مجتمع

مرصد البيئة يدين “جريمة الرميلات” ويدعو لتصنيف غابات طنجة كمناطق محمية

طمس المناطق الخضراء يثير جدلا بطنجة

دخل مرصد البيئة وحماية المآثر التاريخية بطنجة، على خط الجدل الذي أثارته عمليات اجتثاث الأشجار بغابة “الرميلات” بطنجة، من أجل إقامة مشاريع عقارية وسكنية فخمة، وهو الملف الذي أثار استنكارا واسعا لدى فعاليات بيئية ونشطاء بعاصمة البوغاز، قبل أن يقرر والي الجهة التدخل لإيقاف المشروع.

فقد أدان مرصد البيئة وحماية المآثر التاريخية بطنجة، ما وصفها بـ”الجريمة البشعة” لاجتثاث الأشجار على مستوى الرميلات، معلنا رفضه القاطع للبناء في المنطقة المعنية “إعمالا لحق المواطن في البيئة السليمة، ومنعا لأي محاولة للتمدد التدريجي في المنطقة وفتحها عمليا أمام البناء في أغلب الأراضي المملوكة أصلا للخواص”.

وحمل المرصد في بلاغ له، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، المسؤولية في هذه الجريمة بشكل مشترك لمقترفيها الفعليين، والذين وجدوا الغطاء “المكشوف” للقيام بفعلتهم في بعض السلطات المعنية بالمراقبة وإنفاذ القانون، مشيدا بتفاعل وسائل الإعلام الغيورة وعموم المواطنين بمواقع التواصل الإجتماعي “الذين كان لهم الفضل الكبير في فضح الجريمة”.

يأتي ذلك بعدما شرع مقاول في أشغال مشروع عقاري سكني بغابة الرميلات (بيرديكاريس) يتعلق بمجمع للفيلات الفخمة، عقب حصوله على الترخيص قبل 4 سنوات، وهو ما أثار جدلا وتساؤلات عن مدى قانونية البناء في ظل رخصة متقادمة، وسط مطالبات بفتح تحقيق.

ووفق مصادر موثوقة، فإن والي الجهة محمد امهيدية، تدخل بحر الأسبوع المنصرم، عقب الجدل الذي أثاره المشروع المذكور، وأمر بتوقيف الأشغال، قبل أن يقوم صاحب المشروع بإزالة اللوحة التعريفية بالمجمع السكني الفخم، والتي كانت تضم معطيات تقنية عن المشروع.

واعتبر المرصد أن “جريمة الرميلات هي الشجرة التي تخفي غابة من الخروقات، لم يتوقف المرصد قط عن الإشارة اليها والترافع فيها بجل غابات طنجة والمناطق المجاورة لها، وهي ملفات تحتاج إلى رجة حقيقية لحمل السلطات المعنية على تغيير مقاربتها لهذا الملف”.

ودعت الهيئة البيئية إلى المراجعة العاجلة لمشروع تصميم التهيئة الحالية والاستجابة فيه لملاحظات المرصد بخصوص حماية وتصنيف المناطق الخضراء بالمدينة ضمن المناطق الطبيعية المحمية التي حددتها مذكرة المرصد بدقة، مقررا إعداد ملف متكامل حول مجموع الانتهاكات التي تعرفها غابات المدينة.

مرصد البيئة المذكور، اعتبر أن غابات المدينة أصبحت اليوم، أكثر من أي وقت مضى، محط هجمات شرسة للانقضاض على ما تبقى منها، محملا المسؤولية لمن أسماهم بـ”مركب المال والسلطة والفساد، بشكل مباشر، عن التدهور المستمر والمتصاعد الذي بات يعيشه الواقع الغابوي بطنجة”.

ونبه المرصد إلى أن غابات المدينة بشكل عام، “تعرف ضغوطا مكثفة على جميع الواجهات من خلال القطع والاجتثاث والبناء ورمي الردمة والأزبال والرعي الجائر وافتعال الحرائق وغيرها من الأفعال الشنيعة التي تجري أمام أنظار المسؤولين وبعلم بعضهم وتواطئ بعضهم الآخر”.

وعبر عن قلقه من “الطريقة التي بات يدبر بها ملف الغابات خاصة أمام الانتعاش المريب للأطماع المحدقة بها”، كاشفا أن المناطق الغابوية التي تم تمليكها إلى الخواص، يجعل منها وفق منطق من يبشر بقدسية الملكية الخاصة، في حكم الإندثار الكلي والنهائي (…) على حساب أزيد من مليون مواطن بطنجة”.

وشدد المصدر ذاته، على أن “ترتيب المسؤوليات يجب أن يتم وفق السلطات المخولة لكل جهة معنية بتدبير الغابات”، مشيرا إلى أن من بين هذه السلطات ولاية الجهة، والمندوبية الجهوية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، والجماعات الترابية المسؤولة عن منح الرخص وسحبها والتصدي للبناء خارج سلطتها ومراقبتها، وكذا  المصالح الخارجية المرتبطة بالبيئة والغابات، ومجلس الجهة.

وتابع البلاغ: “لا يعقل أن تكون لكل هذه المؤسسات جميع الإمكانيات البشرية والمادية واللوجستيكية اللازمة التي تمكنها من الوقوف على صغائر المخالفات في مجال التعمير بالأحياء الشعبية والفقيرة، بينما تعجز عن ترقب وتتبع جرائم بيئية تتم في واضحة النهار وعلى مرأى ومسمع من الجميع بشكل مكرر ومنظم”.

وأشار المرصد إلى أنه سبق أن وجه عشرات المراسلات في الفترة الأخيرة، معتبرا أن “رفض الجهات المعنية التعامل الإيجابي، خير دليل عن غياب الرغبة والإرادة في وفق هذا النزيف”، لافتا إلى أن الأمر يستدعي تدخل المصالح المركزية لمعالجة هذه الوضعية الخطيرة وإلزام المسؤولين الجهويين والمحليين بتطبيق القانون والحزم مع المخالفين.

وذكر المرصد بأن تقاريره السنوية المتعاقبة حول الواقع الغبوي بطنجة، بلغت هذه السنة التقرير الثامن، حيث تقديم اقتراحات عملية وواقعية من أجل تثمين الملك الغابوي وتمليكه للمندوبية السامية للمياه والغابات، مشددا على ضرورة تصنيف غابات طنجة ضمن المناطق المحمية بحكم القانون.

يُشار إلى أن المجلس الجماعي لطنجة، كان قد قرر تشكيل لجنتين لمعاينة مخالفات البناء التي وقعت بمنطقة الجبل الكبير بغابة الرميلات (بيرديكاريس)، بحر الأسبوع الماضي، وذلك بعد الجدل الواسع الذي أثارته عملية اقتلاع من أجل إقامة مشروع عقاري ضخم، قبل أن يقرر والي الجهة التدخل لإيقافه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • Azizaakachar
    منذ 3 سنوات

    Momtaze