منتدى العمق

جانب من معاناة الفائزين بقرعة أمريكا 2020

لا مراء من كون الحصول على تأشيرة اللوتري الأمريكية يعتبر فرصة حقيقية للعديد من الشباب في جل ربوع العالم لتغيير وضعياتهم الاقتصادية والاجتماعية.

شهدت قرعة الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لسنة 2020 عدة محطات أثرت على نفسية المقبولين فيها. فابتداءً تخوف المعنيون من مشروع قرارين رئاسيين حول health insurance وpublic charge مفادهما على التوالي إثبات المتقدم لتأشيرة اللوتري لإمكاناته المادية بخصوص التأمين الصحي وعن عدم استحالته إلى عالة على المجتمع الأمريكي. بعد شد وجذب لما يقارب ثلاثة أشهر، وبعد مرافعة من بعض الجمعيات والقضاة بأمريكا تم إجهاض مساعي ترامب مؤقتا. تنفس المعنيون الصعداء لبعض الوقت، ليباغَت العالم بانتشار جائحة كورونا السريع؛ انتشارٌ أوقف معه الخدمات المتعلقة بالقنصليات والسفارات الأمريكية في معظم دول العالم، كما أنه أوقف في الحين نفسه حركة النقل البري والجوي بين الدول.

إزاء المستجدات أعلاه، المتعلقة بجائحة كوفيد 19، توقفت برمجة مقابلات الفائزين بالقرعة الأمريكية، وتوقف معها إصدار التأشيرات. كما وجد العديد من الحاصلين على “ڤيزا هجرة” سارية المفعول أنفسهم ممنوعين من حق السفر ما أدى إلى انتهاء صلاحية تأشيرات المئات منهم عبر العالم، في حين يعيش أغلب من تبقى في تأشيرته وقت من الصلاحية بين الخوف والرجاء؛ خوف من نفس مصير زملائهم ممن انتهت تأشيراتهم قبل رفع قيود السفر بين الدول، ورجاءٌ في حل -ولو استثنائي- يمكّنهم من السفر والالتحاق بالبلد الذي طالما حلموا بالهجرة إليه.

ولأن المصائب لا تأتي فرادى على هذه الفئة، فقد مدد الرئيس ترامب في 22 يونيو 2020 من قراره الرئاسي التنفيذي ليوم 22 أبريل؛ القاضي بتوقيف إصدار جل تأشيرات الهجرة إلى أمريكا، وذلك لغاية 31 ديسمبر من نفس السنة، مع إضافة أنواع تأشيرات أخرى إلى زمرة الحظر والتوقيف.

أمام المشهد السالف الذكر، لا يملك المعنيون خيارات عديدة في ظل عدم استئناف القنصليات والسفارات الأمريكية لعملها بعد، وفي ظل تضارب الأخبار التي يتلقاها بعضهم من تواصلهم عن بعد مع قنصليات وسفارات الولايات المتحدة الأمريكية ببلدانهم الأصلية، وفي ظل اقتصار سياسة الولايات المتحدة الأمريكية نفسها على إعادة العالقين في بلدان أخرى من حاملي الجنسية والمقيمين الدائمين؛ مستثنية حاملي تأشيرة هجرة التنوع باعتبارهم مشاريع مستقبلية لمقيمين دائمين. وللإشارة فقد شذت مصر في العالم العربي عن تلك السياسة إذ مُنِح حاملو تأشيرة الهجرة فيها حق السفر استثناءً مع حاملي الجنسية والمقيمين الدائمين. وهذا مطلب ينادي به المعنيون في دول عربية أخرى.

يلوح في الآن نفسه، مطلب آخر يراه المعنيون محتاجا للوضوح ورفع اللبس، وهو ذاك المتعلق بمسألة ضمان تجديد التأشيرة، تباعا للمصرح به في موقع وزارة الخارجية الأمريكية. ويتخوف حاملو التأشيرات المنتهية الصلاحية من غمطهم من حق التجديد خصوصا بعد توصل بعضهم برسائل تلمح إلى تعليق التجديد إلى حين انتهاء القرار الرئاسي الجديد لترامب في 31 ديسمبر 2020. وهو ما يعني وأداً رسميا لحلم الهجرة إلى بلاد العم سام.

يبدو جليا مدى عمق الأزمة التي تسببت فيها جائجة كورونا للولايات المتحدة الأمريكية، أزمة اقتصادية خانقة أوصلت معدلات العطالة إلى مستويات لم تعرفها أمريكا منذ الكساد الكبير. لكنها بالمقابل أزمة ربما يستغلها ترامب المناهض لسياسات الهجرة الأمريكية في تنفيذ غاياته بتضييق برامج الهجرة وفق ما يخدم مشروعه منذ البداية، ووفق استعداداته للاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وهنا يبقى الضحية من كل هذا هو ذلك الفائز في القرعة الذي منّى النفس بالهجرة إلى بلاد أكثر رحابة وديمقراطية، وذلك الحاصل على تأشيرة الهجرة الذي استعد نفسيا وماديا للسفر والانطلاق نحو عالم جديد. معاناةٌ نفسية قد لا تكون ضمن أولويات ترامب الانتخابية، ولكنها محطمة لأصحابها خاصة إذا ما عرفنا أنه على سبيل المثال لا الحصر يوجد من ضمن الحاصلين على التأشيرة من استقال من عمله وتجرد مما وراءه وأمامه من ممتلكات في بلده الأصلي بغية هجرة دائمة إلى بلاد العم سام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • مم
    منذ 4 سنوات

    حلمنا ضع فللحظة