مجتمع

شيخي: أطلقنا نداء حول تداعيات “كورونا” لأن الجائحة تشكل فرصة إصلاحية

اعتبر عبد الرحيم شيخي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، أن النداء الذي أطلقته حركته حول تداعيات جائحة “كورونا”، جاء في ظل ظرفية تشكل “فرصة إصلاحية واعدة لتجديد الثقة والتعبئة الوطنية الشاملة والتفكير الجماعي في مستقبل أفضل”، مشددا على أن هناك لحظات تأتي في تاريخ المجتمعات والشعوب تكون مناسبة لإجراء إصلاحات، لكنها تحتاج لنفس متجدد.

وقال شيخي في ندوة صحفية عبر تطبيق “زوم”، إن الظرفية الحرجة والاستثنائية التي يمر منها المغرب والعالم، كفيلة بإجراء حوار جماعي عمومي يحتاج بيئة مناسبة، مشيرا إلى أن “هناك عددا من الدروس والعبر التي استخلصناها، وهي كفيلة بتوفير أرضية متينة للتفكير في المستقبل”، معتبرا أن دور الحركة من خلال هذا النداء هو الإسهام في المجهود الجماعي.

وأضاف المتحدث، مساء اليوم السبت، أنه “بعد الإصلاحات التي تمت إبان الحراك الديمقراطي، بدأنا نشاهد نوعا من التراجع، لكن اليوم نقدر أننا أمام فرصة إصلاحية جديدة إذا أُحسن استثمارها والتعاطي المسؤول معها”، مشددا على أن هناك تنويها بحصيلة الجهود الجماعية للمغاربة خلال الظرفية الراهنة، وهو ما عبرت عنه معظم الهيئات الفاعلة في المجتمع، حسب قوله.

وسجل شيخي خلال “أزمة كورونا”، بروز تلاحم جهود المغاربة والاستقرار المؤسساتي والثوابت الوطنية والقيم الجامعة، والالتزام الجماعي بالإجراءات المطلوبة، مما يكرس الثقة المتبادلة بين غالبية المجتمع والهيئات المختصة، مع تأكيد أهيمة منظومة القيم المؤطرة للمغاربة والمستلهمة من المرجعية الإسلامية، لافتا إلى أن الحركة توجهت بهذا النداء لكافلة الفاعلين الوطنيين.

يأتي ذلك بعدما أطلقت حركة التوحيد والإصلاح، نداءً، توصلت جريدة “العمق” بنصه، وذلك من أجل تجاوز الآثار السلبية الحالية والمستقبلية لجائحة “كورونا”، وتقديمِ المقترحات الكفيلة بمعالجتها، واستئنافِ المسيرة التنموية والديمقراطية بالمغرب، مشيرة إلى أن هدفها هو الإسهام في النقاشات العمومية الجارية حول مستقبل بلادنا إثر هذه الجائحة.

وأكدت الحركة في هذا النداء، على ضرورة الانخراط في ورشِ تفكيرٍ جماعي، مشددة على أن استخلاص الدروس والعبر من هذه الظرفية الحرجة، كفيلٌ بتوفير أرضيةٍ متينةٍ للتفكير في المستقبل، وفي مقدمة هذه الدروس تلاحُمُ جهودِ المغاربة ملكا، وحكومة وشعبا، ومختلف المؤسسات الرسمية والمدنية، في مكافحة تداعيات هذا الوباء.

ووجهت الحركة ندائها إلى السلطات العمومية والمؤسسات الدستورية ومختلف الهيآت الرسمية، وإلى الهيئات السياسية والنقابية والمدنية وكافة الفعاليات الوطنية، وإلى العلماء والدعاة ورموز الفكر والثقافة والإعلام، وإلى عموم الرأي العام الوطني، وذلك من أجل الإسهام الفعَّال والانخراط الإيجابي ضمن 6 نقاط أساسية.

وبخصوص تصور الحركة حول الحوار العمومي الذي جاء في النداء، أوضح شيخي أن نجاح أي حوار عمومي رهين بمشاركة الجميع، خاصة الفاعلين الأساسيين وعلى رأسهم الدولة بمؤسساتها الدستورية والحكومية، مشيرا إلى أنه يمكن إحداث آليات خاصة بتدبير الحوار من طرف الجهات والهيئات التي لديها إمكانيات لذلك، ووضع أهداف له.

وأفاد المتحدث أن القراءة السليمة للظرفية تجعلنا نعيد الاعتبار لعدد من الأمور، معتبرا أن المرحلة المقبلة يجب أن تشكل قطيعة مع ما قبلها فيما يخص طريقة التدبير والأوليات والأمور الأساسية والثانوية، على اعتبار أن المواطن أصبح يعرف أن الأولية اليوم للصحة والتعليم والبحث العلمي الأمن الغذائي.

واسترسل قائلا: “نحن أمام مرحلة قد تطول، وبالتالي يجب أن نعتمد على قدراتنا الذاتية، ولكننا ملزمون بالتعاون مع الخارج حيث لا يمكن لأي بلد أن يستقل بذاته، علما أن اللقاح لم يتم إنتاجه بعد، وبالتالي نحتاج إلى تعاون وتلاحم بين مختلف مكونات المجتمع، ويجب أن نتحمل جميعا مسؤولية المرحلة”.

نداء الحركة

الحركة أشارت في ندائها إلى ما ينْعمُ به المغاربة من استقرار مؤسساتي، وثوابت وطنية، وقيم جامعة، والتزام جماعي بالإجراءات الوقائية، والاحترازية التي دعت إليها الجهات المختصة، رغم بعض التجاوزات المرفوضة في سلوك بعض المواطنين، أو بعض المكلفين بإنفاذ القانون.

وشددت في النداء على ضرورة بلورة إجابة وطنية جماعية، تشاركية، وتشاورية بين مختلف القوى الحية بالمغرب، وعبر حوار عمومي واضح ومسؤول، وذي مصداقية، مستند على الثوابت الجامعة، ولا حدود له غير المصلحة الوطنية العليا.

وأكدت على ضرورة ترسيخ الاستقرار المؤسساتي ببلادنا واحترام الثوابت الدستورية الجامعة للمغاربة، والتي تتميز بتبوإ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، باعتبار دورها في دعم استقرار الدولة والمجتمع، وفاعليتها في التنمية والإصلاح والنهوض.

ودعت إلى إعطاء الأولوية للإنسان المغربي، من خلال النهوض بمنظومة التربية والتعليم، ودعم مؤسسات التنشئة على القيم الدينية والوطنية، والإنسانية المشتركة، وتعزيز التضامن والتطوع، وضمان الأمن الصحي والروحي والاقتصادي والبيئي، وتطوير برامج الحماية الاجتماعية له.

وطالبت من خلال النداء إلى إيلاء عناية خاصة للشباب باتخاذ كافة التدابير لحسن تأهيلهم وتوسيع مشاركتهم في مختلف المجالات ومساعدتهم على الاندماج في الحياة الاجتماعية والمهنية.

وحسب المصدر ذاته، شهدت هذه المرحلة الاستثنائية بروزَ قيمة مؤسسة الأسرة وأهميتها الكبرى، حيث تحملت أعباء إضافية نتيجة لهذه الجائحة، سواء على مستوى الالتزام الطوعي بإجراءات الحجر الصحي، أو تدبير عملية التعليم عن بُعْد، وتوفير البيئة المناسبة للأبناء، أو في تحمُّل الكلفة الاجتماعية والنفسية خاصة بالنسبة للأسر في وضعية هشاشة.

وأشارت الحركة إلى ضرورة بذل مزيد من الاهتمام بمؤسسة الأسرة وحمايتها، وتعزيز أدوارها التربوية والاجتماعية والتنموية، وجعلها في صلب السياسات العمومية والنماذج التنموية، باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع وفقا لنص الدستور.

كما دعت إلى ضرورة تعزيز الاختيار الديمقراطي، وتحسين المناخ الحقوقي وتعزيز الحريات، وتفعيل هيئات الديمقراطية التشاركية، واحترام المؤسسات المنتخبة وأداورها السياسية والتنموية، والنهوض بمؤسسات التنشئة السياسية والتأطير المدني من أحزاب سياسية وهيئات مدنية وفعاليات حقوقية، وتعزيز جهود هيئات المجتمع المدني خاصة في الشق الاجتماعي والتضامني.

وترى الحركة أنه يجب وضع استراتيجية وطنية واضحة المعالم تعطي الأولوية للمجالات الحيوية لبلادنا، انطلاقا من النهوض بالبحث العلمي، وتطوير قطاع الصحة، والسعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في المواد الأساسية، ودعم المنتوجات الوطنية تشجيعا للمقاولة المغربية ودعما للاقتصاد الوطني، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتفعيل الوظائف الاجتماعية والتنموية لشعيرة الزكاة.

وثمنت الهيئة الإسلامية مختلف الجهود الرسمية والشعبية والمدنية، معبرة عن اعتزازها بتلاحم المغاربة في فترات الشدائد والمحن، معتبرة ذلك ثروة رمزية هائلة للمغاربة، بإمكانها أن تُسعف في بناء مغرب أفضل يتسع لكل أبنائه، وتتعاون فيه مختلف هيئاته، مصداقا لقوله عز وجل “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ، وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ”.

وتابعت: “شريطة القراءة السليمة لشروط اللحظة التاريخية واستحقاقاتها وتحدياتها، متوكلين على الله عز وجل، ومسترشدين بقيم الإسلام وهديه، ومستفيدين مما حققته البشرية من مكاسب وخبرات عظيمة وممارسات فُضْلى، ومتطلعين إلى مستقبل تُحْفظ فيه كرامة الإنسان وتُصان حريتُه وحقوقُه، وتُكرَّسُ فيه العدالة الاجتماعية والمجالية بين مختلف الفئات والجهات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *