وجهة نظر

هل أحزابنا مستقلة في قراراتها؟

من الصعب جدا إقناع المغاربة بالتصويت في الاستحقاقات القادمة؛نظرا لتعثر الحكومة الحالية للاستجابة لحاجات وحاجيات المواطنين؛ خصوصا الطبقة المتوسطة والطبقاتالمسحوقة الذين ذاقوا الويلات أكثر من أي وقت مضى منذ تولي هذه الحكومة تسييروتدبير شؤون هذه البلاد؛كما يصعب منح الثقة من جديد للحزب الذي يقودها والاحزابالاخرى التي تمشي خلفه؛خصوصا عقب فشلهم الذريع الذي ظهر للعيان في مواجهةوباء كورونا؛والفضائح التي ارتكبها بعض المنتسبين الى هذا الحزب أو ذاك.

وهكذا؛ يكون المغاربة قد جربوا كل الالوان الحزبية؛ يمينا ويسارا ومتأسلمون، لكنهمعبروا على امتداد الولايتين السابقتين عن عدم الرضى كما عبروا عن السخط الكبير منممارسة وخطابات الجميع؛ كما عانوا من تعرضهم للاحتقار والدونية من بعضهم وفيمناسبات عدة؛هل سينسى المغاربة ذاك الذي صاح في وجوههم من داخل قبة البرلمان:” اللي عاطينا اختو ايجي يديها” ما ألف المغاربة أن يخاطبوا بمثل هذا الأسلوب المنحط.

ما العمل إذن؟ هل نقاطع الانتخابات أم نكررالتجارب السابقة؟ ونظل كحمير السانية،ندور في نفس المكان معتقدين أننا نسير الى الأمام، فيما نحن في واقع الأمر ندور فيأمكنتنا؟.

لا هذا ولا ذاك، على جميع المغاربة أن يذهبوا وبكثافة للتصويت يوم الاقتراع؛ وأن يتذكرواوهم وحيدين داخل المعزل؛ كل تلك السنوات الماضية التي ذاقوا فيها كل الويلات والمعاناة؛والقهر والحرمان والاضطهادات؛ثم يفكرون ألف مرة قبل الاستقرار على الاختيار؛ولكنكيف سيستقر رأيهم عن حسن الاختيار إن لم يجدوا من يقنعهم للتصويت عليهمواختيارهم؟ هل سيكونون مجبرين على إعادة نفس التجربة مرة أخرى؟ أم يقاطعونمقاطعة تعبيرية برمي الاغلفة فارغة ؟ هنا تكمن المشكلة؛ ويلزم التفكير فيها قبل يومالاقتراع؛ والتحضير لها بشكل جيد أثناء الحملات الانتخابية للاحزاب التي ستشارك فيالعملية؛وفي هذا المجال يفترض أن يكَوِّنوا لُجينات على مستوى الأزقة والأحياء؛ وأنيتقاسموا الافكار و النقاش والتداول وتبادل الآراء كما يفعلون على مواقع التواصلالاجتماعي؛ حول الاحزاب التي تقدم أحسن العروض، وأشرف الممثلين وأنزههم؛ ولايغرنكم أموالهم أو جاههم؛ و لا تصوتوا على ذوي التجارب الفاشلة السابقة؛اختارواالاحزاب التي لم يسبق لها أن ساهمت في الكوارث السابقة،كما على المغاربة أن يتعلمواكيفية عقاب الأحزاب التي لا تف بما التزمت به أثناء حملاتها الانتخابية؛علينا جميعا أننتحمل المسؤولية وننخرط بوعي في العملية؛ لأننا الطرف الفاعل الحقيقي في عمليةاالإقتراع؛فبدون أصواتنا تختل العملية الديمقراطية؛ وبدون أحزاب ليس هناك ديمقراطية؛فالحل إذن للتغيير هو الانخراط المكثف وحسن الإختيار؛ للوقوف سدا منيعا في وجه كلالفاسدين والمفسدين؛ فلا أحد يستطيع محاربة الفساد إلا المكتوون بناره؛والذين ذاقواعذابه وويلاته و تجرعوا آثاره السلبية.

إن الرجعية تتخذ عباءات متعددة الألوان، وقد تجعل من الخلافات البسيطة مركزا لإلهاءالناس وتحويل انتباههم الى الجزئيات عوض الأساسيات؛ كاستعمال العواطف أوالشعائر الدينية أو المقدسات؛إن ما يهمنا في الدنيا يجب أن يكون واضحا وشفافا، ومايهمنا في الآخرة نعلمه أكثر من غيرنا؛ لأنه قائم بيننا وبين خالقنا؛ ولا حاجة لنا لوسيطبيننا وبين مولانا؛ففي جميع الأحوال يلزمنا القيام بالواجب والتصويت؛ واختيار منيقدمون أقل الأضرار على الأقل؛ ولا نترك المجال فارغا ليعبث فيه أعداء الديمقراطية.

لكن من جانب أخر، لا بد للأحزاب التي لم يسبق لها أن تحملت مسؤولية تدبير وتسييرالشأن العام بالبلاد، سواء على مستوى الحكومة أو على مستوى البرلمان أو الجماعاتالمحلية؛ أن يختاروا من مناضليهم أحسنهم وأشرفهم؛ عوض الالتجاء الى أصحاب المالوتشويه وجه أحزابهم؛كما عليهم الاجتهاد في صياغة برامج يمكن تطبيقها؛ عوض اقتراحبرامج يدركون جيدا أنها صعبة التطبيق ويعرفون جيدا أنها ستتعرض للبلوكاج؛ أو هيفقط مستنسخة من جهات أخرى و تفتقد الأرضية الصلبة التي ستحميها وتدعمها منالسقوط.

فالمغاربة لم يعد وعيهم كما في السابق بسيطا؛ولا معرفتهم بالأمور السياسية و معلوماتهممحصورة ومحاصرة كما في الماضي؛ لقد ساهمت التكنولوجيا الرقمية وخصوصا مواقعالتواصل الاجتماعي في تغيير نظرتهم للعديد من الأمور؛ وعلى رأس ذلك السياسة وقواعدالتسيير والتدبير؛ لهذا على الاحزاب الجادة؛ أن تقدم للترشح نسبة كبيرة من الشبابالمسلح بالتكنولوجيا الرقمية؛ والقادر على فهم المستقبل القريب والبعيد لتطويع قدراتبلادنا على هذا الأساس والخروج بها من براثين التخلف.

هذا جزء من الكل وسنعود الى تفاصيل أخرى بهذا الشأن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *