رمضانيات، لنا ذاكرة

يوم منعت نساء المغرب من لبس الجلباب

إذا كان الجلباب المغربي قد احتاج إلى سنوات طويلة، منذ أن تحول من لباس خاص بالدوائر المخزنية؛ ثم الى لباس عموم المغاربة من الرجال أواخر القرن 19 ثم لباسا مشتركا بين الرجال والنساء بعد ذلك أواسط القرن العشرين؛ فإن نساء فاس حاولن بداية القرن العشرين ان يستبقن عجلة الزمان فحاولن ان يتخذنه لباسا لهن؛ مما سيدفع نخب مدينة فاس مواجهة الأمر بكل قسوة وشدة.

وللتدليل على هذه الواقعة ؛ فقد تطلب الامر الرجوع الى الحوالات كمصدر تاريخ هام ؛ خصوصا وأن كتب التاريخ لا تسعفنا على ذلك ؛ وهي الحوالات التي عنت بتوثيق أوقاف المدن وما يحبس على المساجد والمدارس والفقراء .

فقد ورد في حوالة القرويين توثيق يرجع تاريخه إلى 10 صفر 1323 وهو ما يوافق 15 أبريل 1905 ؛ إشهاد على 12 نسوة بعدم الركوب على الدابة وعدم لباسهم السلهام او الجلابة.

و قد كان هذا الإشهاد الموثق والذي يخضع لكافة شروط التوثيق ؛ دليل على المقاومة الكبيرة والشرسة التي واجه بها المجتمع الفاسي الذكوري نساءه اللواتي حاولن التزيي بلباس كان الى عهد قريب لباسا سلطانيا خالصا.

ويصف مؤرخ الدولة العلوية عبد الرحمان بن زيدان في كتابه العز والصولة ( ألف صاحبه سنة 1935 وطبع سنة 1961 ) لباس السلطان : “واذا دخل القصر لبس طبق ما قدمنا قلنسوة بدون عمامة ولباسه المعتاد سروال وقميص قفطان من الملف ، او ما يشاكله بحسب طقس الزمان وفرجية وجلابة من النسيج الوطني ؛ واما السلطانين المولى الرشيد والدولة اسماعيل فإنهما كانا يقلدون ملوك الدولة السعدية ( اللباس التركي ) ” .

اللباس الذي حاولت نخب المجتمع المغربي نهاية القرن 19 كما أورد وستر مارك في كتابه مراسيم الزواج في المغرب ( المنشور بداية القرن 20 ) ان تتخده لباسا لها ؛ ووتتخلى عن المحيط( توب يلف فوق اللباس ) بالمحيط؛ ويؤكد في نفس الكتاب ؛ إنه في تلك المرحلة ظهر الجلباب كلباس خاص بداخل القصور المخزنية لكنه بالتدرج تجاوز أسوارها وانتشر لدى الفئات الوسطى والسواد الأعظم من السكان.

وقد كان في بداية أمره واسعا فضفاضة؛ ( ويمكن ملاحظة ذاك في صور سلاطين المغرب والأشرطة الوثائقية التي أرخت لتلك المرحلة) ثم تطور الى ما نعرف اليوم منا هو عليه.

لكن متى اصبح الجلباب لباسا نسائيا ؛ فالراجح انه ارتبط ببداية ظهور الحركة الوطنية بداية الاربعينات ؛ التي أصبحت المراة جزء فاعلا منها ،؛ مما سيجعل جزء كبيرا من النساء الحضريات يتخلين عن الملحف؛ لكي يلبسن الجلباب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • الكاعي دوما
    منذ 4 سنوات

    المرأة دائما مولعة بتقليد الرجل