وجهة نظر

“لجنة التنمية” ورسائل “كورونا”

قبل أسابيع خلت، كانت الأنظار موجهة نحو “اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي” التي كانت بصدد مباشرة ما تقتضيه مهمتها من مقاربات تواصلية متعددة المستويات، بشكل يسمـح باستجماع العناصر والمعطيات الميدانية، التي من شأنها الإسهام في بلورة “نموذج تنموي جديد” في أفق الصيف القادم، بشكل يصحح مسار قطار التنمية ويقطع بشكل لا رجعة فيه، مع التفاوتات السوسيومجالية العميقة في عدد من المجالات الحضرية والقروية، ويضع البلاد على سكة “المسؤولية” و “الإقلاع الشامل”، لكن، لا شك في ذلك، أن رياح جائحة “كورونا” جرت بما لا تشتهي سفينة “لجنة التنمية” التي لم يعد لها ذكر أو حضور رسمي في ظرفية استثنائية، ماعدا مبادرة عبارة عن “مساهمة وطنية إبداعية في النموذج التنموي لمغرب الغد” أطلقتها اللجنة – قبل أيام – بتنسيق مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، على مستوى الثانويات التأهيلية (جذع مشترك).

وإذا كان الزمن هو “زمن كورونا المستجد” الذي رسم ويرسم مشاهد الخوف والتعبئة والتوجس والترقب والانتظار عبر العالم، فإنه وضع الدول والحكومات والمجتمعات أمام “وضعية مشكلة” أو “اختبارات تحت الضغط”، اجتيازها يمر قطعا – ليس فقط – عبر التعبئة الجماعية وتملك قيم التعاضد والتضامن والالتزام والصبر وقوة التحمل والتضحية ونكران الذات، بل، وعبر القدرة على التقاط ما جادت به الجائحة، من دروس وعبر، لامناص من استثمار معطياتها، في تجاوز الأعطاب والثغرات، التي ما كان لها أن تطفو على السطح، لولا “كوفيد العنيد”، وعليه، فبالقدر ما تحمل “كورونا” مفردات الألم والارتباك والتعبئة الجماعية، بالقدر ما قدمت وتقدم كل يوم، دروسا وعبرا متعددة الزوايا، و”اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي” التي غابت عن الأنظار بسبب الأزمة القائمة، هي اليوم، أمام وضعية غير مسبوقة، وضعتنا جميعا، في صلب “محنة” عالمية، أفرزت معطيات لا يمكن إلا تثمينها، من خلال التعبئة التضامنية الجماعية التي انخرطت فيها جميع المكونات، من دولة ومجتمع ومواطنين، عبرت عما يجمعنا كمغاربة من قيم التعاضد والتلاحم والالتزام (رغم بعض الانزلاقات الجانبية)، في مشاهد، أثارت التثمين والتقدير عبر العالم.

لكن وبالمقابل، كشفت الجائحة “الكورونية”، عما نعانيه من صعوبات وهشاشة في عدد من المجالات، على رأسها قطاع الصحة، إذ أبانت عن مدى محدودية المنظومة الصحية الوطنية، بشكل وضعنا ويضعنا في حالة من التخوف المشروع، مخافة ارتفاع حدة حالات الإصابات المؤكدة وحالات الوفيات، بشكل قد يخرج فيه الوضع الصحي عن السيطرة، في ظل ما نعاينه كل يوم، من معاناة صحية في بلدان ذات منظومات صحية متقدمة من قبيل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، إذ، تبين بالملوس ما يعانيه القطاع من محدودية على مستوى الوحدات الصحية والموارد البشرية (أطباء، ممرضون، أطر شبه طبية …) والوسائل والمعدات الطبية (أسرة، ألبسة واقية، أقنعة، أجهزة تنفس اصطناعية…)، وهي فرصة سانحة أمام “لجنة التنمية”، لوضع “المنظومة الصحية” في صلب “النموذج التنموي المرتقب”، حرصا على “الأمن الصحي”، الذي بات جزءا لا يتجزأ من “الأمن الاقتصادي” و”الأمن الاجتماعي”، ويكفي النظر إلى ما تعانيه الدول الكبرى وعلى رأسها “الولايات المتحدة الأمريكية ” من محن ومعاناة، في ظل الارتفاع اليومي لحالات الإصابات المؤكدة وعدد الوفيات، وهذا معناه، أن الاقتصاد مهما بلغ من القوة والعظمة، فيمكن أن يعاني أو ينحني، إذا لم يكن محاطا بمنظومة صحية واجتماعية قوية ومتينة.

الجائحة المرعبة، وجهت البوصلة نحو منظومة التربية والتكوين، التي تبين بالملموس، تأخرها قياسا لما شهده ويشهده العالم من تحولات رقمية هائلة، زحزحت قارات المناهج والبرامج التعليمية في عدد من المنظومات التربوية عبر العالم خاصة في البلدان المتقدمة، وغيرت النظرة للكثير من النظريات والمقاربات التربوية، واللجوء إلى آلية “التعليم عن بعد”، شئنا أم أبينا، هو قرار “استثنائي” في ظرفية “استثنائية” فرضت ضمان “الاستمرارية البيداغوجية” في زمن “كوفيد العنيد”، ورغم ما بدل من جهد سواء من جانب الوزارة الوصية على القطاع، أو من جانب الأطر التربوية والإدارية التي تجندت بكل تضحية ونكران للذات للتكيف مع هذه “التجربة الفجائية” والانخراط الإيجابي فيها بكل السبل التواصلية المتاحة، يمكن الإقرار أن “التعليم عن بعد” لا يمكنه البتة، تعويض “التعليم الحضوري” ولا يمكن قطعا أن يحل “بديلا عنه”، ودون النبش في حفريات، ما أبان عنه هذا النمط من التعليم، من مشكلات موضوعية مرتبطة أساسا بضعف ومحدودية الوسائل (أجهزة رقمية، أنترنيت)، وتعقيد عملية الولوج لبعض المنصات، وكثرة منافذ ومصادر المعلومة، بشكل يعرض المتعلم(ة) لحالة من الشتات والتيهان (منصات، قنوات تلفزية، مواقع التواصل الاجتماعي …)، ومن تداعيات نفسية على التلاميذ الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها، محاصرين في المنازل في ظل “حالة الطوارئ الصحية”، أمام نمط من التعليم لا يملكون وسائله ومقوماته شـأنهم في ذلك شأن مدرسيهم، ومن تداعيات مادية على الأسر التي باتت مضطرة لتحمل ما يستدعيه هذا التعلم، من تكاليف مادية إضافية مرتبطة بالأجهزة الرقمية (حواسيب، هواتف ذكية، لوحات إلكترونية) وتغطية الأنترنيت، بكل ما يحمله ذلك من إرباك وارتباك أسري (تعدد التلاميذ يقتضي تعدد الأجهزة، كما يقتضي استحضار آليات المراقبة والتتبع).

وحتى لا نكون عدميين أو سلبييــن، فمن حسنات هذا النــوع من التعليم، أنه حافظ في جميع الحالات على “الاستمرارية البيداغوجية” وأبقى على جسور التواصل ممتدة بين الأساتذة والتلاميذ في ظرفية حرجة، لا يمكن إغفال تداعياتها النفسية على الأساتذة والتلاميذ وعلى الأسر، لكن، يمكن بعد زوال الجائحة، استثمار التجربة إيجابا، بشكل يفرض استعجال تغيير المناهج العقيمة والبرامج المتجاوزة القائمة منذ سنوات، وزحزحة قارات “ديدكتيك” المواد، ونفض الغبار عن طرائق التدريــس التقليدية التي لا تتجاوز حدود الطباشير أو القلم والسبورة والكتاب المدرسي، بالانفتاح الناعم على “تكنولوجيا الإعلام والاتصال” وتعبئة ما يتطلبه ذلك، من وسائل ومعدات وشروط تحفيزية للأساتذة، وإعطاء نفــس جديد للحياة المدرسية التي لا تحضر إلا في الوثائق الرسمية، في ظل برامج غارقة في “الكم” تقتل روح الخلق والتميز والإبداع وتغتال المهارات والقدرات والمواهب، وعليه، فلجنة التنمية، مطالبة باستحضار اختبار تجربة “التعليم عن بعد” واستخلاص ما حملته من دروس وعبر، من أجل إعادة فتح ملف “التعليم” وتشخيصه بجرأة وموضوعية وتجرد وحياد، ليس فقط، لأن “كورونا” أبانت عن مدى ضعف ومحدودية منظومتنا التعليمية خاصة على المستوى الرقمي، ولكن أيضا، لأن “التعليم”هو العمود المركزي بالنسبة لخيمة “النموذج التنموي المرتقب”، وأي بناء تنموي بمعزل عن التعليم الناجع والفعال، لن يكون إلا عبثا وإهدارا لزمن الإصلاح.

أزمة “كورونا” الفجائية، لم توجه البوصلة نحو منظومتي الصحة والتعليم فحسب، بل ووضعتنا جميعا أمام جائحة بكل المقاييس، استدعت توفر “الإنسان”/”المواطن” الذي يلتزم بالضوابط القانونية وينضبط لما يوجه إليه من تعليمات وتوجيهات من قبل السلطات المختصة، ويتملك قيم الالتزام والمسؤولية والقدرة على التكيف الإيجابي مع الأزمات والنكبات، ومن خرج مخترقا حالة الطوارئ الصحية في عدد من المدن في الأيام الأولى من فرض حالة الطوارئ الصحية، أو هرول إلى المتاجر والأسواق من أجل تخزين المواد الغذائية أو مارس الاحتكار، أو لم يقدر مخاطر خروجه إلى الشارع العام بدون أي مبرر بشكل يعرض حياته وحياة الآخرين للخطر، أو مارس الإشاعة في منصات التواصل الاجتماعي، أو استخف بالوباء أو شكك في وجوده، أو عرض بعض رجال وأعوان السلطة للإيداء (عنف، إهانة، رشق بالحجارة ..)، كلها ممارسات تفرض إعادة ترتيب الأوراق، والقطع مع كل الممارسات المكرسة للتفاهة والسخافة، بالرهان على التعليم الفعال والناجع، لصناعة الإنسان /المواطن الذي يحترم الوطن ويقدر عمل المؤسسات ويلتزم بالضوابط والقرارات، ويتقيد بسلطة القانون، ويتحلى بقيم المواطنة والتضحية والوفاء ونكران الذات، والرهان أيضا، على “الصحافة المهنية والأخلاقية” التي لابد أن تتحمل مسؤولياتها المواطنة في تقديم أعمال مهنية رصينـة، من شأنها النهوض بثقافة التميز والإبداع والارتقاء بمستوى الذوق والجمال، ولا يمكن أن نترك الفرصة تمر، دون الإشادة بانخراط الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في عملية “التعليم عن بعد”، عبر تقديم مضامين رقمية لفائدة التلاميذ والطلبة، وهي تجربة، يمكن استثمارها في دعم القناة الرابعة، لتكون قناة تربوية وثقافية بامتياز، من شأنها خدمة الرسالة التربوية والارتقاء بالشأن الثقافي الوطني، وبمستوى القدرات والمهارات والكفايات الحياتية..

كورونا المرعب، وضع شرائح واسعة من المغاربة في خانة العاطلين عن العمل بين عشية وضحاها، بعد توقف العديد من الأنشطة المهنية والحرفية في ظل حالة الطوارئ الصحية، بشكل كشف عن الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية لشرائح واسعة من الطبقات الاجتماعية، ووضع بالمقابل الدولة أمام تحدي دعم الفئات المتضررة من مقاولات متوسطة وصغرى ومأجورين وحرفيين ومياومين، حفاظا على الاستقرار الاجتماعي في ظل فرض حالة الطوارئ الصحية، وبالقدر ما نثمن طريقة تدبير الجائحة على مستوى الدعم الاجتماعي في إطار “صندوق تدبير جائحة كورونا”، بالقدر ما نؤكد أن ما يحدث، يعد تمرينا شاقا للدولة، يفرض استثمار معطياته – بعد رحيل الجائحة – من أجل استعجال تنزيل “السجل الاجتماعي الموحد” لضبط الفئات الاجتماعية الفقيرة والهشة، والرهان على السياسات العمومية الاجتماعية القادرة على الارتقاء بمستوى عيش المغاربة على مستوى الشغل والصحة والسكن والرعاية الاجتماعية، وإحاطة المقاولات المتوسطة والصغرى والصغيرة جدا، بكل شروط الدعم والمواكبة والتتبع، لما تضطلع به من أدوار اقتصادية واجتماعية.

“كوفيد” العنيد، أبان عن حجم الخصاص الصحي ومدى ارتباك المنظومة الاجتماعية، وهي نتيجة منطقية تسائل السياسات العمومية المعتمدة منذ سنوات في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والشغل والسكن والرعاية الاجتماعية، وفي ظل هذا الوضع، كان من الضروري أن يستهدف “صندوق تدبير جائحـة كورونا” عملية دعم المنظومة الصحية والارتقاء بها على مستوى الوسائل والمعدات، ودعم شرائح واسعة من الفئات الاجتماعية المتضررة من هذه الأزمة العالمية، ضمانا للأمن الصحي والاجتماعي، في الوقت الذي كان يفترض أن توجه فيه البوصلة بأكملها، نحو دعم قدرات الاقتصاد الذي تضررت قطاعاته بدرجات ومستويات مختلفة، خاصة في قطاعات حيوية كالسياحة والنقل وما يرتبط بهما من أنشطة تجارية وخدماتية، وفي هذا المستوى من النقاش، يمكن أن نربط بين “الهشاشة الاجتماعية” للكثير من الأسر وعملية “التعليم عن بعد” التي تحتاج إلى وسائل (حواسيب، هواتف ذكية، لوحات إلكترونية) وتكاليف مادية إضافية (أنترنيت)، وهي وسائل وتكاليف، يصعب على الكثير من الأسر تحملها بشكل يومي، وهذا المعطى، قد يجعل شرائح واسعة من التلاميذ خارج دائرة التعليم عن بعد، بشكل يضرب “مبدأ تكافؤ الفرص” و يمس بالمساواة أمام “الحق في التعلم”.

كورونا المرعب، سيرحل بمشيئة الله كما رحلت جملة من الأوبئة والأمراض التي بصمت تاريخ البشرية عبر التاريخ، وبالقدر ما حمل ويحمل مفردات الهلع والتوتر والتوجس والترقب والانتظار، بالقدر ما سيغير أنماط العيش، وسيفرض على الدول، إعادة النظر في سياساتها وخططها وأولوياتها الاقتصادية والتنموية، وفي هذه اللحظة الحرجة والاستثنائية، إذا كان من الصعب وضع سقف زمني لرحيل الجائحة والعودة المأمولة إلى الحياة الطبيعية، فإن الحقيقة التي لا يمكن لعاقل إنكارها أو إغفالها، أن مغرب “ما بعد كورونا” لابد أن يستخلص ما جاد به “الكوفيد العنيد” من دروس وعبر، بإعادة ترتيب الأولويات، عبر رد الاعتبار للقطاعات الحيوية التي ظلت عبر سنوات على هامش السياسات العمومية، بدءا بالصحة العمومية مرورا بالتعليم وانتهاء بالقضاء والإدارة الترابية والأمنية، والرهان على إرساء قاعدة متينة للصناعة الوطنية تخفف من وطأة الارتباط بالخارج وتصمد أمام النكبات والأزمات، والارتقاء بقدرات الفلاحة، من أجل ضمان الاكتفاء الذاتي، وكذا القطع مع كل أشكال الفساد والمساس بسلطة القانون، ومشاهد الريع والإفلات من العقاب …إلخ.

وقبل الختم، نؤكد أن “اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي” مطالبة اليوم، بتغيير استراتيجيات العمل التي تم وضعها “ما قبل “كورونا”، وإعادة ترتيب الأولويات على ضوء ما أبانت عنه “الجائحة” من معطيات ومستجدات، ما كان لها أن تبرز بهذه القوة وبهذه المكانة، لولا “الأزمة الكورونية” التي رسمت معالم طريق التنمية المأمولة، التي لا يمكن تصورها بمعزل عن منظومة صحية قوية ومتينـة تصمد أمام المحن والأزمات، و منظومة تعليمية عصرية وناجعة، يتم الرهان عليها في عملية بناء الإنسان/المواطن الذي يعد صمام أمان التنمية ومنطلقها وغايتها، وسلطات قضائية و عسكرية وأمنية وترابية، لا يمكن الجدال حول أدوارها، وإذا أشرنا إلى هذه القطاعات، فليس معنى ذلك، أننا نختصر التنمية في الصحة والتعليم والقضاء والأمن والإدارة الترابية، أو نفضل قطاعات على أخـــرى، ولكن، هي محاولة لإثارة الانتباه إلى أهمية النهوض بالقطاعات المذكورة التي برزت في زمن “كورونا”، كقطاعات محورية لامحيدة عنها في مغرب “ما بعد كورونا”، الذي لابد أن يتأسس على “نموذج تنموي” تراعى فيه هواجــس “الاكتفاء الذاتي الغذائي” و”المناعة الاقتصادية”(الصناعة أساسا) و”الحماية الاجتماعية” (صحة، تعليم، سكن، شغل …) و”البحث العلمي” الذي يفرض إعادة الاعتبار لأبناء الوطن في الداخل والخارج، من خبراء وأطباء متخصصين ومهندسين وعلماء وأساتذة جامعيين ومخترعين، الذين يمكن التعويل عليهم لرسم معالم صورة “مغرب المستقبل”، الذي لا مكان فيه لصناع التفاهة ومنتجي السخافة والعبث والانحطاط ..

ونختم بالقول، أن “الكوفيد العنيد” بالقدر ما أربك حياتنا وغير قسرا طباعنا وعاداتنا، بالقدر ما كشف أن المغاربة يكبرون في الشدائد والمحن والصعاب، ولا يترددون البتة في خدمة الوطن، في ظل ما تم القيام به من تعبئة تضامنية جماعية، انخرطت فيها الدولة والمؤسسات والهيئات العامة والخاصة والمجتمع والأفراد، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، بشكل مكن ويمكن من تدبير ناجع وفعال للجائحة حفاظا على الصحة العامة، ولا يمكن أن ندع الفرصة تمر، دون الانحناء شكرا وتقديرا أمام “الجيش الأبيض” من الأطباء والممرضين، الذين فرضت عليهم مهنتهم، التواجد المستدام في الجبهات الأمامية في الحرب الشرسة ضد “الكوفيد العنيد” في مهمات شاقة قد لا تخلو من مخاطر الإصابة بالعدوى، وأقل ما نقدمه من أجلهم، البقاء في المنازل وعدم الخروج “إلا للضرورة القصــوى”، وجنود الخفاء (نساء ورجال التعليم) الذين يناضلون في صمت أمام شاشات الحواسيب والهواتف الذكية في إطار “الاستمرارية البيداغوجية” متحملين ما تتطلبه هذه المهمة الشاقة من وسائل ذاتية وتكاليف مادية إضافية، والسلطات الأمنية (جيش، أمن وطني، درك ملكي، قوات مساعدة، وقاية مدنية) ورجال وأعوان السلطة، والحراس وعمال النظافة والتعقيم، ومن خلال كل هؤلاء، نقدم كلمة شكر وتقدير لكل من مد اليد بسخاء.. لكل من قدم وتصــدق .. لكل من بادر أو ضحى .. لكل من ساعد أو تضامن .. لكل من تعب وعانى و تألم .. لكل من لبى النداء ولزم المنزل خلال فترة الطوارئ الصحية.. لكل من وجه رسائل التوعية والتحسيس .. شكر وتقدير لكل من تجند من أجل الوطن .. لكل شرفاء ونزهاء ورجالات الوطن الذين لم يتنكروا للوطن في لحظات اليأس والأزمة والنكبة .. أما من وضعت “الجائحة” حدا لحياته، فنسأل الله عز وجل أن يشمله بواسع رحمته ومغفرتـه، وأن يلهم ذويــه الصبر والسلوان، ومن يرقد في المستشفى بعد تأكد إصابته بالوباء العنيد، نســأل الله، أن ينعم عليه بالشفاء العاجل .. وأن يمتع الجميع بالصحة والسلامة، وأن ينعم على الوطن بالحماية ونعمة الأمن والطمأنينة، إنه سميع مجيب لكل الدعوات.. عسـى أن تلتقط “لجنة التنمية” الإشارات والرسائل والدروس والعبر، لترسم – عبر “نموذج تنموي جديد – ملامـح “مغرب ما بعد كورونا” ..
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *