المغرب العميق، مجتمع

في زمن كورونا.. رحلة البحث عن “الريزو” بين جبال الأطلس ترقبا لـSMS الدعم (فيديو)

رحلة البحث عن الريزو

في يوم ربيعي مشمس من أيام مايو بدوار تغزيرت المعلق بجبال الأطلس، يَعُدّ الشاب المغربي حميد أغبالو هواتف الجيران واحدا واحدا، وهو يرتبها بعناية في كيس صوفي، ويطمئن على حالة “الشارج/ الشحن” بها.

تقترب الشمس من كبد السماء، حين ينطلق هذا القروي وحيدا في رحلة بين الممرات الصعبة بحثا عن إشارة هاتف، زادُه الماء وبضع من فواكه جافة وعزيمة لإتمام مهمته على أكمل وجه.

يشرح حميد أغبالو ما يقوم به ذلك اليوم، بكثير من الحسرة، ويقول في اتصال هاتفي مع جريدة “العمق” من أعلى الجبل، “لا تغطي الشبكة دواويرنا الصغيرة المتوارية وراء الجبال، لذا فهذه الرحلة أصبحت ضرورية يومية في زمن كورونا في انتظار رسالة SMS تؤكد الاستفادة من دعم صندوق كورونا.


مبادرة

أطلقت الحكومة المغربية مبادرة، عبر تنقية الرسائل القصيرة، لدعم الأسر الفقيرة في ظل حالة الطوارئ والحجر المنزلي، لكن ذلك لم يعمل كما يجب عند البعض.

يتفاقم الأمر في المناطق غير المغطاة بشبكة الهاتف، كما هو الحال بدوار تغزيرت ودواوير مجاورة بجماعة تغدوين ضواحي مدينة مراكش.

يشرح حميد أغبالو (36 سنة)، أب لطفلين، “في هذه الظرفية الاستثنائية، نقوم برحلة إلى أعلى الجبل يوميا، طمعا في أن تتلقى الهواتف رسالة من السلطات المغربية تخبر بموعد ومكان دعم صندوق كورونا”، ولأن الأمر شاق على الجميع، فقد لجأنا إلى “التناوب” محاكاة لعملية “التويزة”.

مشاكل

واجهت عملية الدعم عبر هذه التقنية مشاكل متعددة، دفعت الحكومة إلى استدراك الأمر عبر تقديم شكاية من خلال موقع إلكتروني خاص.

ويقول الحقوقي عمر أربيب للعمق ” في هذه الظرفية، لا تجدي تقنية الرسائل في إيصال المساعدات إلى بعض مستحقيها خاصة في العالم القروي الذي لا تغطيه الشبكة، لذا وجب إيجاد طرق بديلة لتقديم الدعم مباشرة”.

ويضيف ومع ذلك “لا يجب أن نغفل عن حق كل مواطن في الولوج إلى شبكة الهاتف من أجل تسهيل تواصله اليومي، لأن الأمر أصبح من الضروريات في عالم رقمي متسارع.

تضامن

يتكون الدوار من بضع عشرات من الأسر الفقيرة، تقتات على ما تزرع بيديها وما تربي من مواشٍ، وتساعد بما يأتي من أفرادها العاملين خارج المنطقة. لكن في ظل الجائحة، تعول هذه الأسر على الدعم الحكومي.

لا ينكر حميد أغبالو ما تقومه السلطات المحلية، من جهود من أجل مواكبة تقديم الدعم والحرص على سلامة المواطنين.

يتابع الحديث الهاتفي للجريدة قائلا إن الساكنة في حاجة ماسة وعاجلة لهذا الدعم، والتضامن فيما بينها يكون في حدود المستطاع لشح الموارد والتوقف عن العمل بسبب الجائحة.

فيما يبرز الحقوقي أربيب أن التضامن بين الأسر يخفف قليلا من معاناتها، لكن ذلك لا يمنع من زيادة جهود الدولة لإحداث التوازن بين استفادة المقاولات وعموم الساكنة من صندوق كورونا، وأيضا  تحريك موارد صناديق أخرى مثل صندوق دعم تنمية العالم القروي.

معاناة قديمة

يبحث حميد أغبالو في أعلى الجبل عن مكان تكون فيه الشبكة قوية، لكن مع ذلك فالخط يقطع كل مرة خلال في حديثه القصير مع العمق.

ويحكي حسن أن معاناة الساكنة مع تغطية الشبكة قديمة، فمنذ أكثر من ثمان سنوات وجمعية محلية تراسل المسؤولين في الموضوع ذاته، بل إن الأمر تطلب البحث عن الحل في رحلات متكررة إلى مقر شركة الاتصالات بقلعة السراغنة أو بالعاصمة دون جدوى .

وتشدد إحدى شكايات الساكنة الموقعة بوساطة جمعية أزاكوي للتنمية والمحافظة على البيئة كما اطلعت عليها العمق، على حق الأولوية للولوج إلى خدمات شبكة الاتصالات السمعية البصرية لما لها من دور أساس في فك العزلة وتسهيل التواصل  بين الساكنة وذويهم المتواجدين خارج المنطقة.

مشاكل أخرى

ليست الشبكة وحدها مايرهق الساكنة ويعزلها عن العالم، فهي تطالب، حسب الشكايات، أيضا بفك العزلة وإتمام الطريق التي بدأ العمل بها وتوقفت لأسباب تقنية وإدارية، وأيضا بمستوصف صحي وسيارة إسعاف وروضة أطفال ومراكز  لمحو الأمية.

ويحكي حميد أغبالو وهو يسترجع أحداثا ماضية “عادة لا نقوم بهذه الرحلة يوميا، فقط عندما نريد أن نحدث قريبا في المدينة أو نخبر مقدم المنطقة بوجود حالة مرضية أو حامل يستدعي نقلهما إلى المستشفى.

تميل الشمس قليلا إلى الغروب، يحصي حميد أغبالو  هواتفه، ويصنفها ما بين تلقت رسالة وأخرى لا ، نصيبه اليوم كان ضعيفا، لذا سيكون على أحد أفراد الدوار معاودة الكرة في اليوم الموالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *