أدب وفنون

لحسن حداد يرثي اليوسفي: رجل بقامة الدهر .. وداعا سي عبد الرحمان

اخْتَلْت بك المنية في غفلة من أمرنا

ذات صباح، هذا الصباح

ونحن نئن تحت وطأة الجائحة

قابعين ننظر من الزجاج

كيف يبطش القدر بالبشر

كالذباب يعذبه الأطفال مرحًا وفرحا…

غادَرْتَنا في عِزِّ زمنٍ رخوٍ، ثقيل الخطى

زمنٌ صار الوباء صديقًا للقهر

وأنت عريف بثقل سوط الغدر

في بحر حُلمٍ أضحى سرابًا

في أرض جرداء تنتفض ضد الأمل

حين أصبح الذُلُّ وصيةَ ذوي القربي،

وبقيتَ شمعةَ الأمل ثمانين حولاً لا إِنساً لك يسأمِ…

كيف تغيب اليوم وقد أحرق أناملَنا ضوء الأمل،

كيف تتوارى عن الوجود وسمو النبلاء خلود،

كيف نبكيك ودرسك على الدوام بسمات وورود،

كيف نرثيك وأنت شامخ، عصامي وودود،

كيف نذكرك وأنت أكبر من الزمن الممدود،

كيف نُنْعيك وأنت حاضر وعلى الأمد موجود،

كيف نتقن فن تواضعك وأفقنا بالعجرفة مسدود…

سنُدَوِّن بالدموع والمداد مرورَك من هنا

ذات زمن، ذات قرن، ذات حياة،

هل ستسعفنا الذاكرة والتاريخ،

للسفر في بحر مجدك العباب،

هل سنستكشف أسرار أمَلِك الذي لا يفنى،

هل سنفهم كُنْهَ عِبرتك للأجيال،

كيف نكتب سيرتك وأنت مخضرم عابر

للأزمنة لا تقهرك السِّنون والشجون…

نستودعك لسر الخلود،

ونسأل لك الرحمة ولنا الصبر،

والصبر في هذا الزمن المتثاقل مفقود،

والقول والفعل عقوق وجحود،

ويبقى الأمل ضوءاً لا ينضب،

مهما قَضَّ أنينُ المستضعفين مضجعَنا،

مهما غاب عنا الأشاوسُ مثلك وهم حاضرون،

حاضر ٌ في غيابك، حيٌّ في مماتك،

شهمٌ، مقدامٌ، عنيدُ الابتسامة، فريدٌ

لم تنل منك المنية

لأنك في حب الأوطان قدوة وجُلمود.

الهرهورة، 29 ماي، 2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *