مجتمع

أزمة كورونا تجثم على مئات آلاف الطلاب العالقين بعيدا عن أسرهم

من تخوم “عروق شگاگا” بمحاميد الغزلان حتى منعرجات “حجيرت”، ناشد طلبة جهة درعة تافيلالت، وهم أزيد من 170  طالب عالق بين مراكش وأكادير ووجدة وقنيطرة ووارزازات، وغيرها من المدن، البعيدة عن أهاليهم، كل الفاعلين من الجهات المسؤولة، بمدهم يد العون والتضامن معهم لتجاوز هذه الأزمة، جراء الضرر المادي والنفسي الذي لحقهم، بعد قرارهم الالتزام بالحجر الصحي، وعدم الذهاب لأهاليهم، منذ تاريخ الإعلان الرسمي عن بداية حالة الطوارئ الصحية.

ودعا طلبة الجنوب الشرقي، من خلال عدد من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤسسة درعة تافيلالت للخبراء والباحثين، للتكفل بهم، عبر دعم مباشر لمسايرة الحياة اليومية، لاقتناء حاجياتهم الغذائية وتأدية واجب الكراء، في انتظار أن تزول هذه الجائحة الوبائية، واستئنافهم للدراسة.

واشتكى طلبة الجنوب الشرقي، العالقين في مدن بعيدة عن أهاليهم، في عدد من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، بالقول إنهم “يعيشون الآن بين مطرقة الغربة مدن كبرى لا تعترف بطالب علم مغلوب على أمره، تقاذفه سياسة التهميش للبحث عن المعرفة ولو وراء “تيزي ن تيشكا” أو “غار زعبل ” أو “تيزي ن باشكو”، الالتزام بحالة الطوارئ الصحية”.

غربة في الوطن

محمد الحرشاوي طالب سنة ثالثة بكلية العلوم القانونية والاجتماعية بمراكش، وأحد العالقين بعيدا عن الأهلّ، قال في تصريح لجريدة “العمق”، “أنا من مدينة تنغير، أدرس هنا في مراكش، وبعد قرار إعلان حالة الطوارئ الصحية، وجدت نفسي غير قادر على السفر للأهل، من الناحية المادية أولا، ومن ناحية عدم التوفر على ورقة التنقل”.

وزاد الحرشاوي، “أعيش أنا وطالبين آخرين، تحت سقف منزل واحد، لا نتوفر على المنحة، وأسرنا لا تستطيع تحمل تكاليف الكراء، ولا نستطيع التنقل إليهم، كل هذا ساهم في تأزيم نفسياتنا، وفي زيادة نسبة الضغط، كل ما نتمناه حاليا هو ملاقاة أهالينا في أقرب وقت”.

وكان قد قرر عدد من طلبة الجنوب الشرقي، عدم التنقل إلى أهاليهم، بعد قرار تعطيل الدراسة بالجامعات المغربية، في السادس عشر من شهر مارس المنصرم، التزاما بالحجر الصحي وخوفا من تفشي فيروس كرونا، عبْر نقله لأهلهم وذويهم، إلا أن الأمر أصبح لا يطاق بالنسبة لهم بسبب طول مدة الحجر، ومنهم من حاول قطع مسافات طِوال بين الجبال والحقول والفيافي للوصول للأهل، بسبب “الجوع” الذي لاحقهم، لفقدانهم ثمن القوت اليومي.

طلبة المداشر بالمدن.. معاناة في رمضان عمّقتها كورونا بعيدا عن عائلاتهم

وعن القرار الذي التزم به العديد من طلبة جهة درعة تافيلالت المتواجدين بالمدن الجامعية للدراسة، قالوا في منشور لهم على “الفيسبوك” إنه أتى “تلبية لنداء المواطنة الرامي لالتزام كل المغاربة بتعليمات الحجر الصحي وعدم مغادرة بيوتهم إلا للضرورة، وإن تنقلهم من مراكش وأكادير ومكناس وفاس والدار البيضاء، سلوكا كان سيكون له عواقب وخيمة على الأهل والعشيرة”.

مبادرات للمساندة

وفي السياق ذاته، شكل شباب المنطقة لجنة لتنظيم مبادرة، لمساعدة طلبة الجنوب الشرقي العالقين بالمدن البعيدين عن أسرهم، بالقول “إنهم هم في أمس الحاجة للمساعدة المادية لما يعانونه من ويلات الحجر الصحي، وفرض حالة الطوارئ بسبب تفشي فيروس كورونا، وبعدما تعذر عليهم الالتحاق بذويهم، فإنهم يعانون في صمت ويحتاجون لمد يد المساعدة من أجل تخطي هذه المحنة”، مؤكدين على أنهم “سيقومون بنشر تقرير مفصل بعد نهاية عملية توزيع المساعدات وأنهم لا يتحملون مسؤولية من سيستغل هذا العمل التطوعي، ولذلك نؤكد ضرورة التواصل مع أعضاء اللجنة فقط”.

وقال سعيد، طالب عضو في لجنة لتنظيم مبادرة، في حديث مع جريدة “العمق”، إن المبادرة “أتت بشكل تطوعي وتضامني إنساني، لمحاولة مساعدة إخوان لنا، عالقين بـ”الجوع” وشدة الحاجة، في ظروف نفسية مزرية، بعيدا عن أهاليهم، وأغلبهم غير متوفر على المنحة، ومن يتوفر منهم على المنحة، فإن الشطر الثالث منها لم يُصرف بعد، كل هذه الأسباب أدت إلى تأزيم الوضع بالنسبة لهم، وكان لا بد من التحرك إلى مساعدتهم، وعدم الجلوس مكتوفي الأيدي في انتظار مساعدة الدولة التي قد تأتي وقد لا تأتي”.

وزاد سعيد “فعلا توصلنا بعدد لا بأس به من المساعدات، من مواطنين مغاربة، ومن طلبة، ومن الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وبالموازاة مع ذلك لازلنا نتوصل بطلبات الطلبة العالقين بعيدا عن أهاليهم، وفق شروط دقيقة منها أن لا يكونوا حاصلين على المنحة، ونسعى لتوزيع الدعم عليهم في القريب العاجل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *