منتدى العمق

أزمة كوفيد 19 على واقع الأحزاب المغربية وأثرها على المشاركة السياسة “2021”

مقدمة:

بعد أن حل فيروس كوفيد 19، ضيفا داخل المغرب خلط جميع الأوراق وأعاد النظر في كثير من الحسابات داخل مخططات الأحزاب السياسية المغربية، حيث بعد ما كانت طبول التطبيل واستعداد الأحزاب المغربية للانتخابات المقبلة المزمع إجراءها في سنة 2021، وذلك من أجل إعادة ترتيب الخريطة السياسية للبلاد الذي ترتب عنها دستور سنة 2011، ثم بداية التفكير وإعادة النظر في منظومة نمط الاقتراع باللائحة المعمول بها حاليا.

لينتقل بذلك الى واقع مغاير ألا وهو مواجهة أزمة صحية ضربت البلاد والمتمثلة في فيروس كوفيد 19، وتنطفأ بذلك شموع التفكير المستقبلي لانتخابات 2021 إلى واقع مرحلي يتمثل في مواجهة تداعيات هذا البعبع المخيف، ليخلق معه رغم تداعياته الاقتصادية والاجتماعية تعرية نجاعة الأحزاب السياسية ومعرفة مكانتها على المستوى الوطني، ويوضح مدى ضفف كوادرها الحزبية في مواجهة مثل هذه الظروف الاستثنائية، لتجدد بذلك مقولة ” تواجد الشخص غير المناسب في المكان المناسب”، لتجعل بذلك الحكومة لوحدها تستفرد بالمشهد السياسي المغربي، وأصبحت بذلك محل إجماع وطني وسببا في الإشادة بعملها من طرف جميع مكونات الشعب المغربي، بل وكانت دافعا في ظهور مبادرات مجتمعية مساندة للحكومة فيما تتخذه لمواجهة هذه الجائحة، بل أكثر من ذلك أصبحت دعوات الموانين والفاعلين المجتمعيين ترتفع من أجل تقاسم المسؤولية بين الشعب والسلطة من أجل تدبير الجائحة وعدم إلقاء ثقل مواجهتها على الحكومة وحدها في مواجهة هذا الوباء، وذلك بانطلاق لبعض البرامج التحسيسية والحملات من طرف بعض المنظمات المجتمع المدني ومختلف الفاعلين من المواطنين أصحاب المسؤولية وروح المواطنة النبيلة داخل منصات الكترونية ” الفيسبوك،انستغرام،تويتر”، لمواجهة كوفيد19 عبر الامتثال لقواعد السلامة الصحية وعدم خرق حالة الطوارئ الصحية التي فرضتها الحكومة على جل ربوع المملكة في غياب ثام للوسيط السياسي المتمثل في الأحزاب السياسية التي خول لها دستور 2011 مكانة مهملة لعملها السياسي.
لذلك فما هي أسباب ومسببات ضعف الأحزاب السياسية؟ وماهي آثارها ومخلفاتها على على انتخابات 2021؟ والحلول البديلة؟

للإجابة عن هذه التساؤلات الضخمة أوجب تقسيم هذا الموضوع إلى مطلبين رئيسيين وهما:

المطلب الأول: أزمة كوفيد 19 وأثرها على الأحزاب السياسية المغربية.
المطلب الثاني: انعكاسات كوفيد 19 على المشاركة السياسية”2021″ والحلول البديلة لها.

المطلب الأول: أزمة كوفيد 19 وأثرها على الأحزاب

السياسية المغربية.

لقد أثرت كورونا على دور ومكانة الأحزاب السياسية التي تتواجد في بيئة الانقسامات الطبيعية أو الثقافية للمجتمع، وأن التعددية تحولت إلى انقسامات منظمة ومتنافسة ترتكز على الاهتمام بالمواقف السياسية وبرامج انتخابية تقليدية، الهدف منها الحفاظ على الاستقرار وقيادة الرأي العام ومحاولة الاتصال بالمواطنين وتقديم الوعود الكاذبة بإيجاد حلول لها، وذلك من أجل فقط الفوز ببعض المقاعد لا غير دون الاكتراث لمن لهم الفضل في الوصول إليها، وقد زاد الطين بلة بعد مستجد كوفيد 19 قاطعا بذلك وحدة ومسؤولية الأحزاب السياسية المغربية في مواجهة هذه الأزمة أو اتخاذها لبعض الحلول التي ترجع الثقة المفقودة فيها.

كما أن فيروس كرونا خيب بذلك الآمال لمجموعة من الأحزاب السياسية من خلال تدبيرها للجائحة من خلال انعدام ظهور لكوادرها بخرجات اعلامية وإعطاء بعض الحلول لمواجهتها، وهو ما يوضح ضعف وكفاءة وفطنة مدبريها لمثل هذه الكوارث، والجلوس فقط فوق الكراسي والتباهي لا غير في الأيام العادية، وهو ما يزكي القول للنقاش السياسي خلال السنوات الفارطة بضرورة تغيير ملامح عمل الأحزاب المغربية وتجديد نفس ثقتها بشباب مغربي واعي ومثقف يرجع مكانة الحزب ويجدد البيعة المفقودة بينه وبين مختلف مكونات الشعب المغربي.

وتأكيدا لكلامي هذا أفرزت بعض الدراسات التي أنجزتها مؤسسة ” البارومتر العربي” مدى التراجع اللافت وذلك من خلال ضعف وتراجع ثقة الشارع المغربي في الأحزاب السياسية المغربية بشكل لافت، في الوقت الذي تواجه فيه الأحزاب المكونة للإتلاف الحكومي في المغرب موجة من الانتقادات بسبب ضعف أدائها في مواجهة تداعيات جائحة كورونا.

وأرجعت الدراسة ضعف الثقة في الأحزاب المغربية إلى فقدان النزاهة والانضباط لدى هاته الأحزاب لا سيما الحكامة منها. إلى جانب ضعف وثقة الشارع بالأحزاب السياسية المغربية، فإن لأزمة كوفيد 19 مجموعة من الارهاصات التي زادت من الطين بلة ووسعة الهوة وفقدان الثقة والمتمثلة في غيابها المباشر مساهمتا في الصندوق الذي أحدثه جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، حيث بخلاف ذلك نجد أنه لولا بعض المساهمات من ذوي أرباب بعض الشركات الكبرى أو رجال الأعمال والمال في الوسط الفني وخروجهم علنية وبوجه مكشوف الهدف منه ليس التباهي، بل إشعار من له غيرة وطنية للمساهمة، ارتأت بعض الأحزاب المغربية الأخرى لعب لغة الصمت وانتظار ما ستؤول إليه الأحداث في الأيام المقبلة.

ليصبح بذلك اعتبار أن التعددية الحزبية التي كانت إلى وقت قريب تشكل مبنى راسخ لقواعد الديمقراطية، اعتبارها حاليا سوى ثقلا على كاهل المغاربة. فالمغاربة يبحثون عن وطن قوي، بجسم سليم غير مشوه قادر على مواجهة التحديات الآنية والمستقبلية. أما الهوان الذي أصبحت عليه أحزابنا اليوم، فلا يمكن السكوت عليه أيا كان دورها في ترسيخ العمل الديمقراطي.

لكل هذه التداعيات والزلات انعكاسات آنية ومستقبلية منها، قد تجعل من العزوف السياسي والمشاركة السياسية لانتخابات 2021 مآل آخر.

المطلب الثاني: انعكاسات كوفيد19 على المشاركة

السياسية “2021” والحلول البديلة لها.

قد تكون هذه القراءة سابقة لمآلها، عن تداعيات كوفيد 19 على الواقع السياسي المغربي، وقد أجد من يعارض حتى تداعياتها والأرضية التي بنيت عليها، لاكن المتتبع للشأن السياسي هو من سيجدها تضرب ناقوس الخطر لأزمة تلوح في الأفق، وذلك نتيجة لضعف ومكانة الأحزاب السياسية في مواجهة تدبير المرحلة على أكمل وجه، وهو ما يشكل لذى بعض الباحثين في الشأن السياسي تدبير توقعي للمرحلة الانتخابية المستقبلية تشهد نوع من العزوف السياسي الذي سيرخي ظلاله على انتخابات 2021.

أمام هذا الترقب والخوف من طرف الأحزاب السياسية المغربية وهو ما يجدد التصور الذي قمت بمقاربته من زاوية ان صح القول الاغتراب السياسي أو العزوف السياسي المقبل، ظهور بعض النقاشات تحث زاوية ” اجبارية التصويت” كحل من الحلول البديلة لتكثيف المشاركة السياسية، رغم لا لها ممن سلبيات على حرية الرأي والتعبير” لحزب المقاطعين”. ونفس هذا الجدال يجرنا لمشهد سياسي سبق أن عرفه المغرب في زمن التسعينيات من القرن الماضي. رغم ما ساد تلك الفترة من جدل حاد بين مختلف المكونات السياسية حول إجبارية التصويت. هذا من جهة ومن جهة أخرى على إثر هذه التداعيات التي خلفتها أزمة كرونا وعمقت المشهد السياسي، أثارت ضرورة وإلحاح الظرفية إلى الدعوة بتأجيل انتخابات 2021 إلى تاريخ لاحق، الهدف من تجاوز عتبات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي خلتها، الى جانب جمع الأنفاس وتجديد الخطابات السياسية الرنانة للأحزاب المغربية ممن جهة أخرى والتفكير بمعية إلى استرجاع ثقة المواطن الضعيف ولو ببصيص من الأمل من طرفها.

ويرجح أصحاب هذه النظرية الى مجموعة الأمور مفادها من الناحية الواقعية والموضوعية، الأضرار الاقتصادية الكبيرة التي شملت مجموعة من القطاعات والفئات الاجتماعية، ويتطلب ذك على الأقل سنة بعد رفع الحجر الصحي لكي تتعافى هذه القطاعات والفئات، على أساس تتخذ الحكومة التدابير الازمة للتخفيف من هذه الأضرار.

ولذلك فإنه خلال سنة 2021 سيكون اهتمام المواطن بالشأن السياسي ضعيفا، مما قد يولد ظاهرة العزوف السياسي وضعف المشاركة في الانتخابات، وقد تشكل نسبتها أقل بكثير من استحقاقات 2016.

جانب آخر قارب على ضرورة تأجيل الانتخابات بمجموعة من المبررات مفادها، أن تنظيم الانتخابات غالبا ما تسبقه شكليات منها، محاولة إعادة النظر في القوانين الانتخابية، والتمويل العمومي للأحزاب وللحملات الانتخابية، ومراجعة اللوائح الانتخابية والتسجيل فيها، والتوافق على نمط الاقتراع والتقطيع الانتخابي ونظام الكوطا، وغيرها من النقاشات السياسية المكثفة بين الحكومة والأحزاب السياسية، وعقد الندوات سواء عبر منصات اعلامية أو مواقع الكترونية.

ولذلك لن يكون الوقت سانحا بما فيه الكفاية للإعداد للانتخابات 2021 بالشكل الديمقراطي التي تريده الدولة والأحزاب والمواطن.

لكن في ظل هذه الاكراهات والرهانات و بالرجوع للقاعدة الدستورية التي حددها المشرع في الفصل 62 مدة وولاية مجلس النواب في خمس سنوات. مدى أحقية هذه الدعوات وهل يمكن الاستجابة لها.

إلا أن أصحاب هذا الرأي والتوجه أقروا بضرورة أن مصلحة الوطن وصحة المواطن قد تفرض في بعض الأحيان تجاوز بعض النصوص والمواعيد الدستورية والقانونية، باعتبار أن حماية النظام العام والصحة العامة للمواطنين هي مصالح عليا جديرة بالحماية في مواجهة الأزمة الصحية، باعتبارها كارثة انسانية عليا قد تؤدي، في حالة عدم التصدي لها إلى خسائر في الأرواح والأموال.

لكل هذه الأسباب يرجع مطالبة بعض الأحزاب السياسية المغربية تأجيل الانتخابات سوى خدمة لمصالحها الضيقة لا غير، وذلك معرفتها المسبقة للأخطاء التي وقعت فيها ورغبة منها لتصحيحها، من أجل مواجهة واقع مخيف ينتظرها كصفعة رد دين من مدين ألا وهو عزوف المواطن الضعيف عن المشهد السياسي.

خاتمة:

وخلاصة القول يبقى المشهد السياسي المقبل حلقة لغز، ستجيب عليه الانتخابات المقبلة وتحددها أرقامها وتعطي لكل باحث إجابة، إلا أن الأزمة الصحية الحالية لفيروس كرونا قد أجابت عن العديد من التساؤلات وكشفت المستور عن ضعف الأحزاب السياسية المغربية في تدبيرها لمثل هذه الكوارث الانسانية، وذلك لا من حيث ضعف خطاباتها وغيابها على الساحة الوطنية أو من خلال لعبها دور الوسيط ما بين الدولة والمواطن.

* طالب بسلك الماستر التشريع وعمل المؤسسات الدستورية والسياسية بكلية الحقوق سلا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • محمد
    منذ 4 سنوات

    موضوع جيد بارك الله في هذا الطالب