وجهة نظر

الإسلام يعيش حربا وليس أزمة

استطاع تصريح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وحدث الطالبة مريم بوجيتو أن يكشفان الوجه القبيح لمن يدعون أنهم مهد الحضارات وأحفاد فلاسفة الأنوار، وبكونهم يتمثلون شعار “الحرية، العدالة، الأخوة” ويجعلون من المساواة شعارا لنهضتهم الحضارية وثورتم الفكرية.

إن تصريح ماكرون بكون الإسلام “ديانة تعيش اليوم أزمة في كل مكان في العالم”، معلنا توسيع الحظر على الحجاب ليشمل جميع مقدمي الخدمات العامة في فرنسا، إذا أضفنا إليه حادث انسحاب البرلمانيين المحسوبين على اليمينيين والجمهوريين من اجتماع غرفة البرلمان الفرنسي احتجاجا على ممثلة الاتحاد الوطني لطلبة جامعة السربون المحجبة _ يكشفان هاذين الحدثين اللذين حصلا تباعا في ظرف لا يتجاوز الشهر_ الجذور التاريخية الخبيثة للعلمانية المقدسة التي كان فيها الصراع مستحكما بين الدولة والكنيسة لتنتقل في مرحلة أخرى إلى العلمانية الراديكالية سنة 1880 والتي أقرت قوانين تعلن فيها بأن الجمهورية ليست بحاجة إلى الله لتسيير أمورها.

إنه من غير المستغرب هذا السلوك التمييزي العنصري الذي انبرى له رئيس فرنسا ونوابها في مواجهة، الديانة الإسلامي خاصة إذا استحضرنا أن الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا محتفظة بسلوكها الكهنوتي وقوتها في الحياة الفرنسية حيث أضحت متماهية مع الهوية الوطنية الفرنسية، ولذلك كان من الصعب عليها أن تفسح مجالا للحرية الدينية، وهذا ما يفسر حدود العنف الذي استخدمته وما زالت تستعمله ضد مخالفيها.

نقول لماكرون ونوابه ومن يسير على دربه الإسلام يعيش حربا ضروسا عليه وليس أزمة كما تجنيت عليه وأن ما تعيشه أمتنا الإسلامية في الآونة الأخيرة من حروب وويلات و فتن و خطوب ما هي إلا مكائد و نعرات من تخطيط وصنع أعدائها بغرض شيطنتها و إضعافها و فرملة نموها و تطورها و تفكيك و حدتها و تشويه حضارتها و مسخ هويتها، و غزو تاريخها و تزييفه، تمهيدا لنهب خيراتها و سلب ممتلكاتها و قرصنة مقدراتها كما فعل أجدادكم الذين صعدوا على جماجم شعوب الأمم المفقرة.

* محام وباحث في القانون الدولي الإنساني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *