منتدى العمق

“يوم من أيام الطالب المغربي”

كالعادة وانا في المقهى اطلع على ابرز عناوين الصحف وأستنشق ما طاب من روائع العطور التي تفوح من المارة الموظفين وأطفال المدارس من مختلف الجهات، ممزوجة بدخان سجائر مارلبورو متجهة من جهة اليسار مباشرة الى انفي الصغير الذي اصابه الزكام. اذا بي وجدت اعلانا في الصفحات الاخيرة اسفل الجريدة لفت انتظاري بحيث يقول بأن في حي الوحدة شارع الغربة توزع هناك الخيبات بالمجان لمن اراد الالتحاق ان يتجه صوب المكان في وقت مبكر يوم الاحد، شريطة ان يكون المستفيد يحمل في هويته علة ما، لكي يكون من اولئك الذين يضمنون نصيبهم او ممن يكون لديهم حظ وافر في اظفار ولو على الاقل بخيبة واحدة لان هذا المشروع كما اشار صاحب المقال يتوافد عليه مجموعة من الناس ويتزايد عددهم كل اسبوع، الا ان الكاتب لم يذكر ما هي العلة التي يجب ان تكون في الانسان ليفلح صاحبها لو توفرت فيه، فهي جوهر وجوكر المقال، بينما لمح اكثر من مرة على ان هذا السر سيتضح لك جليا عندما تصل هناك.

وضعت الجريدة على المائدة جانبا شعلت سجارتي بعدما عذبتها وبدأت افكر في الموضوع بجد، توصلت الى ان اذهب يوم الاحد الى المكان المعلوم لكي اجرب حظي مرة اخرى عساه ان يستقيم بعد فشله الذريع في عدة محاولات سابقة.

بالفعل قررت الذهاب، استيقظت باكرا قبل الفجر، فتوجهت الى ذلك المكان، حين وصلت وجدت طابورا بين بدايته ونهايته مسافة تقدر بيوم او اكثر مشيا على الاقدام، بالكاد لا يرى الشخص الاول في الصف ناهيك عن الاشخاص القادمين من مختلف الاماكن مصحوبين باضواء تدلهم عن الطريق لان شمس الصباح لم تشرق بعد، اضافة ان المكان جاء في زاوية يشتد فيها سواد الظلام.

اشرقت الشمس ولا زال الطابور كأنه لم يتغير من جهة الامام حتى وصلت الظهيرة بدأت الحركة تسير بشكل جيد ربما قاموا بزيادة اعوان الابواب والموظفين لان كل شيء بالنسبة لهم يسير على ما يرام، وبعد اذان العصر مباشرة وصلت الى الباب، اي انا الان في الصف الاول؛ اذا بي يقف على وجهي رجل سيء الخلقة وكبير القامة مخاطبا الجميع بينما نظراته المثيرة للقرف متجهة الي يقول انتهى عملنا اليوم الى يوم غد…

هذا ما سمعت منه فقط رغم انه تكلم معنا او بالاحرى معهم الكثير لقد تفاجئت ايما مفاجئة بعد يوم شاق من الوقوف والانتظار وفي الاخير لم اظفر ولا بشيء..ما هذا الحظ التعيس أ أبقى طول حياتي هكذا عديم لكل شيء !! قسما سأبقى هنا قرب الباب لاكون غدا اول المستفدين، وذلك ما فعلت توجهت الى ركن قرب الباب بعدما تشتت الطابور وأغلق العملاق الباب، وذهب الجميع الى سبيل حالهم فنمت مباشرة نوم اهل الكهف، استيقظت على دندنات مجموعة من الاشخاص قرب ذلك الباب الكبير، قد يعتقد المرء انهم ناموا هناك لكن في الحقيقة انا من فعلت ذلك لكن هيهات هيهات..

فكان رقمي الدخول عشرة، عموما لا بأس الرقم قريب وانا استفدت من النوم فلا شيء يدع للقلق..بدأ الناس يدخلون واحد تلو الاخر الى ان وصل دوري انا دخلت من الباب الخلفي بعدما قمت بإلقاء التحية على الجميع.. قيل لي منذ متى وانت هنا؟ اخبرتهم بكل ما وقع وبحماس لكي يشفقون علي..!! قالو لي احقا ما قلته صحيح؟! بلى صحيح بدون شك وملامحي ايضا ومظهري يوحيان ويدلان على ذلك..جلست في قاعة الانتظار على كرسي كثير الدوران والضجبج معا، سكوت رهيب لا اسمع سوى طرطقات احذية الموظفين وصوت يزف به الرياح من النافذة للحشود الغفيرة التي توجد في الخارج. بعدها بلحظات دخلت الى الجناح المخصص للمتبارين قابلت اللجنة المتخصصة في فحص شخصيات الوافدين، طرحت علي مجموعة من الاسئلة كان كل سؤال بمثابة طلقة كلاشينكوف متوجهة نحو رأسي، عموما حاولت ان أجيب على كل سؤال بما يستحق محاولا التوافق بين الوقت وتوظيف المعلومات على الرغم من بلادة الاسئلة.

في الاخير بعد مشاورات وتبادل الاراء بينهم بشكل سري معتمدين طبعا على ما دونوه أثناء إعطائي فرصة الادلاء بما لدي من اجوبة حول أسئلتهم التي طرحت علي فتوصلوا الى حصيلة تفوه بها زعيمهم على ما يبدوا وقال بالحرف ” بعد دراسة ملفك وجدناه لا ينطبق مع الاجوبة التي قدمت من طرفك الان، لذلك يمكنك الذهاب سنتصل بك اذا ما..” قطعته قبل ان ينهي كلامه وقلت..لكن سيدي عن اي ملف تتحدث؟! قال انتهى وقتك ونحن لا وقت لنا لنضيعه…فخرجت مذلولا مطأطأ الرأس بعدما دخلت ميؤوسا..!!

قد يبدوا ما كتب أعلاه شيء تافه ولا يفيد الانسان في شيء لكن في الحقيقة الامر ليس كذلك، فمن اطلع على حياة معظم الشباب وبالاخص حاملي الشهادات سيجدها مطابقة لهذه القصة، فكثيرا ما تنشر في الصحف سواء اليكترونية او ورقية، مباريات في مختلف المجالات وفي بعض الاحيان في تخصصات لا تليق بتلك الشهادات لكن على الرغم من ذلك يضطر هذا الشاب ليدفع لهذه المباراة نظرا للظروف التي يعيشها وفي الاخير لا يقبل..!
وهكذا يعيش هؤلاء حياتهم..

تعليقات الزوار

  • اميين
    منذ 7 سنوات

    ???

  • أحمد
    منذ 7 سنوات

    ??