وجهة نظر

مغاربة العالم.. روح في الوطن وجسد في المهجر

شغل فيروس كورونا البشر جميعا على امتداد المعمور. ويكاد يكون موضوع الساعة الوحيد شاغلا البشرية عما سواه، وصُنف هذا الوباء عدو الإنسانية، وفقا لما أكدته منظمة الصحة العالمية.

ألمانيا وصفت هذا الفيروس بأنه اكبر تحد منذ الحرب العالمية الثانية. فرنسا وصفت الوضع الراهن بأنه حالة حرب إذ يتزايد مخاوف الفرنسيين من عدد الوفيات و من التبعية الاقتصادية، ايطاليا تعيش حربا يومية في مواجهة الفيروس، ويبدو أن قوى البلد انهارت أمام أعداد المصابين والموتى، حال إسبانيا ليس أحسن من إيطاليا، وهي التي تشهد ارتفاعا قياسيا في عدد المصابين والمتوفين يوما بعد الآخر.

الوباء مرغ قوة الولايات المتحدة في التراب، وأصبحت أول قوة اقتصادية في العالم، تعيش حربها مع الفيروس، بالاستعداد للموت وطلب رحمات السماء.

في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية كانت المملكة المغربية تدرس ببطء خطوات تقدم الفيروس واجتياحه لأقوى المنظومات الصحية في العالم، فاستبقت محاصرة على مراحل تحت إشراف مباشر ويومي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي أعطى تعليماته بإحداث صندوق خاص لمواجهة هذا الوباء تُضخ فيه عشرة مليارات من الدراهم، قبل أن يُضاعف انخراط المغاربة، على مختلف شرائحهم، هذا المبلغ لثلاثة أضعاف، اضافة الى التعبئة الوطنية الكبيرة في ظل تدابير وقائية مشددة اتخذتها جميع أقاليم ومدن المملكة بانتهاء وقف الدراسة ومنع التجمعات، قبل أن تقرر السلطات العمومية دخول إجراء حظر التجول لغير الضرورية حيز التنفيذ لشهر كامل.

مغاربة العالم لم يبقوا خارج خط التكثل الوطني في مواجهة الوباء، واعتبروا أن هذه اللحظة تمثل مناسبة لتكاثف الجهود داخل وخارج الوطن من أجل التصدي لجائحة فيروس كورونا منذ انتشارها، فعلى صعيد الدبلوماسية المغربية، قامت السفارات والقنصليات، بأوروبا والعالم بفتح خطوط خضراء لتتبع أحوال جاليتنا بتنسيق مع الجمعيات، والمساجد المغربية لتوفير المساعدات اللازمة، على سبيل المثال لا الحصر، العالقين المغاربة في أوروبا والعالقين من مغاربة العالم، في المغرب بعد ما تم إغلاق المطارات والحدود حفاظا على السلامة والوقاية من انتشار الفيروس.

وقد طرح موضوع دفن المتوفين المغاربة في الخارج جراء الوباء، أو جراء غيره، في المقابر الغير الإسلامية بعد تعذر ترحيل جثامين المغاربة لتوارى الثرى بأرض الوطن. وحسنا فعلت فتاوى وإصدارات العلماء المغاربة، أو المجلس العلمي للمغاربة ببلجيكا بإيجاز دفن الميت في البلد الذي توفي فيه بالمقبرة العمومية، وخاصة في المقبرة التي خصص جزء منها لدفن أموات المسلمين، ما أدى إلى تخفيف ألم عائلات المصابين.

هذا بالإضافة إلى أن الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج قررت التكفل بنفقات دفن جثامين المغاربة المتوفين المعوزين الذين لا يتوفرون على تأمين بمقابر إسلامية بدول الاستقبال.

مغاربة العالم، فوق انشغالهم بوضع بلدان إقامتهم، وتتبعهم لما يُفرض من حالات طوارئ في بلدان المهجر، يتابعون صباح مساء الوضعية الصحية لذويهم واصدقاءهم المتواجدين بأرض الوطن بسبب سرعة انتشار الفيروس مدمرين سيكولوجيا ونفسيا وقلوبهم ممزقة بين ألم بلد إقامتهم وألم الوطن، ولا يكاد يختلف الوضع بين كل الجالية المغربية في العالم، التي بات قلقها وهاجسها اليوم مضاعفا ومسقما بين روح في الوطن وجسد في المهجر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • مستحود عبدالجبار
    منذ 4 سنوات

    تبارك الله عليك استاذي الغالي علي معماري. الاستاذ المثقف و الطيب . الوطني الفد . شكرا لخدمتك للوطن . الله الوطن الملك . حب الأوطان من الإيمان