وجهة نظر

“المغالطات المنطقية” في عودة المغرب للاتحاد الأفريقي

لا يجادل اثنان في كون عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي تعتبر مكسبا كبيرا وتعد بمثابة تصحيح لقرار اتخذ في ظرفية خاصة بشكل أحادي وانفعالي من قبل الحسن الثاني، الأخير الذي كان هو صاحب الصوت الوحيد والأوحد الذي لا يعلا عليه ولا يقبل مناقشة في إدارة وتدبير المشكل.

الانضمام للمنظمة سيمكن المغرب من تدارك الأخطاء السابقة، كما سيمكنه كذلك من الحيلولة دون لعب الأولى لدور المتحدث الرسمي باسم البوليساريو في المحافل الدولية بما جعل الرباط تحس -ولو بشكل متأخر- بحجم الخطورة التي تشكلها سياسة “الكرسي الفارغ”، بما جعل الأطراف المعادية تستغل الأمر وتوظيف هياكل المنظمة في الترويج للأطروحة الانفصالية وبما جعل الموقف المغربي مثيرا للشفقة في المحافل الدولية.

لكن كذلك هذا لا يعني تناسي أو التغافل على حقيقة أن هذه العودة ليست انجاز بمعنى انجاز وانتصار فعلي ، بقدر ما هو في حقيقته تصحيح لخطأ وإعادة الأمور على مسارها الطبيعي لا أقل ولا أكثر، بما يعني أن ما يتم الترويج له إعلاميا فيه كثير من المبالغة وربما التشويه الذي لا يقف على كل الحقائق، بل ودون تناول لمخاطر هذه العودة التي حتما ليست كلها ايجابية (البوليساريو نفسها ترحب بالعودة).

لذلك نعتقد أن من التغليط والغوغائية الإعلامية الاحتفال والتباهي بالعودة للاتحاد الأفريقي وتصوير الأمر على أنه “انجاز دبلوماسي” عظيم، بينما كان الأحرى بنا السؤال والتساؤل أولا لماذا خرج المغرب من المنظمة أصلا؟ وبما أن قبول عضوية البوليساريو كان هو السبب الرئيسي لذلك، (وهو الأمر الذي لا يزال قائما)، فمن يجب أن يتحمل مسؤولية الثلاثة والثلاثين عاما من تكلفة اللا-انضمام وتكلفة سياسة الصوت والإدارة الواحد للقضية؟.

مرة أخرى سيخرج علينا مختلف المزمرين والمطبلين والمبجلين… لتصوير الأمر على غير حقيقته، وسيحاولون إقناع عامة الناس بتلك الاسطوانة والرواية المشروخة، ” أننا بفضل جهود شخص وبفضل السياسة الحكيمة وووو.. تمكن المغرب من تحقيق “معجزة دبلوماسية” وما إلى ذلك من البروباغندا الإعلامية الفارغة، كما يفعلون دائما…، ومن سيرفض التوجه الرسمي أو لا يريد الدخول مع كوكبة المزمرين فهو خائن للوطن والقضية وغير ذلك من التهم الجاهزة .

ببساطة هكذا سيصورون لنا الأمر والجميع للأسف سيصدقهم، رغم أن هذا لم يكن في يوم من الأيام مشكلة من الأساس لأنه لم يكن هناك مانع في الأصل، وبذلك يتم إلهاء الجميع عن السؤال المحوري، من يجب أن يتحمل مسؤولية الانسحاب سنة 1984؟.

هي الإجابة بسيطة ومعروفة، وهي مسألة سوء تقدير للموقف من قبل القصر الذي يتحمل المسؤولية الأولى لسوء إدارته للملف (القضية).لكن بما أن القصر هو الذي لا يزال يملك جل خيوط اللعبة ومن يحتكر هذا الملف، فالأحرى إذا بل ومن حق المواطن أن يساءل أو على الأقل يستفسر عن حصيلة الفترة السابقة كأضعف الإيمان.

لكن تأكدوا أن لا أحد منهم سيخبركم أن المغرب وممثل المغرب سيجلس جنبا إلى جنب مع ممثل “دولة وهمية” كما في أدبيات دبلوماسيته، ولا احد سيخبركم أن صوت دولة وبلد كالمغرب سيتساوى تماما مع هذا البلد الوهمي في الحقوق والواجبات، والأكثر من ذلك أن الخطوة المغربية قد تتخذ بعدا أخطر وتتحول إلى رصاصة طائشة تقلب كل الموازين، وهو ببساطة أن تعتبر الأمم المتحدة جلوس المغرب إلى جانب البوليساريو هو اعتراف رسمي وبالتالي ما المانع إذا من اعتراف الأمم المتحدة أو حتى دول كبرى من داخلها بها….

ومن كل هذه الزوبعة دائما يبقى المواطن هو آخر من يستشار وآخر من يقرر، مع أنه أول من يؤدي الثمن وأول من يدفع التكلفة ، فعلى الأقل احتراما وتقديرا لهذا السخاء والدعم اللا مشروط وثقته العمياء لطريقة تدبير الملف من قبل القصر، كان الأحرى أن تتم مكافئته ولو لمرة، على الأقل باستفتاء رأيه من مسألة الانضمام، (حتى وان منا نعرف أن الأمر سيكون شكليا)، لكن على الأقل يحس المواطن أنه فعلا يقرر في إحدى قضاياه المصيرية، بل حتى النظام سيجدها فرصة أخرى لتسويق ديمقراطيته للخارج.