتير بإفريقيا إن “موضوع تفشي جائحة كورونا، أصبح هو المسيطر على أغلب الأعمال الفنية التي أقوم بإنجازها في هذه الفترة، وهو أمر أعتبره طبيعيا، بعد أن أصبح الموضوع الشغل الشاغل للعالم اليوم، وتحول إلى مادة إخبارية أقصت معظم الأحداث التي كانت إلى وقت قريب تتصدر شاشات التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي”.

واعتبر الناجي نفسه في حديثه مع جريدة “العمق”، من موقع مسؤوليته كفنان كاريكاتير، لديه القدرة على تقديم شيء ما يدعم به المجهودات المبذولة لمحاربة جائحة كورونا، عبر رسم يحمل رسالة تخاطب الوعي وتحذره من مخاطر الفيروس، قائلا: “تحولت ريشتي من النقد والسخرية إلى التوعية والإرشاد، وهذا أمر تمليه الظروف، ويجب أن تتظافر فيها كافة الجهود لعبور هذه المحنة المهددة للوجود البشري”.

وأردف رئيس الجمعية المغربية للكاريكاتير، “ريشتي ليست عصا سحرية بإمكانها أن تغير الواقع نحو الأفضل، أنا أحاول فقط أن أنتقد واقعا سياسيا واجتماعيا معينا بطريقة ساخرة، طامعا في أن تدفع تلك السخرية إلى تغيير ذلك الواقع، دون الوقوع في فخ التشهير والتجريح، وهذا هو دور الكاريكاتير، كوسيلة تعبيرية لإرسال رسائل إلى المتلقي بطريقة سلسة وبسيطة بغض النظر عن طبيعة ذلك المتلقي ومستواه المعرفي والثقافي، وهو أمر قد تعجز عنه مقالات بآلاف الكلمات”.

وبأمل أضاف الناجي في حديثه مع جريدة “العمق”، “شخصيا أعتبر الكاريكاتير أفضل وسيلة للتعبير على مر الأزمنة، لم تزدها الطفرة التكنولوجية وظهور وسائل التواصل الاجتماعي إلا تطورا وجمالية، بل ساهمت هذه الطفرة في ظهور أجيال جديدة ومبدعة من الفنانين، بعد أن كان الكاريكاتير مقتصرا على بعض الأسماء المعدودة على رؤوس الأصابع التي كانت محظوظة بإيجاد ركن لها بإحدى الجرائد زمن الورق”.

طفل عاجز عن النمو
وعن الكاريكاتير بالمغرب، أردف الناجي بأنه “في وقتنا الراهن لا يختلف كثيرا عن حاله مرحلة ما قبل التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، فرغم ظهور أسماء كثيرة من الفنانين المبدعين، إلا أنه لا زال يعاني عددا من الإكراهات، أبرزها خضوعه لخطوط حمراء كثيرة، تحد من إبداعية الفنانين بالإضافة إلى ضعف الأفكار لدى العديد منهم، رغم جمالية الخط واللون اللذان تتميز بها رسوماتهم”.

وزاد الناجي بأن رسامي الكاريكاتير بالمغرب يعانون من “التهميش والإقصاء الممارس في حقهم بشكل متعمد، ولعل أبرز مثال على ذلك هو عدم فتح أبواب الجرائد، الفئات الشابة التي تشق طريقا بتبات وعن علو كعبها في المسابقات العالمية، كذلك إقصاء رسامي الكاريكاتير مؤخرا من الحصول على بطاقة الفنان، التي تسمح له أن يحصل على دعم مادي لخلق مهرجانات ومعارض، مع عدم دعم مهرجانات الكاريكاتير رغم قلتها، باختصار يمكن وصف حال الكاريكاتير في بلادنا بالطفل العاجز عن النمو”.

أسباب إلغاء جائزة الكاريكاتير بالمغرب
وعن إلغاء جائزة الكاريكاتير، أشار الناجي بأنه “من شروط المشاركة في الجائزة الوطنية للصحافة أن تكون حاصلا على البطاقة المهنية، وأن تزاول عملا بإحدى الجرائد الوطنية الورقية منها أو الالكترونية، والرسامين الذين يشتغلون في الجرائد عددهم حاليا لا يكاد يفوق عدد أصابع اليد الواحدة، وأغلبهم لا يتوفر على بطاقة الصحافة، ومعظمهم يعمل “فريلانس” أي متعاون مع الجرائد، ولا يتوفر على انخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”.

وطالب الناجي المجلس الوطني للصحافة، بالاتماع بالرسامين المتوفرين على البطائق المهنية، ومع رؤساء جمعيات الكاريكاتير المغربية، لإيجاد صيغة مناسبة لوضعية رسام الكاريكاتير بالمغرب، بدلا عن إقصائه من المسابقة، لأن الصيغة التي أعدتها وزارة الإعلام السابقة، تناسب المصورين الصحفيين ولا تناسب رسامي الصحف، فضلا عن كون أغلب فناني الكاريكاتير ليست لهم منابر صحفية قارة ينشرون من خلالها أعمالهم الفنية، ويعتمدون بدلا عن ذلك على شبكات التواصل الاجتماعي، أو على مواقع عالمية مهتمة بالكاريكاتير”.

وركز مدير المهرجان الدولي للكاريكاتير بإفريقيا، على أن هناك عدم اهتمام وتهميش واضح لفناني الكاريكاتير من طرف المسؤولين، رغم أن بلادنا تعج بالمواهب والطاقات الفنية الخلاقة، التي تحتاج فقط للتشجيع والتحفيز، وفي نفس الوقت نراهم مهتمين بأنواع فنية أخرى، عبر تخصيص دعم مادي مهم لمهرجانات ومسابقات على امتداد السنة”، مردفا بأن “العالم الآن أصبح يخصص جوائز مادية مغرية لاستقطاب رسامي الكاريكاتير من كل ربوع العالم، وهناك دولا باتت تسخره لغاياتها السياسية الخاصة، أشعر بالغبن عندما أرى هكذا حيف يطالنا، وأتمنى أن يتم الالتفات لهذا الفن وإعطائه ما يستحق من الاهتمام مستقبلا”.

وأشار الناجي بأن هناك “بعض المحاولات والمجهودات الذي يخوضها بعض الفنانين لبعضهم البعض، لإرساء دعائم بعض المهرجانات والملتقيات الخاصة بالكاريكاتير، كالمهرجان الدولي للكاريكاتير بإفريقيا الذي يقام كل سنة بمدينة أكادير، وأصبح له صيت عالمي، حيث يعرف مشاركة أكثر من 80 دولة حول العالم، ويظم جوائز عالمية مهمة، والملتقى الوطني لفن الكاريكاتير والإعلام بشفشاون الذي أصبح محجا لهواة هذا الفن”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *