وجهة نظر

شباط شجاع لا بطل

ربما يتساءل الكثيرون باستغراب عن ماذا يحصل هذه الأيام في ما بين حميد شباط وحزبه وبين المخزن، وربما أشكل على كثير من المراقبين والمهتمين أن يصنفوا الرجل الأول في حزب علال الفاسي.

فحميد شباط الذي فتح باب الشعبوية في السياسة المغربية، وهو الرجل الذي قاد حملاته المدججة على ساكنة فاس وأرعبهم ومرشحيهم في أيام خلت، وهو الرجل الذي اغتنى من المال الخاص والعام حتى كون ثروة تقدر بالملايير من لا شيء وأمام مرأى ومسمع المخزن، هو الرجل نفسه الذي يخرق القاعدة ويعلنها حربا عشواء على دار المخزن والمحيط لا يقدر على مثلها إلا الشجعان.

ليس استثناء في سيرة الرجل الذي لا يتكرر إلا نادرا، فشباط ذو التعليم المتدني والقادم من عالم الحرف الشعبية يترقى بعصاميته وحزمه لينتصر على أخطوبات آل الفاسي وينصب أمينا عاما فوق العادة لحزب علال الفاسي في منصب ظل حكرا على أهل الدار.

فتصريحات الرجل المستفزة لحزب الأصالة والمعاصرة ولأمينها العام والاتهامات الخطيرة لبنكيران وحزبه ظل الكثيرون يصنفونها في ظل الشعبوية والخروج عن اللباقة ولم تحسب للرجل مادام الكثيرون أيقنوا أن حميد شباط وحزبه جزء لا يتجزأ من منظومة المخزن وأنه لن يكون إلا كذلك.

لكن وقوف شباط الأخير مع بنكيران وفاء بالوعد والعهد رفع من قيمة الرجل في الأوساط الشعبية وحاز تعاطف الكثيرين وأنذر بقومة لحزب علال الفاسي الذي غاص في مستنقع المخزن مذ تجربته في ما سمي بالكتلة الديمقراطية..لكن تصريحاته الأخيرة بخصوص الوحدة الترابية لموريطانيا في وقت عصيب والتي جرت عليه بداية المقت والغضب الفوقي حتمت على بنكيران استبعاده من خارطته الحكومية..لكن شباط ظل صامدا ولم يندم.

رغم كل ما قيل فحميد شباط ليس بطلا، فالبطولة شرف الوسيلة، ووسائل شباط في الارتقاء لم تكن شريفة البتة، لكن حميد شباط رجل شجاع خرق القاعدة التي كانت تقتضي أن يفسد الرجل ويتمتع في نفوذه وماله برضى من صنعوه، لكن شباط فسق عن أمر ربه مادام أن هناك الكثير من شباط في النقابات والإعلام وعلى رؤوس الأحزاب لكنهم لا يمتلكون ما يكفي من الشجاعة لتحولوا إلى شباط حقيقي.

لقد تساءل الكثير من الأصدقاء باستغراب عن كيف أن بنكيران الذي ظل يصرح فخرا بأن ذمته طاهرة وأن بطنه فارغة لم تكن له الشجاعة الكافية للقول تصريحا لا تضمينا إن من قتلوا باها والزايدي في وادي الشراط فعلوا ذلك لغاية، لكن حميد شباط قالها ولمح، في حين دعا بنكيران وحزبه إلى احترام التحقيقات.

لكن هذه النقطة وإن كانت تحسب لشباط الذي اعتمد سياسة الأرض المحروقة، فبنكيران ليس هو شباط، فبنكيران يتعامل بمنطقه الاخواني الذي لا يروم المواجهة بقدر ما يروم التوغل والاختراق، فبنكيران يحمل مشروعا ليس يملكه وحده ولكن وراءه من وراءه.

إن حميد شباط يفكر بمنطق رئيس العصابة الذي لا يخشى العواقب الجمة مادام أن ما قد يأتي قد يكون مرضيا بالقدر الذي يكفيه وحزبه، فهو إما أن يتحول إلى ملهم للجماهير أو يسير إلى زوال.

هذا دون أن ننسى أن نذكر القاريء الكريم أن ما اعتمده شباط بالقوة هو ما كان مهده بنكيران في عالم السياسة المغربية حين فصل الملك عن محيطه حتى أمكن الطعن في المخزن منعزلا عن الملك.

إن القادم من الأيام هو الكفيل بالإجابة عن كل ما قلناه وقيل. وهو الكفيل بالإجابة عن ما إذا كان شباط مكرها أم بطلا.