منتدى العمق

ترسيخ الابعاد الإنسانية في زمن الكورونا

لاشك أن الحديث عن وباء كورونا، الفيروس المستجد شكل منعطفا كبيرا في حياة البشرية دون استثناء في مختلف المجالات سواء اقتصاديا أو بيئيا أو اجتماعيا، الأمر الذي يجعلنا نطرح مجموعة من التساؤلات في غاية الأهمية:

ما هي أهم الإجراءات التي قام بها المغرب لمواجهة هذا الوباء؟

وأين تتجسد روح الأخوة والتضامن بين المواطنين؟

استفاد المغرب من تجارب مجموعة من الدول الموبوءة كالصين وايطاليا وفرنسا، الأمر الذي مكنه من إتخاذ خطوات استباقية لمواجهة فيروس كورونا كوفيد19،من بين أهم هذه الخطوات: نجد فرض الحجر الصحي وحالة الطوارئ في مختلف ربوع المملكة زد عن ذلك توقيف الدراسة بشكل استثنائي لكن الامر لا يتعلق بعطلة وإنما هناك تعليم عن بعد. كما نجد كذلك أغلب القطاعات قد تم توقيفها باستثناء القطاع الصحي وقطاع الانتاج الفلاحي والغذائي قصد تزويد الشعب باحتياجاته اليومية من الغذاء والدواء والتطبيب، لأن هذه الاشياء حاجيات طبيعية وغيابها قد يحول دون استمرار عيش الانسان في فترة يُساهم الجميع للحفاظ على حياته التي تعتبر حق مقدس لا ينبغي المساس به..

فالمغرب قام بإغلاق حدوده الجوية والبحرية للحد من إنتشار فيروس كورونا.

هذا في ما يتعلق بالاجراءات الاستباقية التي تم تنفيذها، لكن هذه الاجراءات لها عدة انعكاسات سلبية على بعض المواطنين ذوي الدخل المحدود الأمر الذي تفطنت له الدولة ككل وقامت بإنشاء صندوق وطني لمواجهة الجائحة الذي اعتمد على تبرع جميع الفئات وأركان الدولة شعبا وحكومة ومختلف عناصر وهيئات الوطن من شركات وجمعيات وأفراد كل حسب استطاعته، من أجل دعم المواطنين الذين توقفوا عن العمل بسبب هذه الجائحة ومساعدتهم على العيش كما كانوا من ذي قبل وفي نفس السياق نجد الشعب المغربي اليوم يبين بالملموس عن مدى وعيه بخطورة الوضع الشيء الذي أدى إلى التزامهم بكل الإجراءات التي أعلنت عنها الدولة مع وجود حالات إستثنائية لا يقاس عليها، من هنا لا يمكن لنا أن ننسى تضافر جهود جميع الأفراد والتضامن والتآزر بين أبناء الوطن الذين لبوا نداء السلطات وتقيدوا بتعليمات وزارة الصحة بالجلوس في منازلهم، وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى المتعلقة بالعمل أو التبضع أو التطبيب، وفي عودة أخرى للدراسة نجد المنظومة التعليمية حاولت بكل ما أوتيت من قوة استكمال الدراسة عن بعد في مختلق التطبيقات المتاحة وهذا طبعا بتعاون مع الأسر المغربية التي لعبت دورا كبيرا في تتبع مسار أبنائها إلى جانب رجال ونساء التعليم الذين يحاولون بكل ما يملكون من وسائل تعليمية ايصال المعلومة رغم أن الأمر يتعذر على بعض الاسر المعوزة لكن دائما هناك حلول سيتم اتخاذها بعد العودة للأقسام كزيادة حصص الدعم، وإتمام الدروس..

في ظل هذه الأزمة نجد حملات تضامنية إنسانية بالأساس قام بها مجموعة من المواطنين المغاربة تجاه إخوانهم الذين لا حول لهم ولا قوة، وذلك بمساعدتهم المادية و المعنوية وكذلك توضيح ما ينبغي القيام به لتفادي الإصابة بالوباء كالحرص على النظافة الشخصية والتباعد الاجتماعي.. الأمر الذي يجعلنا اليوم ننوه ونشجع كل هذه التصرفات الانسانية التي تعكس عن مدى رقي الانسان ووعيه التام بواجبه الإنساني تجاه هذا الوطن ككل، فأصلنا المغربي أصيل لا يتغير إننا إنسانيون بطبعنا وما يحدث اليوم يبين بالملموس معدننا النفيس..

من هنا لا يسعنا سوى القول بأن الدولة المغربية حاولت بكل ما تملك من وسائل وقدرات بشرية التصدي للوباء، وماتزال في بداية هذه الحرب الضروس، لكنها كشفت في عز الازمة عن معدن أبنائها وشعبها بمختلف فئاته أنه لاشيء يهون في سبيل الحفاظ على صحة المواطنين بإعتبار الصحة أغلى ما يملكه الإنسان في الوجود..

ختاما يمكن القول أنه رغم كون فيروس كورونا عابر القارات بدون استئذان، ويفتك بصحة المصابين به، لكنه عادل،إذ لا يفرق: بين الحاكم والمحكوم ،بين السيد والعبد، وبين الغني والكادح. والاجدر بنا أن نتعلم منه هذه العدالة الطبيعية ونطبقها في الواقع بالاحتكام للعقل والمنطق واعادة ترتيب الأولويات كإعطاء الاهمية لقطاع التعليم والصحة…

“الازمة الحالية تعلن في الحقيقة عن إعادة ترتيب الاولويات من جديدة داخل الوطن”.

* تلميذ بالجذع مشترك علمي / خيار فرنسية. ثانوية ابن العربي الحاتمي الإعدادية بالمديرية الإقليمية ورزازات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *