وجهة نظر

مبروكي: الحجر ورمضان .. لنركع للمرأة ونطلب منها المغفرة

لطالما تم معاملة المرأة على أنها أقل شأنا ولا تزال تتعرض للاحتقار والعنف من خلال التبرير بوسائل شرعية مثل اعتبارها معيبة عقليًا وجسديًا ودينيًا “النساء ناقصات عقلا ودينا” حيث تتعرض في الواقع للعنف المعنوي والاقتصادي والجنسي والجسدي.

نعم، يتم انتهاك حقوق جميع النساء في العالم بطريقة أو بأخرى من قبل كل الرجال بدون أي استثناء. ولا أحد يأتي ليقول لي إنني أعمم، بل أتحدى كل الرجال لأن أحلاهم وألطفهم لا يعتبر على الأقل في باطنه وفي فكره العميق أن المرأة متساوية معه في جميع الأبعاد الفكرية والفلسفية والدينية؟ هل لا نُكرر نحن أيها الرجال هذه العبارة الشهيرة “وَ راكْ عارْفْ كِفاشْ دايْرينْ العْيالات”؟.

أشتغل يوما في مجال الواقع ومهنتي تسمح لي بالحصول على عينٍ تتطلع على ما تعيش المرأة في بيتها ومعرفة كل ما يحدث في مئات الآلاف من البيوت من جميع الطبقات الاجتماعية وحتى ما يقع على سرير النوم.

للأسف تبقى المرأة “الأفعى والشيطان” في اللاوعي لدى الرجل سواء أحببنا ذلك أم لا، وإذا استمرينا نحن الرجال في الاستخفاف بالواقع ونقول عكس ذلك فلن نتمكن أبدًا من تحقيق العدالة الاجتماعية أو السلام العالمي والتقدم الاقتصادي.

بالتأكيد بعض المتدينين من أي دين دون استثناء سوف يقولون لي “المرأة محترمة في ديننا” و”المرأة مُعززة مُكرمة في المجتمعات العربية” وآخرون سيقولون “المرأة متساوية مع الرجل في عقيدتنا”.

ولكن في الواقع وفي الميدان هذا غير صحيح تمامًا بل كل حقوقها غائبة وتتعرض كل دقيقة للعنف المعنوي ولقد صرح مكتب الأمم المتحدة في 2017 أن “6 نساء يُقتلن كل ساعة على يد شخص يعرفهن”.

لنكن، نحن الرجال، منصفون ونعترف بكل أنواع عنفنا الوحشي الذي نبرره بطبيعتنا ومعتقداتنا الثقافية والدينية.

المرأة هي العمود الفقري للأسرة وبدونها سوف تتمزق البشرية وتتفكك وتتشرد. دعونا نعترف، نحن الرجال، بأننا مجرد إكسسوارات في المنازل وخاصة في تعليم الأجيال القادمة. دعونا نعترف بأننا غير قادرين على إدارة المنازل وتربية الأطفال ومتابعة شؤونهم المدرسية.

في هذه الفترة من الحجر الصحي وبمناسبة رمضان، تدير المرأة الأسرة مثل الجنرال البطل للقوات العسكرية وتعتبر جميع أفراد الأسرة رعاياها بما في ذلك الرجال الذين يختلفون عن الأطفال فقط في حجم الجسم.

فهي تُدير وزارة الصحة ضد كوفيد-19، وتدير وزارة المالية من خلال استراتيجيَّتها الاقتصادية الحكيمة، وتدير وزارة الأمن لحماية منزلها وسكان بيتها، وتدير وزارة الدفاع من أجل كل فرد يقطن تحت سقفها، وتدير وزارة المدينة لضمان نظافة المنزل.

كما تدير وزارة التموين من خلال ضمان وجبة غذائية 4 أو 5 مرات في اليوم لجميع أفراد الأسرة وتكافح المجاعة وتحرص على النظام الغذائي لرعاياها حسب الوضعية الخاصة لكل فرد (الرضيع والطفل والمراهق والعجوز والمريض) ومن الواضح أنها تدير وزارة التربية والتعليم من خلال الإشراف على الدروس عن بعد والفروض المنزلية.

نحن الرجال أرباب أشباح للعائلة والرئيس الحقيقي ورئيس الوزراء هو المرأة! هذه هي الحقيقة الحقيقية على أرض الواقع اليومي وهذا ما يحدث كل دقيقة في منازلنا! لنفتح، نحن الرجال، أعيننا ونعترف بالحقيقة ونتخلى عن أنانيتنا الذكورية الوهمية ونركع بتواضع ونطلب الغفران من المرأة!

* الدكتور جواد مبروكي، طبيب نفساني، باحث وخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *