وجهة نظر

“صراصير” كورونا

قد يتساءل البعض عن علاقة الصراصير بوباء كورونا المستجد. وقد يظن البعض في حداقة منه أنه قد تكون العلاقة علمية خصوصا والعالم في ذروة جائحة كورونا وفي خضمها .من السهل عليه الرمي باللوم على صرصور صغير وإلصاق تهمة نقل العدوى من عدمه . كما فعلوا بالخفاش أو آكل النمل أو بعض الحيوانات من فصائل أخرى .

الموضوع ليس تحليلا للمسببات و لا للعلل و ظروفها أو المسؤول عنها . فهذا أمر قد خاض فيه الكثير من ذوي الاختصاص أو الفضول وكذا من ذوي الشأن أو من خارجه خصوصا وأن الجائحة وهذا أمر طبيعي أصبحت لها أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية مترابطة ومتلامزة فيما بينها إلى أبعد الحدود .

ولعل من ضمن هذه الأبعاد التي سارت عليها معظم الدول ومن ضمنها المغرب لكبح جماح وباء جائحة كورونا ومحاصرته والحد من انتشار. هي خطة ما اصطلح عليه بالحجر الصحي . وهي خطة أجمع على نجاعتها جميع الخبراء والأطباء من داخل دهاليز منظمة الصحة العالمية وخارجها وأجمعوا على ضرورة تطبيقها كوسيلة فعالة لقطع أواصر حبل هذه الجائحة .

وقد كان المغرب من الدول السباقة في اتخاذ جملة من التدابير الاحترازية الصارمة ضمن قراراتها الحجر الصحي يوم 20 مارس في خطة استباقية لتطويق هذا الوباء .وهكذا عبأ لهذه الخطة كل طاقاته المادية والبشرية وتسخيرها لإنجاح هذه العملية الوطنية الوقائية والخروج من هذه الجائحة بأقل الخسائر الممكنة .

غير أن الأمر الذي لم يكن بالحسبان هو ظهور أو خروج بعض الأنواع من الصراصير عن مسار هذه الخطة والنهج الوقائي . و طبيعي أن تكون لكل ظاهرة مخلفاتها السلبية الغير مرغوب فيها أو المكروهة. و لعل المخلفات السلبية لحالة الحجر الصحي أو المكروه والغير مرغوب فيه هو خروج بعض الصراصير من تحت أسوار الحجر الصحي العظيم الذي رسخه رجال من حماة هذا الوطن العزيز. خرجوا في واضحة النهار كما تحت جنح الظلام مهللين ومكبرين… في جهالة بأن كورونا لا علاقة له بالأديان والعادات والطقوس والشعائر ولم يدركوا أن خطه الرفيع هو العلم فقط. خرجت هذه الصراصير في خرق سافر لكل أعراف المواطنة وأبت إلا أن تبدي استهتارا في تفعيل هذا الإجراء الصحي المراد منه تحقيق المصلحة الفردية والعامة على حد سواء ودرء مفسدة محققة . غير آبهين بتعريض أنفسهم وذويهم والآخرين للأذى على الرغم من سن قوانين الحبس والغرامة على المخالفين.

وبما أن كل الأجناس لها أشكال وأنواع أيضا في الصراصير أنواع . تختلف باختلاف النشأة والأوكار . فهناك نوع ثان من هذه الصراصير خرج هو الآخر يتشدق بمصطلحات حقوق الإنسان مدافعا بها عن تلك الشرذمة من الصراصير الخارقة للحجر الصحي بدعوى المس بحرياتها أو الإفراط في استعمال القوة غير مباليا أو متناسيا حقوق أسرهم وذويهم التي قد ينقلون لهم العدوى أو رجال السلطة الذين هم في الخطوط الأمامية لمواجهة الفيروس وضبطوه خارقا لمقتضيات الحجر الصحي فقد يؤذيهم أثناء التحقيق معه . وهو ما أكده الواقع وزكته الإحصاءات من طرف الجهات المختصة.

من هذه الصراصير أيضا نوع آخر استغل الحجر الصحي وخرج يتبجح بصدقة أوسد رمق جائع أو إمساك رمق أسرة محتاجة ويتباهى بذلك بصورة في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي مستغلا الحاجة وقلة اليد لبعض الناس المحتاجين . فكما نتقزز من رؤية الصرصار يرفع قرون الاستشعار في جولاته المختلفة. كذلك نشمئز من رؤية صراصير الحجر الصحي المعاندة في الشوارع والمتبجحة بصورها على شبكات التواصل الاجتماعي.

صراصير أخرى وهي الأخطر في اعتقادي تلك التي تجول وتصول في مختلف منصات التواصل الاجتماعي وليس من هم سوى نشر الأخبار الكاذبة والزائفة وما شابه من إشاعات التي تسري كالنار في الهشيم.وما يترتب عنها من نشر الخوف والهلع المصاحبة لذلك. وينبري بعض الصراصير ليفتي دونما أي تخصص أو معرفة أو تخويل رسمي مما يساهم في تضليل الرأي العام . ويساهم في بث سموم الإشاعة الهدامة و المرعبة أحيانا.وذلك لإرضاء فضول هذا الصرصور أو إسقاط أمراض اجتماعية لصرصور آخر.أو حبا في الظهور أو سعيا لبطولات وهمية.أو عزفا لأوتار أو ترسيخا لغاية في نفس يعقوب للعديد من الصراصير الأخرى .

و المضحك المبكي هو استخدام هذه الصراصير لمبدأ السخرية والنكات في سبيل إيصال رسائل وإشاعات باتت مملة ومقززة وهو أسلوب مضلل وناعم في ظاهره لكنه يحمل المكائد في جوهره.ويؤشر لاستهتار وعدم الجدية لدى بعض الصراصير ممن لا يعنيه الشأن العام ومصلحة الوطن .

وأخيرا ستمر جائحة كورونا وسيتعافى منه العالم كما سيتعافى وطننا الحبيب . لكن المعضلة الكبرى والسؤال الكبير العريض : متى سنتعافى من مثل هذه الصراصير ؟

أعانك الله يا وطني على حجم التحديات التي تواجهك في زمن كورونا .وأعانك الله على صراصيرها التي تستغل هذه الجائحة الملعونة .فالمطلوب إتباع التعليمات والتوجيهات الحكومية للحفاظ على السلامة العامة ومطلوب النشر الإيجابي وبثر كل الأخبار المضللة والإشاعات .كل ذلك لغايات الحفاظ على أمن ,سلامة وسمعة الوطن ومنجزاته الوطنية .

فشكرا لحماتنا الأحرار من الكوادر الطبية والأجهزة الأمنية والمؤسسات المدنية والعسكرية والذين يعملون دونما كلل أو ملل .فالوطن بحاجة للجميع في ظل هذه الظروف . و يحتاج الوطن منا أن نقف لجانبه وفي خندقه بدلا من الشائعات ونكثر الطلبات. فمواطنتنا الصالحة حان وقتها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *