منتدى العمق

العنوسة بالمغرب

المرضُ الذي أخذَ ينتشِرُشيئاً فشيئاً، ويُخيفُ الأُسر هو مرضُ العنوسة.

والأسبابُ التي أدَّتْ إلى انتشار هذا الوباء كثيرة ولا نستطيعُ حصرها؛ لكن أبرزها هوَ عدم الشباب القدرة على الزواج ماديا؛ وهناك عقلية الفتاة المغربية بالخصوص والعربية عامة.

وسنُلقي الضوء عن هذين النقطتين ولو أننا لن نوَفِّيهما حقَّهُما بالتحليل، لأن المعضلة تتطلَّبُ سنواتٍ من الشرح الدقيق للوقوف على مكامنِ الداء وعلاجه.

فمن الناحية المادية، فالزواج يتطلب مصاريفا مُداومة وكثيرة؛ ومن ليس له مدخول قارٌّ فسيُعرِّضُ نفسه وأسرته لكوارث لا تُحْصى…فهناك السكن والطعام والتطبيب والدراسة وغيرُها من المتطلبات لا تتوقف.

لكن، وحتى ولو قُمتَ بالزواج من إنسانة عاملة، فهناك ثغرات تخرجُ للوجود في حياتكما الزوجية.
فالمشكل يبدأُ من الأعلى.

ويمكنُ لنا أن نُحَدِّدَ عاملا مُهماًّ يسبِّبُ في انتشار العنوسة وهو:

لا يخفى على أحدٍ أنَّ النخبة الحاكمة في البلاد تستحوذُ على كل المناصب. فالوزيرُ مثلا لوحدهِ يُديرُ أكثر من منصب…فهو وزير ومدير شركة ورئيس مجلس بلدي وزعيم نقابة وووووو…قد نقول أكثر من عشر رواتب يتسلمها في الشهر، ناهيك عن الاختلاسات والممارسات اللاشرعية التي تُدِرُّ أموالا طائلة، كأَنْ تجدَهُ مثلاً يُتاجر في المخدرات بعلم وزارة الداخلية والجمارك وووو. ولا يفوتنا أنَّ جميع أفراد أسرته لهم مناصب، ومنهم من لم يتجاوز سنَّ الثالثة من عمره…فإن كان ابنه يدرسُ في أمريكا فسوف تجد له رقما ماليا في المغرب، وزوجته وأصهاره وقبيلُهُ…

هذا يجعلُ من عدد المناصب الذي يستحوذ عليها تفوق المائة وزيادة. فكيف لمائة شاب استولى على مناصبهم أن يجدوا القدرة على الزواج؟…فليست تلك المعارك والعجاج الذي يُثارُ في الانتخابات وتشكيل الحكومات إلا للفوز بتلك المناصب…لأنَّ عندنا ليس هناك حسيبٌ أو رقيب. ورؤساء المجلس الأعلى للمُحاسبة ما يقومون به أعظم مما يقوم به غيرهم من الوصوليون. وهل سمعتَ يوما أنَّ وزيراً من الوزراء أُلْقِيَ عليه القبض وسُجِنَ؟…فإنْ حدث ذلك فسيكون معجزة أعظم من معجزات عيسى عليه السلام.

السبب الثاني للعنوسة هو عقلية بعض الفتيات المغربيات…أولا هي عقلية يتحكمُ فيها الدجل والشعوذة…والأمُّ هي من توحي لابنتها بالطريقة المفضلة لاختيار الزوج. وبالفعل، كل أمٍّ تنظُرُ إلى جيب الزوج أكثر مما تنظرُ إلى أخلاقه…وعندما يصعبُ إيجاد الزوج المثالي تجدُ الفتاة نفسها قد بلغتْ سن العنوسة، فتشرع في البحث عن زوج بكل الطرق المُتاحة لديها: (فقد رأيتُ نساءً يصبحنَ سكِّيرات من أجل الفوز بزوج، لأن السكارى لا يفرقون بين هذه وتلك حتى يجد نفسه وقد ارتبط بمصيبة لا فكاكَ منها)؛ (ثمَّ هناك نساء لا يخرجنَ إلا ليلا ليعرضن أنفسهن للاغتصاب حتى تُصبحَ زوجة لذلك المغتصب)…

وبإمكاننا أن نطرحَ المئات من الأمثلة عن عقلية الفتاة قبل بلوغها سن العنوسة وبعد العنوسة، لكنَّ في الإطالة يُصبحُ الموضوعُ مُمِلاًّ.وسأكتفي بهذا القدر إلى مقال آخر إن شاء الله.