وجهة نظر

الدولة المغربية.. إلى أين ؟

ما بال الدولة المغربية تتخبط في مشاكل تخلقها بيديْها منذ مطلع 2017؟ أحقا تسبب “البلوكاج الحكومي” في كل هذه الأفعال الصبيانية التي يقوم بها ممثِّلو المخزن؟ لكن لمَ كل هاته الأفعال الانتقامية من أبناء الشعب المغربي؟ أفقط لتخويف وترهيب الجيل الحالي والأجيال القادمة حتى لا يفكِّر أحد في رفع صوته على الفاسدين؟ 

كانت أول صدمة ترسيب 150 أستاذ متدرب بعد أن اجتازوا مباراة التوظيف، والتي أشار  محضر أبريل إلى أنها مباراة شكلية، إلا أنه بعد أن أصبحت وزارة التربية الوطنية مجرد ملحقة لوزارة الداخلية، فقد تدَّخل “مقدم الحومة” على الخط حتى يرفع تقاريره لأسياده كي يمنعوا المواطنين حقهم في ولوج الوظيفة العمومية بعد أن ناضلوا لأجلها لما يقارب السنة ولا زالوا. ورغم مسيرة الوفاء التي نظمتها التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين، بالإضافة إلى إضراب الأساتذة عن الطعام لثلاثة أيام، إلا أن سياسة الأذان الصَّماء هي المُطَّبقة في دولة يهلِّل مسؤولوها بأنها دولة الحق والقانون.
ورغم الخصاص المهول الذي ما فتئ وزير التربية الوطنية أن تحدث عنه، سواء داخل أسوار البرلمان أو أمام وسائل الإعلام، والذي دفع به إلى أن يعلن عن مباراة التوظيف بموجب عقود مع حاملي الشهادات.. فإن فسخ العقد بدون مبرر كان هو الحل المثالي الذي اتخذته الوزارة الوصية ولربما تكون الداخلية هي الفاعلة، ما دامت وزارة التعليم مجرد ملحقة.. تعود الدولة مرة أخرى إلى سياسة الإقصاء المجاني ظلما وعدوانا، بل بلغت حدة التعامل أن منعتهم القوات المساعدة حتى من دخول باب أكاديمية الدار البيضاء. رغم أن هؤلاء الأساتذة المتعاقدين الممنوعين من حقهم في الوظيفة بالتعاقد وقَّعوا عقود التوظيف في وقت سابق بعد إعلان نجاحهم في المباراة التي نظمتها الوزارة.
تتوالى الصدمات الواحدة تلو الأخرى، من طحن بائع السمك بالريف إلى اختفاء حمودة الشاب الذي نشر شرائط يكشف الواقع بمدينة آسفي إلى غير ذلك..
ما هكذا نبني الدولة الديمقراطية يا سادة !
حقا، مصائب الشعب عند المخزن فوائد وهي لا تنتهي، فالمفسدون لا يستطيعون الجلوس دون الوقوف بوجه أبناء الشعب.. أو كما سَمَّاهم ابن حزب الاستقلال بالدولة العميقة، فرغم استمرارها في حصار المواطنين إلا أنها أرادت الاستمرار في قطع أرزاق الناس مثلما قامت في الآونة الأخيرة بإعفاء العديد من الأطر الإدارية والتربوية من مناصبها، فقط لانتماءات هاته الأطر أو توجهاتها الفكرية.. والمضحك في مسلسل الإعفاءات أن ذكاء المخزن وصل إلى أن أعفى حارسا عاما تقاعد سنة 2016، أضف إلى ذلك تعويض حارس عام بأستاذ منتمي لنفس الجماعة..
وإذا استحضرنا الخصاص الكبير الذي تشهده الإدارة المغربية خاصة بقطاع التعليم، واستحضرنا الكفاءة التي تتمتع به هاته الأطر وبشهادة الجميع.. فيمكن القول إن الدولة المغربية تلقَّت الضربة القاضية من قِبَل أشخاص لا مسؤولين، لايميِّزون بين الصالح والطالح.
وبهذا فإن مساندة هؤلاء المتضررين يستلزم تكثيف الجهود بين جميع النقابات والجمعيات المهنية، للمطالبة بإنصاف هؤلاء ورد الاعتبار للمواطن. نحن لا نريد أن تتفاقم الأوضاع فنصبح مثل سوريا والعراق كما يُرَدِّد عبد الإله بنكيران، ولا نريد أن نصبح مثل سويسرا أو السويد.. نريد أن نحيا في دولة يعيش فيها المواطن كإنسان.